تدبر - لمن الملك اليوم

منذ 2021-03-08

{ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ }  أي: من هو المالك لذلك اليوم العظيم الجامع للأولين والآخرين، أهل السماوات وأهل الأرض، الذي انقطعت فيه الشركة في الملك، وتقطعت الأسباب، ولم يبق إلا الأعمال الصالحة أو السيئة؟

لله ملك السموات والأرض

الملك المطلق الكامل الذي لا يعتريه نقص 

مهما بلغ ملك العبد في الدنيا واتسع فهو مفتقر إلى الله حتى في تصريف شربة الماء التي يشربها.

 العبد متصف بصفات متلازمة هي الفناء والفقر والضعف , فمهما طال عمره سيموت ومهما بلغ غناه وملكه فهو فقير إلى الله لا يتحرك ولا يقوم إلا بإذن الله وقيوميته, ومهما بلغت قوته فهو ضعيف لن يخرق الأرض مهما فعل ولن يبلغ طول الجبال.

ويوم القيامة يزول كل غرور وتنزع الممالك الموهومة من مالكيها ويبقى ملك الله الكامل الأبدي الذي لا يزول, وتبقى مواقف الإنسان التي سجلها له الله في حياته الدنيا شاهدة على ما ينضوي عليه القلب وما صدقه العمل ويبقى الافتقار إلى الله بتوحيده الخالص والتوكل عليه والانقياد والتسليم المطلق لأمره هو أجل الأعمال وأزكاها, وبها يبلغ صاحبها مراتب الصديقين.

قال الإمام ابن كثير في التفسير:

قال الضحاك عن ابن عباس : { مالك يوم الدين } يقول : لا يملك أحد في ذلك اليوم معه حكما ، كملكهم في الدنيا . قال : ويوم الدين يوم الحساب للخلائق ، وهو يوم القيامة يدينهم بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، إلا من عفا عنه . وكذلك قال غيره من الصحابة والتابعين والسلف ، وهو ظاهر .

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : « أخنع اسم عند الله رجل تسمى بملك الأملاك ولا مالك إلا الله» ، وفيهما عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض ؟ أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟»

وقال أيضاً في تفسير قوله تعالى : {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار} [غافر ]  قد تقدم في حديث ابن عمر : أنه تعالى يطوي السماوات والأرض بيده ، ثم يقول : أنا الملك ، أنا الجبار ، أنا المتكبر ، أين ملوك الأرض ؟ أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ .
وفي حديث الصور : أنه تعالى إذا قبض أرواح جميع خلقه ، فلم يبق سواه وحده لا شريك له ، حينئذ يقول : لمن الملك اليوم ؟ ثلاث مرات ، ثم يجيب نفسه قائلا ( لله الواحد القهار ) أي : الذي هو وحده قد قهر كل شيء وغلبه. وقال السعدي رحمه الله في تفسيره :

{ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ }  أي: من هو المالك لذلك اليوم العظيم الجامع للأولين والآخرين، أهل السماوات وأهل الأرض، الذي انقطعت فيه الشركة في الملك، وتقطعت الأسباب، ولم يبق إلا الأعمال الصالحة أو السيئة؟ الملك {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} أي: المنفرد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، فلا شريك له في شيء منها بوجه من الوجوه. {الْقَهَّارِ } لجميع المخلوقات، الذي دانت له المخلوقات وذلت وخضعت، خصوصًا في ذلك اليوم الذي عنت فيه الوجوه للحي القيوم، يومئذ لا تَكَلَّمُ نفس إلا بإذنه.

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 4
  • 0
  • 7,498
المقال السابق
رحمة
المقال التالي
ربنا إياك نعبد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً