تقدير النبي صلى الله عليه وسلم  للعلم

منذ 2021-03-11

نعم، وهذه الفريضة لا تقف عند حدود العلم الشرعي، بل تمتد لتشمل جميع أنواع العلوم والمعارف التي يحتاجها المجتمع ولا يكون له غنى عنها، ويعتبر ذلك فرض كفاية، إن لم يقم به بعض الأفراد، أثم المجتمع كله.

مع أن نبي هذه الأمة كان أميا، إلا أنه كان أحرص الناس على نشر العلم بين أفراد المجتمع.

وقد كانت أمية النبي صلى الله عليه وسلم، حكمة من الله تعالى، حتى لا يقول المشككون في نبوته من قومه إنه تعلم القراءة، وقرأ كتب الآخرين، ونقلها إلى مجتمعهم الذي كانت تغلب عليه الأمية.

 فأميته برهان من الله تعالى على صدقه.

فما يكون لرجل أمي أن يؤلف كتابا، إلا أن يكون من عند الله العليم الخبير.

والرسول الذي كانت أول كلمة تسمعها أذنه من القرآن هي كلمة اقرأ، أراد أن يحمل الرسالة التي تلقاها، وينشرها، ويحث على التمسك بها.

فهو يريد للأمة الإسلامية أن تكون أمة متعلمة عاقلة واعية، لا تعيش أسيرة قيود الجهل أو الخرافات.

وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم  في قيمة العلم، ما أكثرها وما أروعها؛ فهو الذي يقول:  «من سلك طريقاً يلتمس به علماً؛ سهّل الله به طريقاً إلى الجنة»  (أخرجه مسلم).

وكما هو أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم  في كل ما له قيمة، فإنه يربط فعله بالجنة ونعيمها. فها هو يحث المسلمين على سلوك طرق العلم، حتى يكون ذلك عونا لهم على سلوك طرق الجنة.

 ويعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم  أن العالم له فضل، ربما لا يصل إليه سواه، حين يقول: «إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت، ليصلون على معلمي الناس الخير»  (رواه الترمذي).

ويقول: «إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء»  (رواه أبو داود والترمذي).

يا له من فضل، حين يشعر العالم والباحث عن العلم، بأن كل ما حوله يعيش معه رحلة علمه، فيستغفر له.

وحين ينعم بهذا الشعور، لا بد وأنه سيتعمق أكثر في خبايا العلم، ليفيد البشرية، كما علمه نبيه ودينه.

بل نحن نرى النبي  صلى الله عليه وسلم  يجعل من العلماء ورثة للأنبياء، بسبب علمهم الذي حازوه وتفوقوا فيه، فيقول صلى الله عليه وسلم: " «العلماء ورثة الأنبياء» " (رواه أبو داود والترمذي).

ورسولنا الكريم لا يريد أن تكون أمته أمة عابدة جاهلة، تعيش في برج عاجي بالعبادة فقط، بعيدا عن العلم، فيلفت أنظار صحابته إلى ذلك، حين يقول: "إن فضل العلم خير من فضل العبادة." (رواه الطبراني).

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم  في أفضلية العالم على العابد: «فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم»  (رواه الترمذي).

ويجعل النبي صلى الله عليه وسلم  العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، لا يمكن التهاون فيها، ويتضح ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم  : «طلب العلم فريضة على كل مسلم»  (رواه ابن ماجه).

نعم، وهذه الفريضة لا تقف عند حدود العلم الشرعي، بل تمتد لتشمل جميع أنواع العلوم والمعارف التي يحتاجها المجتمع ولا يكون له غنى عنها، ويعتبر ذلك فرض كفاية، إن لم يقم به بعض الأفراد، أثم المجتمع كله.

 

هاني مراد

كاتب إسلامي، ومراجع لغة عربية، ومترجم لغة إنجليزية.

  • 2
  • 2
  • 1,843

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً