العناية الإلهية في سورة يوسف عليه الصلاة والسلام
هاني مراد
فليست العناية الإلهية أن يسلم المؤمن من الأذى! لكنها أمعن من ذلك وأبعد! هي لطف الله بعباده، فالله لطيف لما يشاء، وهو العليم الحكيم.
- التصنيفات: التاريخ والقصص -
ليست العناية الإلهية أن تعيش مترفا، لا تحزن ولا يثقل كاهلك شيء، ولا تتعرض لضروب المحن!
فها هو يوسف في سن صغيرة، يُعرض على فتن الحقد، والمكر، والأسر، والاسترقاق، والبعد عن أسرته. ومع هذا، كانت عناية الله تحوطه برؤيا يقصها على أبيه، يعلم أن لها ما بعدها!
ومع اشتداد يوسف، واشتداد صروف الدهر عليه، تتبدى العناية الإلهية به أكثر فأكثر، فيؤتيه الله حكما وعلما.
وعندما تجشّم مراودة امرأة العزيز ونسوتها، رأى برهان ربه، وثبتت براءته على لسان شاهد من أهلها! بل بلغت العناية الإلهية به، أن جعلته "يحبّ" السجن على المعصية!
وعندما كابد ألم السجن، آنسته العناية الإلهية بصحبة الفتيين، ودعوته لهما، وتفسيره لرؤياهما!
ولا تأتيه العناية الإلهية بالنصر إلا في أقسى أوقات المحن، بعد السجن لبضع سنين!
يأتيه ذلك النصر، وقد اطمأن إلى تلك العناية، يشاهدها بقلبه قبل عينيه! فلا يسرع إلى الخروج قبل ثبوت براءته!
وترتسم العناية الإلهية في صورة من أجمل صورها، عندما يأتي التمكين وحكم مصر من تفسير "رؤيا"! فها هي العناية الإلهية تقول: سآتيك من أي سبيل، وبأي صورة، فلا عليك سوى استحقاقها!
وعندما جاء البشير، يلفت يعقوب نظر أبنائه إلى تلك العناية، فيقول: ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون؟
فليست العناية الإلهية أن يسلم المؤمن من الأذى! لكنها أمعن من ذلك وأبعد! هي لطف الله بعباده، فالله لطيف لما يشاء، وهو العليم الحكيم.