بكاء السلف رحمهم الله

منذ 2021-04-04

• كان يبكي إذا سمِع أخبار الاضطهاد والتعذيب التي تمرُّ بالمسلمين في بعض البلاد. • كان يبكي كثيرًا إذا تُوفِّي أحد العلماء المشهورين، أو من لهم بلاء في الإسلام.

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فنعم الله علينا تترا, وكثير منّا عنها غفلا, وإن من النعم التي لا يستشعر الكثيرون منّا أنها نعمة: نعمة البكاء, قال عز وجل: (وأن إلى ربك المنتهى*وأنه هو أضحك وأبكى ) [النجم:42-43] فالبكاء نعمة جليلة, يقول فضيلة الشيخ سعود بن إبراهيم الشريم إما وخطيب المسجد الجرام: "أيها المسلم, أيتها المسلمة, إن الله عز وجل أنعم عليكم بنعمة البكاء لتشكروه عليها, إذ كيف يعيش من لا يبكي, كيف تتفاعل نفسه مع الأحداث والمواقف, بماذا يترجم عن الحزن والأسى, بماذا يعبر عن الخشية والخوف من الله جل وعلا."

فالبكاء نعمة, ولذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من عين لا تدمع, فمن دمعت عيناه, دلّ ذلك على رقة القلب ولينه, قال العلامة ابن القيم رحمه الله: متى أقحطت العينُ من البكاء من خشية الله, فاعلم أن قحطها من قسوة القلب, وأبعدُ القلوب من القلب القاسي.

إن من الزهادة الخاسرة أن البعض زهدوا في البكاء من خشية الله, فآيات تتلى, وأحاديث تُروى, ومواعظ تلقى, لا يلين لها قلب, ولا تدمع لها عين, وسلف هذه الأمة رحمهم الله كان بعضهم يعرف بكثرة البكاء, وأنه من البكائيين, وقد جمعتُ ما يسر الله الكريم لي من مواقف بكي فيها السلف, أسأل الله أن ينفعني وإخواني المسلمين بما جمعت.

  • البكاء عند قراءة القرآن:

* عن يحيى بن الفضل الأنيسي. قال: سمعت بعض من يذكر عن محمد بن المنكر أنه بينا هو ذات ليلة قائم يصلي, إذ بكى فكثر بكاؤه, حتى فزع له أهله وسألوه, فاستعجم عليهم, وتمادى في البكاء, فأرسلوا إلى ابن حازم فجاء إليه, فقال: ما الذي أبكاك ؟ قال: مرت بي آية, وقال: وما هي ؟ قال: قوله تعالى ( { وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون } ) [الزمر:47] فبكى أبو حازم معه حتى اشتد بكاؤهما.

* قام عمرو بن عتبة يصلي, فقرأ حتى بلغ: ( {وأنذرهم يوم الآزفة}  ) [غافر:18] فبكى حتى انقطع, ثم قعد.

* عن القاسم بن معن, إن أبا حنيفة قام ليلة يردد قوله تعالى: ( بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر) [القمر:46] ويبكى ويتضرع إلى الفجر.

* هناد بن السري, قام يصلي ويرفع صوته بالقرآن, ويبكي كثيراً

* قال أحمد بن سهل الهروي: كنت ساكناً في جوار بكار بن قتيبة بن عبيدالله, فانصرفت بعد العشاء, فإذا هو يقرأ: ( { يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق} ) ( [ص:26] يقرأها وهو يبكي.  

* عبدالله بن حنظلة تلا رجل عنده هذه الآية: ( {لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش}  ) [الأعراق:41] فبكى.

* قرأ عمر بن عبدالعزيز ليلة في صلاته سورة ( {والليل إذا يغشى} ) فلما بلغ قوله: ( {فأنذرتكم نارا تلظى} ) [الليل:14] بكى فلم يستطع أن يجاوزها, ثم عاد فتلا السورة حتى بلغ الآية فلم يستطيع أن يجاوزها مرتين أو ثلاثاً ثم قرأ سورة أخرى غيرها

* شرب عبدالله بن عمر ماء بارداً واشتد بكاؤه, فقيل: ما يبكيك ؟ فقال: ذكرت آية من كتاب الله قوله: ( {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} ) [سبأ:54] فعرفت أن أهل النار لا يشتهون شيئاً, شهوتهم الماء البارد, وقد قال الله تعالى: ( { أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله} ) [الأعراف:50]

وقرأ: (ويل للمطففين ) حتى بلغ قوله تعالى: ( {يوم يقوم الناس لرب العالمين } ) [المطففين:6] فبكى حتى خرَّ وامتنع عن قراءة ما بعده.

وقال نافع مولى ابن عمر: ما قرأ ابن عمر هاتين الآيتين قط من آخر سورة البقرة إلا بكى. ( { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه} ) [البقرة:284]  

* أتى الحسن بكوز من ماء ليفطر عليه, فلما أدناه إلى فيه بكى, وقال: ذكرت أمنية أهل النار وقولهم: ( {أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله} ) وذكرت ما أجيبوا به: ( {إن الله حرمهما على الكافرين} ) [الأعراف:50]

* بكى عبدالله بن رواحة فبكت امرأته, فقال لها: ما يبكيك ؟ قالت: رأيت تبكى فبكيت, قال: إني ذكرت هذه الآية: ( {وإن منكم إلا واردها} ) [ مريم:71]وقد علمت أني داخلها, فلا أدري أناج منها أنا, أم لا.

* عن عبدالله بن أبي مليكة قال: صحبت ابن عباس رضي الله تعالى عنه من مكة إلى المدينة, فكان إذا نزل قام شطر الليل, فسأله أيوب كيف كانت قراءته ؟ قال قرأ الآية: ( { وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد } ) [ق:19] فجعل يرتل ويكثر في ذاكم النشيج.  

* عن بشير قال: بتّ عند الربيع بن خثيم ذات ليلة, فقام يصلي فمرَّ بهذه الآية: ( {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} ) [الجاثية:21] فمكث ليلته حتى أصبح ما يجوز هذه الآية إلى غيرها ببكاء شديد.

* عن الأعمش عن أبي الضحى ثنا من سمع عائشة تقرأ ( {وقرن في بيوتكن } ) [الأحزاب:33] فتبكي حتى تبل خمارها.

* قال إبراهيم بن الأشعث: سمعت فضيلاً ليلة, وهو يقرأ سورة محمد صلى الله عليه وسلم ويبكي ويردد: ( { ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم} ) [محمد:31] وجعل يقول: ونبلو أخباركم! ويردد ويقول: وتبلو أخبارنا! إن بلوت أخبارنا فضحتنا, وهتكت أستارنا, إن بلوت أخبارنا أهلكتنا وعذبتنا.

* قرأ مالك بن دينار هذه الآية: ( {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله}   ) [الحشر:21] فبكى, وقال: أقسم لكم لا يؤمن عبد بهذا القرآن إلا صدع قلبه

  • البكاء من خشية الله:

* فتح الموصلي كان كثير البكاء من خشية الله,سابق الموصلي, أحد البكائيين من خشية الله, عبدالخالق عبدالسلام بن علوان كان صاحب بكاء من خشية الله.

* عن عبدالله بن دينار, قال: خرجت مع ابن عمر إلى مكة فعرسنا, فانحدر علينا راع من جبل, فقال له ابن عمر: أراع أنت ؟ قال: نعم, قال: بعني شاة من الغنم, قال: إني مملوك, قال: قل لسيدك أكلها الذئب, قال: فأين الله عز وجل ؟ قال ابن عمر: فأين الله ؟, ثم بكى, واشتراه بعد فأعتقه.  

* قال أحمد بن عاصم: سمعت مجيب ابن موسى الأصبهاني صاحب الثوري وخادمه, يقول: كنت عند سفيان الثوري إلى مكة, فكان يكثر البكاء, فقلت له: بكاؤك هذا خوفاً من الذنوب ؟ فأخذ عوداً من المحمل فرمى به, وقال: لذنوبي أهون علي من هذا, ولكني أخاف أن أسلب التوحيد.

* قال خالد بن معدان: قال كعب الأخبار: لأن أبكى من خشية الله أحب إليَّ من أتصدق بوزني ذهباً.

  • البكاء عند قراءة حديث الرسول علية الصلاة والسلام أو سماعه:

* الحافظ أبو البركات الأنماطي قال ابن الجوزي: كنت أقرأ عليه الحديث, وهو يبكي, فاستفدت ببكائه أكثر من استفادتي بروايته.

* عبدالله بن سعيد بن أبي عون الرياحي, كان صالحاً ورعاً, أول من يدخل المسجد وآخر من يخرج منه, وكان بكاء عند قراءة الحديث.

* قال الضبعي: كان الإنسان إذا رأى إسماعيل بن قتيبة بن عبدالرحمن السلمي, يذكر السلف لسمته وزهده وورعه كنا نختلف إليه...فيخرج إلينا. فيحدثنا وهو يبكي

* ابن الغريق, قال أبو يعقوب بن يوسف الهمذاني: كان به طرش, فكان يقرأ علينا بنفسه, قرأ علينا حديث الملكين, فبكى بكاء عظيماً, وأبكى الحاضرين.

* عيسى بن محمد بن عبدالله بن مؤمل الشنتريني, ذُكِر عنه أنه كان إذا قُرئ عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي بكاءً كثيراً.

  • البكاء لتذكر ما كان يلقى رسول الله علية الصلاة والسلام من شدة العيش

قالت حفصة بنت عمر: يا أمير المؤمنين, لو لبست ثوباً هو ألين من ثوبك, وأكلت طعاماً هو أطيب من طعامك, فقد وسع الله عز وجل من الرزق, وأكثر من الخير ؟ قال: إني سأخصمك إلى نفسك, أما تذكرين ما كان يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم من شدة العيش, فما زال يذكرها حتى أبكاها.

  • البكاء عند تذكر النار:

* قال أبو عاصم: رأيت هشام بن حسان, وذكر النبي صلى الله عليه وسلم, والجنة والنار, فبكى حتى سالت دموعه.  

* قال سرار أبو عبدالله: عاتبت عطاء السلمي في كثرة بكائه, فقال لي: يا سرار كيف تعاتبني في شيء ليس هو لي, إني إذا ذكرت أهل النار وما ينزل بهم من عذاب الله عز وجل وعقابه, تمثلت لي نفسي بهم, فكيف لنفس تغل يداها إلى عنقها وتسحب إلى النار أن لا تبكى وتصيح ؟ وكيف لنفس تعذب أن لا تبكي ؟

* قال مسمع بن عاصم: بت أنا وعبدالعزيز بن سليمان, وكلاب بن جري, وسلمان الأعرج, على ساحل من بعض السواحل, فبكى كلاب حتى خشيت أن يموت, ثم بكى عبدالعزيز لبكائه, ثم بكى سلمان لبكائهما, وبكيت أنا لبكائهم لا أدري ما أبكاهم, فلما كان بعد, سألت عبدالعزيز فقلت: يا أبا محمد ما الذي أبكاك ليلتئذ ؟ قال: إني والله نظرت إلى أمواج البحر تموج وتجول, فذكرت أطباق النار وزفراتها, فلذلك الذي أبكاني, ثم سألت كلاباً أيضاً نحواً مما سألت عبدالعزيز فوالله لكأنما سمع قصته, فقال لي مثل ذلك, ثم سألت سلمان الأعرج نحواً مما سألتهما, فقال لي: ما كان في القوم شر مني, ما كان بكائي إلا لبكائهم رحمة لهم, مما كانوا يصنعون بأنفسهم رحمهم الله تعالى.    

* يونس بن عبدالله بن محمد بن مغيث, قال صاحبه أبو عمر بن مهدي: كنت إذا ذاكرته شيئاً من أمر الآخرة يصفر وجهه, ويدافع البكاء, وربما غلبه.

* عن بكر المزني أن أبا موسى الأشعري خطب الناس, فذكر في خطبته النار فبكى...وبكى الناس يومئذ بكاء شديداً.  

* بكى الحسن, فقيل: ما يبكيك ؟ قال: أخاف أن يطرحني غداً في النار, ولا يبالي.

*  كانت آمنة بنت أبي الورع من العابدات, وكانت إذا ذكرت النار بكت وأبكت.

*  كان عمر بن عبدالعزيز ساكتاً فقالوا: ما لك يا أمير المؤمنين ؟ قال: كنت مفكراً في أهل الجنة كيف يتزاورون فيها, وفي أهل النار كيف يصطرخون فيها, ثم بكى.

* قال أبو معشر: كنا في جنازة مع أبي جعفر القارى, فبكى أبو جعفر, ثم قال: حدثني زيد بن أسلم أن أهل النار لا يتنفسون, فذلك الذي أبكاني.

* عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لو أن رجلاً من أهل النار أخرج إلى الدنيا, لمات أهل الدنيا من وحشة منظره, ونتن ريحه, ثم بكى عبدالله بكاء شديداً.

  • البكاء عند زيارة القبور وتذكر أحوالها:

* عن مولى عثمان قال: كان عثمان إذا وقف على قبر بكى, حتى يُبلَّ لحيته, فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي, وتبكي من هذا, فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن القبر أول منزل من منازل الآخرة, فإن نجا منه فما بعده أيسر منه, وإن لم ينج منه فما بعده أشدُّ منه. قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما رأيت منظراً قط إلا والقبر أفظع منه ) [أخرجه الترمذي, وحسنه الألباني]

* احتضر نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما فبكى,, فقيل: ما يبكيك ؟ قال: ذكرت سعد بن معاذ وضغطة القبر.

* وعن ثابت البناني, أنه دخل المقابر فبكى, ثم قال: بليت أجسادهم, وبقيت أخبارهم, فالعهد قريب, واللقاء بعيد.

* وعن حسين الجعفي, قال: أتى رجل قبراً محفوراً, فاطلع في اللحد, فبكى بكاءً شديداً. واشتد بكاؤه. وقال: والله أنت بيتي حقاً, والله لإن استطعت لأعمرنك.

* وعن ميمون بن مهران, قال: خرجت مع عمر بن عبدالعزيز إلى المقابر, فلما نظر إليها بكى, ثم أقبل على ميمون فقال: هذه قبور آبائي بني أمية, كأنهم لم يشاركوا أهل الدنيا في لذتهم وعيشهم, أما تراهم صرعى دخلت بهم المثلات, واستحكم فيهم البلاء, وأصابت الهوام في أبدانهم مقيلاً, ثم بكى.

* عن أبي عاصم الحيطي, قال: كنت أمشى مع محمد بن واسع, فأتينا المقابر, فدمعت عيناه, ثم قال: يا أبا عاصم, لا يغرنك ما ترى من خمودهم, فكأنك بهم قد وثبوا من هذه الأجداث, من بين مسرور ومهموم.

الحسن بن داود بن علي بن عيسى بن محمد بن القاسم بن الحسن ابن زيد بن الحسين بن علي بن أبي طالب, قال الحاكم: صحبته برهة من الدهر فما سمعته ذكر عثمان إلا قال: الشهيد, وبكى. وما سمعته ذكر عائشة إلا قال: الصّديقة بنت الصديق, حبيبة حبيب رسول الله, وبكى.

  • البكاء على من يتجرأ على معصية الله:

صالح محمد الترمذي, كان جهمياً داعية, يبيع الخمر, ويبيح شربه, وكان إسحاق بن راهوية إذا ذكره بكى من تجرئه على الله.  

  •  البكاء على فراق صيام النهار وقيام الليل:

لما احتضر عامر بن قيس جعل يبكي, فقيل: ما يبكيك ؟ قال: والله ما أبكى جزعاً من الموت, ولا حرصاً على الحياة, ولكن أبكى على ظمأ الهواجر, وقيام الليل.

  • البكاء فرحاً بموت الظلمة:

قال حماد بن أبي سليمان: قلت لإبراهيم النخعي: مات الحجاج, فبكي من الفرح.

  • البكاء خوفاً من عدم الاجتماع في القيامة:

قال الفضيل بن عياض: بكى ابني علي, فقلت: مالك يا بني ؟ قال: أخاف ألا تجمعنا القيامة.

  • البكاء لأنه ألزم بالقضاء:

عبدالله بن فروخ, كان صالحاً ورعاً قوالاً بالحق, ألزمه روح بن حاتم المهلبي بالقضاء, فجعل يبكى, ويقول: ارحموني رحمكم الله, ثم أعفاه بعد.

  • البكاء عند ذكر الرجل الصالح:

كان هناد السري...إذا ذكر قبيصة بن عقبة, قال: الرجل الصالح, وتدمع عيناه.

  • البكاء لأنه سئل عما كان بين الصحابة:

عن يحيى بن آدم قال: سمعت شريكاً يقول: سألت إبراهيم بن أدهم عما كان بين علي ومعاوية رضي الله عنهما, فبكى, فندمت على سؤالي إياه, فرفع رأسه, وقال:  من عرف نفسه اشتعل بنفسه عن غيره.

  • البكاء خوفاً أن يكون من الأشقياء:

قال عطاء الخفاف: ما لقيت سفيان الثوري إلا باكياً, فقلت: ما شأنك ؟ فقال: أخاف أن أكون في الكتاب شقياً.

  • البكاء لأن باب إلى الجنة أغلق:

لما ماتت أم إياس بن معاوية بكى, فقيل: ما يبكيك ؟ قال: كان لي بابان مفتوحان من الجنة فأغلق أحدهما.

قال محمد المبارك الصوري: رأيت سعيد بن عبدالعزيز إذا فاتته صلاة في جماعة بكى.

  • البكاء لتهاون الناس بأمر الله:

قال جعفر بن سلمان: دخلنا على أبي التياح نعوده, فقال: ينبغي للمسلم اليوم لما يرى من التهاون في الناس بأمر الله أن يزيده ذاك جداً, ثم بكى.

  • البكاء فرحاً بانتصار المسلمين على الكفار:

لما جاء البشير إلى الوليد بن عبدالملك بفتح الأندلس, وجاء أيضاً بشير بفتح مدينة من خراسان, قال الخادم: فأعلمته وهو يتوضأ, فدخل المسجد وسجد لله طويلاً, وحمده, وبكى.

  • البكاء من الرؤيا الحسنة له:

وهيب بن الورد, كانوا يرون له الرؤيا أنه من أهل الجنة, فإذا أخبر بها اشتد بكاؤه, وقال: قد خشيت أن يكون هذا الشيطان.

  • يبكى على تقصيره:

عتبة الغلام, كان خاشعاً قانتاً لله حنيفاً, قيل: إنه لا يكاد ينقطع بكاؤه, قال عبدالواحد بن زيد: كلمت عتبة الغلام ليرفق بنفسه, فبكى, وقال: إنما أبكى على تقصيري.

  • البكاء لأنه عوتب في البكاء:

سعيد بن السائب بن يسار, أحد العباد البكائيين, عاتبه رجل في البكاء, فبكى, وقال: كان ينبغي أن يعذلني على التقصير والتفريط, فإنهما قد استوليا عليَّ.

  • البكاء عند الخروج مع الجنائز:

قال إبراهيم بن الأشعث: كنا إذا خرجنا مع الفضيل في جنازة, لا يزال يعظُ, ويُذكرُ, ويبكى, لكأنه مودع أصحابه, ذاهب إلى الآخرة, حتى يبلغ المقابر.

  • البكاء لأن جاره شتمه:

يحيى بن سعيد القطان, قال ابن معين: جعل جار له يشتمه ويقع فيه, ويقول: هذا الخوزي, ونحن في المسجد, فجعل يحيى يبكي, ويقول: صدق, ومن أنا, وما أنا.

 

  • بكاء الناس عند اتباع الجنازة

قال ثابت البناني: كنا نتبع الجنازة, فما نرى إلا متقنعاً باكياً, أو مقنعاً متفكراً.  

  • البكاء عند الموت:

قال المزني: دخلت على الشافعي في مرضه الذي مات فيه, فقلت: كيف أصبحت ؟ فرفع رأسه وقال: أصبحت من الدنيا راحلاً, ولإخواني مفارقاً, ولسوء عملي ملاقياً, وعلى الله وارداً, ما أدري روحي تصير إلى الجنة فأهنئها, أو إلى النار فأعزيها, ثم بكى

وبكى عبدالرحمن بن الأسود عند موته وقال: وأسفاه على الصوم والصلاة, ولم يزل يتلو القرآن حتى مات. وبكى يزيد الرقاشي عند موته وقال: أبكى على ما يفتوني من قيام الليل وصيام النهار. ثم بكى. قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: إذا كان المحسن يندم على ترك الزيادة فكيف يكون حال المسيء.؟

  • البكاء لقلة الزاد وبعد السفر:

* بكى أبو هريرة رضي الله عنه في مرضه, فقيل له: ما يبكيك ؟ قال: أما إني لا أبكى على دنياكم هذه, ولكني أبكي على بعد سفري, وقلة زادي, وإني أمسيت في صعود مهبطة على جنة ونار, ولا أدري إلى أيهما يؤخذ بي.

* مرض عامر بن قيس فبكي, فقيل له: ما يبكيك ؟ قال: ما لي لا أبكي, ومن أحق بالبكاء مني والله ما أبكي حرصاً على الدنيا, ولا جزعاً من الموت, ولكن لبعد سفري وقلة زادي وإني أمسيت في صعود وهبوط جنة أو نار فلا أدري إلى أيهما أصير.

  • البكاء عند رؤية الحدادين

قال مطر الوراق: كان حممة, وهرم بن حيان, إذا أصبحا غديا فمرا بأكورة الحدادين, فنظرا إلى الحديد كيف ينفخ, فيقفان ويبكيان, ويستجيران من النار.

 

  • البكاء لأنه استفتي من لا علم له

دخل رجل على ربيعة بن عبدالرحمن فوجده يبكي, فقال له: ما يبكيك ؟ وارتاب لبكائه فقال له: أمصيبة دخلت عليك ؟ قال: لا. ولكن استفتي من لا علم له.

  • البكاء في قيام الليل

قال الحسن بن أحمد المزكي: كان أبو عمران الجويني نازل في دارنا, وكان يقوم الليل, ويصلي, ويبكي طويلاً.

قال العلامة العثيمين رحمه الله:البكَّاء أي كثير البكاء والناس في هذا الوصف يختلفون فمنهم من يكون كثير البكاء بحيث لو ذكر عنده أدنى شيء بكى وأنا أذكر مؤذناً رحمه الله عندنا إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله بكى ولا استطاع أن يكمل الأذان وبعض الناس يكون عكس ذلك فيكون قليل البكاء حتى لو وجدت المواعظ لا يبكي ولا شك أن البُكاء دليل على لين القلب في الغالب

قال الاستاذ: عبدالله بن عبدالعزيز الهدلق, في كتابه: ميراث الصمت والملكوت, في مقال له بعنوان:" فوائد من مجالس شيخنا بكر بن عبدالله أبو زيد": قال لي الشيخ في ليلة من الليالي: لو رأيتني البارحة, وأنا أقرا سيرة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله, وقد غلبني البكاء لشدة ما أثرت فيَّ حياة الشيخ, هذه هي الحياة, أين نحن منهم.

* عبدالرحمن بن علي بن محمد التُجبيبى, كان إذا خطب بكى, وأبكى.

* يحيى بن عيسى بن حسين بن إدريس, أبو البركات الأنباري, الواعظ الزاهد, كان يبكى على المنبر.

  • صور من بكاء سماحة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

 كثيرًا ما كان يبكي إذا صلى بالناس، ولكنه يُغالِب نفسَه.

 كان رحمه الله كثيرًا ما يبكي عند سماع القرآن الكريم، أيًّا كان صوت التالي، أو حُسْن ترتيله من عدمه.

 كان يبكي إذا سمِع شيئًا من السنة النبوية.

 كان كثير البكاء إذا سمِع شيئًا يتعلَّقُ بتعظيم القرآن أو السنة.

 كان يبكي إذا سمِع أخبار الاضطهاد والتعذيب التي تمرُّ بالمسلمين في بعض البلاد.

 كان يبكي كثيرًا إذا تُوفِّي أحد العلماء المشهورين، أو من لهم بلاء في الإسلام.

 وكثيرًا ما كان يبكي إذا سمِع حادثة الإفك، أو قصة الثلاثة الذين خُلِّفُوا.

  • بكاء الناس حين تضرعهم إلى الله بطلب الغيث والسقيا:

لما دخل موسى بن نصير إفريقية, وجد أكثر مدنها خاليه...وكانت البلاد في قحط, فأمر الناس بالصوم والصلاة وإصلاح ذات البين, وخرج بهم إلى الصحراء ومعه سائر الحيوانات, وفرق بينها وبين أولادها, فوقع البكاء والضجيج, وأقام على ذلك إلى نصف النهار, ثم صلى وخطب,....فسقوا حتى رووا وأغيثوا.

  • بكاء حاشية الوزير لإقراره بالخطأ, والرجوع عنه:

الوزير ابن هبيرة, كان يقرأ عند الحديث كل يوم بعد العصر, فحضر فقيه مالكي, فذكرت مسألة, فخالف فيها الجميع وأصرّ, فقال الوزير: أحمار أنت ! أما ترى الكل يخالفونك ؟ فلما كان في اليوم الثاني قال الوزير للجماعة: إنه جرى مني بالأمس على هذا الرجل ما لا يليق, فليقل لي كما قلت له, فما أنا إلا كأحدكم. فضج المجلس بالبكاء, واعتذر الفقيه, وقال: أنا أولى بالاعتذار.

  • بكاء الناس عند  كسوف القمر

قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: كان الناس في الماضي إذا كسف القمر تحصل منهم رهبة عظيمة ويحصل منهم خوف ويحضُرون بأعدادٍ كبيرة إلى المساجد. وتحصل صلاة وبكاء وخوف، وقد رأيت هذا أما الآن فلا ترى شيئاً من هذا.

                                  كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

 

  • 6
  • 0
  • 12,988

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً