لا تسترسلن كثيراً في المناظرات
لا تدعها تأخذ من وقتك ولا اهتماماتك ولا أعصابك أكثر مما يقتضيه حق البيان ، وواجب النصح للمسلمين ، والتحذير من الباطل ، بل قل كلمتك وامض
تذكير لنفسي ولك يا صديقي :
لا تسترسلن كثيراً في المناظرات ، والخلافات ، والمعارك الفكرية على هذا العالم الافتراضي ولا غيره ، ولا تدعها تأخذ من وقتك ولا اهتماماتك ولا أعصابك أكثر مما يقتضيه حق البيان ، وواجب النصح للمسلمين ، والتحذير من الباطل ، بل قل كلمتك وامض ، ولا تطل الوقوف أكثر مما ينبغي ، واجعل اهتمامك بالتأسيس أكثر من انشغالك بالرد والنقض ، وواصل مشاريعك التي أنت عاكف عليها ، وخططك التي رسمتها لنفسك .
ومن خبر أحوال الناس قديما وحديثا ، أدرك أنه قلما رجع إنسان عن مذهبه ، أو ترك معتقده لمناظرة أو نقاش ، لا سيما إن كان ذلك في العلن ، وكان الشخص متبوعا معتدا برأيه ، والسبب الأكبر في هذا يرجع إلى طبيعة النفس البشرية ، التي تتسم بالكبرياء والعناد وتضخم الانا، وتتغلغل فيها الحمية والاعتزاز بالذات ، والحرص على الغلبة والظفر على المخالفين ،حتى يصير التنازل عن الرأي عندها والهزيمة سواء .
ومن هنا كان الاعتراف بالخطأ ، والرجوع عما نشأ عليه الإنسان ، وبقي عليه زمانا طويلا ، من أثقل الأمور وأشقها على النفس ، ولا يطيقه إلا من كان مخلصا ، مريدا للحق ، وباحثا عن الهدى ، لا باحثا عن الجاه والرياسة ، وكثرة الأتباع .
وغالب الناس - إلا من رحم الله - معجبون بآرائهم ، ومتعصبون لمعتقداتهم ، وواثقون بعقولهم ، ومستخفون بغيرهم ، لا سيما وقد صار لكل منا في هذا الزمان صفحة على الفيس ، يعبر فيها عن رأيه ، ويعتز بموقفه ، ويشجعه المتابعون ، وينفخ فيه بالكذب المعجبون ، والله المستعان .
- التصنيف: