حينما ضيع المسلمون أسباب القوة
وإذا نشبت حرب بين جهتين فان تجار الحروب أولئك يتوزعون بينهم، ولأنها تجارة رابحة للغاية يحرصون على استمرار الحرب لأطول فترة ممكنة
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
كتب عمر القباطي
دائما ما كان السلاح يصنع فارقا في المعارك، والتاريخ يذكر أن الفاتح تمكن من فتح القسطنطينية بعد أن عجر كثير من القوّاد قبله على مدار سنيين طويلة من فعل ذلك بعد أن صنع له مهندس مجري أول مدفع من نوعه في التاريخ وهو مدفع عملاق يحتاج إلى جهد كبير لحمله، وكيف أن صلاح الدين رد جحافل الصليبيين المتتابعة عليه وعلى القدس بتسخيره الكيمياء كسلاح ضدهم، وكيف عملت الصواريخ على انهزام الصهاينة في اعتداءاتهم المتتالية على غزة.
غير أن أغلب المسلمين اليوم - للأسف - نسوا ما كان عليه الصادقين المجاهدين سابقا ولاحقا، وباتوا محتاجين لليهود والنصارى في السلاح، بعضهم يتسابق لاقتناء جديد ما تنتجه مصانعهم ليكونوا أول المجربين له، والبعض الآخر يشتري الخردة من أسلحتهم بعد أن تكدست في المخازن وهددها الذحل، ويتفاخرون كثيرا بذلك، وهذا العبث غالبا لا يكون المقصد منه الدفاع عن النفس وتقوية الجيش أكثر من كسب ولاء أصحاب السلاح وخطب ودهم كما يتوهمون، وتعد دول مجلس الأمن الخمسة أكثر الدول انتاجا وبيعا للسلاح في العالم خصوصا أمريكا وروسيا.
وإذا نشبت حرب بين جهتين فان تجار الحروب أولئك يتوزعون بينهم، ولأنها تجارة رابحة للغاية يحرصون على استمرار الحرب لأطول فترة ممكنة، وإذا لاح في الأفق انتصار طرف على آخر فانهم يسرعون لعرقلة المنتصر ولا يزودوه بما يحتاج من سلاح، وبالمقابل يمدون الطرف الآخر بكل ما يحتاجه، وإذا حاول الأطراف الخروج عن إملاءاتهم هددوه بقطع السلاح عنه، والحرب العراقية الإيرانية التي تعد أطول حرب في القرن الماضي شاهد على ذلك، والحرب الدائرة في اليمن شاهد آخر، لقد استفادت أمريكا والغرب وجنوا مئات المليارات كما هو معلوم، وهكذا تحول المسلمون إلى ألعوبة في يد أعدائهم التاريخيين، وهذا ما فطن إليه رئيس كوريا الشمالية المجوسي الذي قال في تصريح له "أمريكا لن تخدع الكوريين كما خدعت العرب !"
وهذا هو المصير الحتمي للدول التي رضت لنفسها أن تكون رهينة بيد عدوها، وليس لها هم سوى نهب مقدرات البلاد وظلم العباد ومضايقة المبدعين وإشغال الناس بالتفاهات، ولا تسعى لصنع سلاحها بيدها ولا تفكر في إنشاء المصانع واستغلال القدرات المادية والبشرية, ولا تنصت لأوامر الكتاب الحكيم, يقول الله {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً} (النساء ١٠٢) فلم يأخذوا منا المال فقط, بل تجرؤا علينا حربا وقصفا من البر والجو.
أما الدول المنتجة لسلاحها بنفسها فالجميع يهابها ويخشاها ولا يفكر أحد في الاعتداء عليها أو افتعال مشاكل معها، ودولة باكستان هي المثال الواضح على ذلك, فقبل انتاجها للقنبلة النووية كانت الهند كثيرا ما تتحرش بها وقامت بينهما عدة حروب بعضها كانت عواقبها وخيمة على باكستان مثل انفصال بنغلادش عنها، غير أن هذا الوضع تغير بعد أن صنعت باكستان سلاحها بيدها وأنتجت أقوى سلاح في المعمورة (السلاح النووي)، وعند تلك اللحظة صرح أحد كبار المسئولين لديها أنهم الآن مستعدون للتفاوض مع الهند، أما قبل ذلك التاريخ فكانت الهند تفرض ما تشاء على الواقع بلا مقاومة حقيقية من باكستان.
والسؤال لباقي المسلمين: متى ستخرجوا من جُحر الضب الذي دخلتموه وتعتمدوا على أنفسكم وتنصروا دينكم؟