اتهام العلماء وفضيلة الدفاع عنهم
محمد صالح المنجد
قال ﷺ: «إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق» إطالة اللسان في عرض المسلم والوقيعة فيه بقذف أو سب بغير حق.
- التصنيفات: الآداب والأخلاق - أخلاق إسلامية -
لقد اتهم كثير من الأبرياء، ومنهم العلماء، وكبراء المسلمين لم يسلموا من هذا، وحكت لنا كتب التاريخ نماذج، فاتهموا عكرمة تلميذ ابن عباس رحمه الله أنه من الخوارج، واتهموا عمرو بن دينار، الراوي، العالم، الصالح، بالتحامل على ابن الزبير وهو بريء، واتهم الشافعي رحمه الله اتهم بمعاداة الخلفاء، وهو يحبهم ويقول: الخلفاء الراشدون خمسة، يبدءون بالصديق ويختمون بعمر بن عبد العزيز.
اتهم البخاري رحمه الله بخلق القرآن، وهو لا يقول بخلق القرآن، حاشا وكلا أن يقول البخاري رحمه الله بخلق القرآن، وهكذا اتهم ابن أبي عاصم، وابن قتيبة، والدارقطني، والبربهاري، والخطيب، والشاطبي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، اتهم أنه لا يحب النبي ﷺ، لماذا؟ لأنه أفتى بتحريم شد الرحال إلى القبر النبوي، إنما قال ذلك بمقتضى الأحاديث: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة، ولئلا نحدث الغلو بقبر النبي ﷺ، ومع ذلك قالوا: لا يحب النبي ﷺ، واتهم محمد بن عبد الوهاب إمام الدعوة رحمه الله بأمور فضيعة؛ لأنه يحارب الشرك ويقيم التوحيد، أنه يستحل دماء المسلمين، أنه يكره النبي ﷺ، أنه يبغض الصحابة؛ لأنه هدم بعض القبور، بعض الأضرحة التي على القبور، وهدْمُها حق، قالوا: يهدم قبر الصالحين، يهدم الأضرحة على قبور الصالحين، يعني يكرههم، وهكذا وهكذا.
عباد الله: قال ﷺ: «إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق» إطالة اللسان في عرض المسلم والوقيعة فيه بقذف أو سب بغير حق، بالباطل، قال: أرأيت إن كان فيه ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته» ، البهتان الكذب العظيم يبهت فيه من يقال في حقه، يبهت، البريء يبهت عندما يسمعه عن نفسه، وشهادة الزور أين هي؟ في النار، وما هو واجبنا؟ الدفاع عن إخواننا، قال ﷺ: «من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة». حديث صحيح، وفي رواية كان له حجاباً من النار.
ثملا نقبل الأخبار على عواهنها، ونأخذ الأمور دون تبين وتحقق، والله عزوجل قد ذكر في كتابه العزيز حد القذف ثمانين جلده، لمن يتهم ولا يأتي بشهداء، يرمي بالفاحشة ولا يأتي بأربعة شهداء {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [سورة النــور 4]. وأولئك عند الله هم الكاذبون، وفي الوقت ذاته فإننا لا نتعامى عن الحقائق، وإذا قيلت الحقيقة بالأدلة والبيانات نعمل بها، وننصح المتهم، ننصح المذنب، نعاقب المذنب إذا ثبت ذلك عليه، أما أن نبرئ كل الناس فلا، فإن منهم الفاجر، فإن منهم المعتدي، الظالم، لا بد من الأخذ على يديه.