نصائح للنساء المتزوجات بشان الطلاق
أرى ألَّا تُفارقَه ما دام لم يخرج عن الإسلام بذُنُوبه، ولكن تصبر وتحتسب من أجل الأولاد وعدم تفرُّقهم، وعليها أن تُكرِّرَ النصيحة لزوجها، فلعَلَّ اللهَ سبحانه وتعالى يهديه على يديها.
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فهذه نصائح للنساء المتزوجات بشان الطلاق جمعتها من مصنفات العلامة ابن عثيمين رحمه الله, أسأل الله أن ينفع بها.
ينبغي للزوجة عدم التسرُّع في طلب الطلاق؛ فقد تندم حين لا ينفع الندم:
قال الشيخ: النصيحة للزوجة لا تتسرَّع في طلب الطلاق من الزوج, بل عليها أن تصبرَ وتتحمَّلَ المرة تِلْوَ الأخرى حتى إذا أيِسَتْ من الصلاح والإصلاح فلا بأس؛ لأن الله تعالى قد جعل لكل ضِيْقٍ فَرَجًا لكم، أما كونها تتسرَّع وتريد من الزوج أن يكون على هواها في كل شيء, فلا ينبغي منها ذلك, وأكثر ما يقع هذا فيما إذا تزوَّج الزوج بزوجةٍ أخرى، فإنها حينئذٍ تُسارع إلى طلب الطلاق والإلحاح عليه، وتندم حين لا ينفع الندَمُ، فنصيحتي لها أن تصبر وتحتسب الأجْرَ من الله عز وجل.
هل الأفضل البقاء مع زوج يُسيء معاملة زوجته أو طلب الفراق؟
سُئل الشيخُ: امرأة متزوجة من رجل، وقد أنجبت منه أربعةَ أولادٍ، ولكنه يُسيء معاملتَها ومعاملة أولادها ومُقصِّرٌ في دِينِه كثيرًا فهو يشرب الخمر، ويتناول الحبوب المخدِّرة، وقد تزوَّج بزوجةٍ أخرى، هل يجوز لها البقاءُ معه على تلك الحالة؟
قال الشيخ رحمه الله: البقاء معه أو طلب الفراق، فإذا كانت ترجو في البقاء معه أن يُصلِحَ الله حاله بالنُّصْح والإرشاد، فلْتَبْقَ معه؛ لئلا ينفرطَ سلك العائلة، وتحصل مشكلات بينهما، ويحصُل القلق لأولادها، وإذا كانت لا ترجو ذلك، فإنها تستخير الله عز وجل، وتُشاورُ مَنْ تراه ذا عَقْلٍ راجح في هذه المسألة: هل تبقى أم تُفارِق؟ ونسأل الله أن يختار لها ما فيه الخير والصلاح، ومحل ذلك ما لم يكن هذا الزوج تاركًا للصلاة، فإن كان تاركًا للصلاة، فإنه لا يجوز لها البقاء معه، لأن ترك الصلاة مُخرِجٌ عن الملَّة، والكفر المخرج عن الملَّة يقتضي انفساح النكاح، والله أعلم.
وقال رحمه الله مُجيبًا زوجة تسأل عن حُكم الاستمرار مع زوجها الذي يرتكب بعض المحرَّمات، إضافة إلى سوء عِشرته، وسُوء أخلاقه:
أرى ألَّا تُفارقَه ما دام لم يخرج عن الإسلام بذُنُوبه، ولكن تصبر وتحتسب من أجل الأولاد وعدم تفرُّقهم، وعليها أن تُكرِّرَ النصيحة لزوجها، فلعَلَّ اللهَ سبحانه وتعالى يهديه على يديها.
طلب المرأة الطلاق من زوجها الذي يُدمِنُ المخدِّرات:
قال الشيخ رحمه الله: طلب المرأة من زوجها الذي يُدمِنُ المخدِّرات الطلاقَ جائزٌ؛ لأن حال زوجها غير مرضية، وفي هذه الحال إذا طلبت الطلاق منه، فإن الأولاد يتبعونها إذا كانوا دون سبع سنين، ويُلزَمُ الوالدُ بالإنفاق عليهم، وإذا كان يمكن أن تبقى مع هذا الرجل وتُصلِحُ حالَهُ بالنصيحة، فهذا خيرٌ.
عدم ذكر أسباب الطلاق للآخرين؛ لأن ذلك خلاف المعروف:
قال الشيخ رحمه الله: قال الله تعالى:{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } [البقرة: 231]، في هذه الآية من الحكم والفوائد: أنه لا يجوز للزوج بعد المفارقة ولا الزوجة أيضًا أن يُحدِّث كلُّ واحدٍ منهما بما جرى بينهما من أسباب الطلاق وغيره، إلا أن يكون ذلك لبيان العُذْرِ إذا لِيمَ على هذا الشيء وقيل له لماذا تُطلِّق زوجتَكَ؟ فأراد أن يُبيِّنَ السببَ حتى يَعذِرَه الناسُ وهذا إنما يكون فيمن يستحِقُّ أن يعتذر إليه من ذلك كالأب والأخ والقريب أما عامة الناس فإنه لا ينبغي أن يُحدِّثَهم بما حصل لأن ذلك خلاف المعروف
تنبيه: إن على كل زوجة يوجد لديها مشكلاتٌ أن تُكثِرَ وتُلِحَّ في الدُّعاء والتضرُّع للكريم الرحيم القريب المجيب فهذه زوجة تسأل العلامة ابن عثيمين رحمه الله حاكيةً واقِعَها مع زوجها وكيف صَلَحَتْ حالُه بدعائها الله عز وجل تقول: كان زوجي يشرب الخمر وحاولتُ أن أرشدَه إلى الطريق الصحيح، فلم أستطع إلَّا بالتضرُّع إلى الله، والتوسُّل إليه في إبعاده عن الخمر، فاستجاب الله دعائي، وترك زوجي الخمر.
عدم خروج الزوجة من بيت زوجها إذا طلَّقها وهي رجعية:
قال رحمه الله: لا يجوز للزوج إذا طلَّق زوجته أن يُخرِجَها من بيته، ولا يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها إذا طلَّقها إلى انتهاء العِدَّة....يجب أن تبقى المرأة في بيت الزوج، ويحرم على الزوج أن يُخرِجَها، بل تبقى إلى أن تنتهي العِدَّةُ؛ لأن الله بيَّنَ الحِكْمةَ من ذلك؛ فقال: ﴿ {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} ﴾[الطلاق:1] رُبَّما إذا بقِيت تغيَّرتْ أخْلاقُها، ورُبَّما إذا بقيت تولَّدَ في قلب الزوج محبَّةٌ لها فيُبقِيها؛ لأنه قيل: أحَبُّ شيءٍ إلى الإنسان ما مُنِعَ، فرُبَّما إذا طلَّقَها زال ما في قلبه عليها وأبقاها؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} ﴾ [الطلاق: 1]فإن قال قائل: إذا بقِيت في بيت الزوج، هل يحلُّ لها أن تكشف وجهها له؟ فالجواب: نعم، يحلُّ أن تكشف وجهها له، ويحلُّ أن تتجمَّل له، ويحِلُّ أن تتطيَّبَ له، ويحِلُّ أن تُكلِّمَه ويُكلِّمَها، ويخلوَ بها، كل هذا جائز؛ لأنها زوجته، فالزوجية لا تزول إذا كان الطلاقُ رجعيًّا، إنما تزول بانتهاء العدة؛ ولهذا نقول: إذا طلَّقَ الإنسانُ زوجتَه طلاقًا رجعيًّا تبقى في البيت.
واقع الناس اليوم أنه إذا طلَّقَ الإنسانُ زوجتَه هَرَبتْ من البيت، ولم تبْقَ به، وهذا حرامٌ عليها، ورُبَّما يخرجها هو بنفسه، وهذا حرامٌ عليه، فإن خرجت هي فهي آثمةٌ، وإن أخرجها هو فهو آثمٌ، تبقى حتى تنتهي العِدَّةُ، ثم تذهب إلى أهلها: ﴿ { لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} ﴾[الطلاق: 1] سواء كانت هذه الفاحشة عائدة إلى الأخلاق أو المعاملة فإنها حينئذٍ تُخرَجُ من البيت
ولو جاءتنا امرأة تذكُرُ أن زوجها طلَّقها، وقد خرجت من بيته، قُلْنا لها: يجب عليك أن ترجعي إلى بيتك، هذا هو حدُّ الله.
كتبه/ فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: