بريستيج مشوه
التعامل مع العمالة الوافدة
أمازالوا يعيشون بتلك العقلية؟ وهل صدّروا تلك الطباع للجيل الجديد ممن حولهم!
سؤال تبادر لذهني وما كان ليأتي لو لم أسمع شيئاً من ذلك السلوك!
عن التعامل مع العمالة الوافدة أتحدث. ولن أسرد هنا صوراً لا تكفيها الأسطر والصفحات عن الجانب المشرق والإنساني في مجتمعنا والإحساس بالآخرين، وتقدير ما يقوم به كل عامل عن ذلك الدور الكبير والحس الإنساني فطرياً كان أو اجتهادياً، كأصل ثابت طيب الآثار؛ يسمو بصاحبه، إنما عن تلكم الصورة السيئة التي ينطلق منها " الأقلية " في مجتمعنا كل من منطلقه ومنظوره. فمنهم من يرى سوء المعاملة برستيجاً يعزز من أنفته الممزوجة بجهل، ومنهم من يراه ضرورة حتمية ليستقيم حال من تحت يديه من تلك العمالة، ومنهم من يراها متلازمة خلقية يشعر بالنقص إن لم تكن جزءاً من سلوكه!.
لقد كنت أظن أن هذه السلوكيات اندثرت، وأن عقليات أصحابها تطورت مع الزمن لعدةعوامل، إن لم تكن بالثقافة الدينية وشيء من الاطلاع على سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع هذه الفئة، فالانفتاح المعاصر وتقارب الشعوب، ومشاهدة العديد منمعاناة العمالة.
وهو موضوع ليس جديداً، لكن المصيبة أن يكون متجدداً مع الأسف.
وقد ذكر أحد المشاهير الفضلاء موقفاً غريباً شهده بنفسه؛ إذ قال: ذات يوم وهو خارج من أحد المتاجر سمع تعالي صراخ سيدة بالإهانات المتكررة لسائقها عبر الهاتف وهو يحضر لها قائمة مشترياتها، وكان موقف العامل لا يزيد عن سكونه وقلة حيلته.
وهي صورة مشابهة إلى حد بعيد لعاملة منزلية اشتكتْ إليَّ من سيدة لطمتها على وجهها، وحرمتْها مرتبها، وطردتها، ولو لم أكن على معرفة بطبيعتهما لذهبت بي الظنون مذهباً بعيداً نحو تخمين الأسباب.
ناهيكم عن قسم آخر مصاب بلوثة التنمر وسوء المعاملة لأمثال هؤلاء تمتد أحياناً بالقول الفض، والتعامل السيئ، والأذى الجسدي.
متى يشعر هؤلاء أنهم متأخرون جداً، ويعيشون خارج إطار معاني الإنسانية!، فلم يردعهم الضمير، ولا الإحساس بالآخر، ولا وضع أنفسهم مكان هؤلاء المساكين المغتربين؟؟!!
هم ما يزالون أحياءً بيننا؛ لأنهم لم يجدوا تقريعاً وتوبيخاً من المجتمع على تلك السلوكيات الشائنة.
إن تهاون المجتمع في نصرة حقوق الضعفاء يفاقم المشكلة، ويعزز السلوك الرجعي، والبرستيج المشوّه وإذا لـم تُجدِ وسائل التقويم مع هذه الفئة فيجب أن نـنـتـقل ( لتفعيل ) العدالة الاجتماعية معهم، ولا أقول ( إيجاد ) لأن القانون ينصف ويحفظ حق الجميع.
قال صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده».
( اقتباس )
" حصل لي موقف: في أحد الأيام في الفترة المسائية كنت في العمل وسمعت صوتاًغريباً، نهضت من المكتب وجدت أحد عمال النظافة في الـمـمر وهو يتكلم بجواله، يضحك ويبكي في لحظة واحدة ..
اندهشت .. كان يتحدث بكلمة ثم يرفع صوت الضحك وتخرج الدمعة من عينيه لتغت الابتسامته .. مرت 10 دقائق تقريباً ثم انتهت مكالمته . . . فأخذ يبكي بحرقة . . وبعد ساعة جاء عندي وقال: كنت أتكلم مع ابنتي وعمرها 7 سنوات واليوم هو أول يوم لها في المدرسة، ويقول: كانت تفتح كتبها وتخبرني بما فيها وتقول بابا أريدك أن تشاهد كتبي وأذهب معك لمدرستي ... ويقول كنت أبكي بألم وفي نفس الوقت لا أريدها أن تسمع بكائي .. فأضحك بصوتٍ عالٍ ..
كل عامل يجب أن نعامله بالرحمة والحب .. ترك أطفاله، وزوجته، وبيته، وإخوانه وموطنه.. جاء عند غرباء .. ليجمع ألف ريال كل شهر ثم يرسلها إلى أهله كي يأكلوا ويعيشوا حياة كريمة . . إن إنساناً كهذا هو شريف ، لـم يتجه للممنوعات ليكسب رزقه، لـم يحاول السرقة ليحصل على الأموال ...
إنه إنسان يحمل مشاعر المسؤولية، والإحساس بالأبوة "
يقول عمر الأميري:
قد يَعْجبُ العُذّال من رجلٍ يبكي *** ولـــو لــــم أبـكِ فالعَجبُ
هـيـهات مـا كُـل الـبـكـا خَــــــوَرٌ *** إني وبي عزمُ الرجـال أبُ
___________________________________________
الكاتب: مرفت عبدالجبار
- التصنيف:
- المصدر: