الفتاة المتميزة

منذ 2021-04-07

لقد رفع الإسلام من شأن المرأة وأعلى مكانتها بل وجعلها راعية في بيتها وحملها عددا من المسئوليات، وهذا من محاسن الإسلام الظاهرة التي ألغى من خلالها خصال الجاهلية في ظلم المرأة...

الفتاة المتميزة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه والتابعين، وبعد:

لقد رفع الإسلام من شأن المرأة وأعلى مكانتها بل وجعلها راعية في بيتها وحملها عددا من المسئوليات، وهذا من محاسن الإسلام الظاهرة التي ألغى من خلالها خصال الجاهلية في ظلم المرأة، وحديثنا عن الفتاة المتميزة في أسرتها ومجتمعها كيف تتميز وما مقياس التميز وما أنواعه وكيف المحافظة عليه والدعوة إليه ونحو ذلك مما يخص تميزها وذلك من خلال الوقفات التالية:

الوقفة الأولى:

 

التميز مطلب كبير وعظيم وكل يتطلبه وينشده وكل يحب أن يتصف به، ذلك أن التميز يريح النفس والغير وكذلك التميز قدوة واقتداء، وكذلك أيضا التميز يختصر علينا خطوات كبيرة في التربية، إن التميز هو للطبقة العليا من الناس فهو مطلب كبير ويحتاج إلى جهد جهيد للحصول عليه، فالموفق من وفقه الله تعالى للبحث عنه والتحلي به والمحروم من حرم ذلك.

 

الوقفة الثانية:

ما مقياس التميز؟ هذا سؤال كبير بل هو أصل أصيل في البحث عن التميز وليس مقياس التميز نظماً بشرية تختلف فيها الآراء وتتضارب فيها الأفكار بل إن مقياس التميز هو موافقة الشريعة حيث إنها تنزيل من حكيم حميد فهي متوافقة وغير مختلفة.

 

الوقفة الثالثة:

يتنوع التميز عند تلك الفتاة المسلمة الواعية بأنواع عديدة هي كلها صفات وأنماط للتميز عند فتياتنا المباركات، فالفتاة تتميز في عبادتها وتعبدها لله تعالى فهي محافظة على صلواتها وصيامها وسائر فروضها، نجدها قد جعلت العبادة في سائر أفعالها بل إن عاداتها كأكلها وشربها ونومها ونحو ذلك جعلته عبادة من خلال نيتها بأن ذلك تقوية لها على العبادة، بل وفي كلامها ومعاملتها تحتسب ذلك عبادة، ناهيك عن عباداتها المحضة في نوافل الأقوال والأعمال، فهي تميزت من خلال ذلك قربا من الله تبارك وتعالى.

 

الوقفة الرابعة:

هذه الفتاة المتميزة تميزت بحشمتها وسترها في لباسها فسترت عورتها، والمرأة كلها عورة عند غير محارمها، أما عند محارمها فلا تكشف إلا ما يكشف عادة من الوجه والكفين والقدمين والشعر ونحو ذلك، أما عند غير محارمها فيحرم كشفها ذلك كله للأدلة المتكاثرة من القرآن والسنة الصحيحة في بيان تحريم ذلك.

 

يقول الله عز وجل {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] وقال عز وجل {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53] وتقول عائشة رضي الله عنها وهي في حالة الإحرام (فإذا حاذانا الرجال اسدلت إحدانا جلبابها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه).

 

وتقول أيضا عائشة رضي الله عنها (يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما نزل قوله تعالى {وليضربن بخمرهن على جيوبهن}، (شققن مروطهن فاختمرن بها) ولهذا شرع النظر إلى المخطوبة عند النكاح، فلو كان كشف الوجه جائزا لما كان لذلك فائدة، وعندما أمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء بالخروج إلى صلاة العيد قلن (يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب فقال عليه الصلاة والسلام «لتلبسها أختها من جلبابها» (متفق عليه).

 

إلى غير ذلك من الأدلة التي تدل على أن هذا هو التميز للمرأة فتلك الفتاة تميزت بسترها وحجابها وحشمتها.

 

الوقفة الخامسة:

هذه الفتاة المتميزة تميزت بألفاظها وكلماتها فلا غيبة ولا نميمة ولا سبا ولا شتما ولا لعنا ولا تنابزا بالألقاب وهذا شأن المسلم الحق يتماشى مع توجيهات الوحيين القرآن والسنة، فهذا التميز لتلك الفتاة في ألفاظها يجعلها قدوة لغيرها فهي تكسب الأجر من خلال اقتداء الناس بها بل تكون محبوبة عند ذويها وأهلها وصديقاتها.

 

الوقفة السادسة:

هذه الفتاة المتميزة تميزت في أخلاقها فقد اتخذت من السنة النبوية منهجا في الأخلاق فهي صادقة وأمينة وحليمة ومبتسمة لا تغضب لأتفه الأسباب، ولا تخاصم ولا تفجر ولا تغدر وتصون عرضها وتستر نفسها وتعين غيرها فهي متميزة في أخلاقها.

 

الوقفة السابعة:

هذه الفتاة متميزة في دعوتها إلى الله عز وجل، فهي في غالب مجالسها أو كل مجالسها تقريبا جعلت الدعوة إلى الله تعالى هدفا لها من خلال كلامها ومعاملاتها وأخلاقها وتوجيهاتها، فيا بشراها بصدقاتها الجارية لها في اهتداء الناس على يديها فهي تبذل جهدا في نفع الناس وأكثر ما يكون فيه الانتفاع هو دعوة الناس إلى ربهم، فهذه الفتاة جعلت الدعوة هما من اهتمامات من اهتماماتها الكبيرة والجليلة، وما كان ذلك كذلك إلا لإدراكها الواضح وفهمها العميق بعد توفيق الله عز وجل لها.

 

الوقفة الثامنة:

هذه الفتاة متميزة في معاملاتها مع الآخرين، فالجميع آمن في معاملاتها مصدق لها مهتم بها، ينظرون إليها نظرة احترام وتقدير حيث انعكست معاملة الناس لها إيجابا فهي مثال يحتذى وهي موضع القدوة، فكم أثرت في الناس وهي لا تشعر، فما احوجنا إلى مثلها وأمثالها تحب لغيرها ما تحبه لنفسها، تعامل غيرها كما تحب هي أن يعاملوها به.

 

الوقفة التاسعة:

هذه الفتاة متميزة في برها بوالديها، فهي قرأت نصوص القرآن والسنة فعرفت وفقهت معنى البر الحقيقي، وهو مخالفة الهوى في موافقة الوالدين ما لم يكن في معصية الله تعالى، تسعد بخدمتهما وتفرح لأوامرهما وتفعل ذلك عبادة وتعبدا لله تعالى وهي مع والديها رهن إشارتهم في المنشط والمكره وفي اليسر والعسر، فهي لا تعرف كلمة أف ولا كلمة لا، وإنما منهجها قوله صلى الله عليه وسلم عن الوالدين (ففيهما فجاهد) تفرح لفرح والديها وتشقى لشقاهما، لا تختلف معهما ما داما على حق بل وتتنازل عن رأيها مقابل رأي والديها.

 

الوقفة العاشرة:

هذه الفتاة المتميزة تميزت في ثقافتها وعلمها، فهي متعلمة وقارئة فهي واعية في قراءتها تعرف ماذا تقرأ وكيف تقرأ ولمن تقرأ، وكيف تنفع الآخرين بثقافتها وقراءتها، جعلت ثقافتها سلما للدعوة والتطبيق وتصحيحاً للمفاهيم عند نفسها وعند الآخرين ولم ترتفع بنفسها وتتكبر عندما كانت مثقفة بل تواضعت لتعليم الآخرين وتثقيفهم.

 

الوقفة الحادية عشرة:

الفتاة المتميزة تميزت بأنها آمرة بالمعروف وناهية عن المنكر في نفسها وعند أهلها وذويها وفي مجالسها ومناسباتها، فهي بقدر الإمكان تصحح الأخطاء وتوضح الصواب فلا منكر يفعل بحضرتها بل إن مجالسها عامرة بالخير صراحة أو إشارة وأيضا عامرة بما أحل الله تعالى من المرح والمزاح فهي حريصة كل الحرص على سد ثغرات المعصية وسد مداخل الشيطان على الآخرين، فإذا أمرت أمرت برفق وعلم وحلم، وإذا نهت نهت بصبر وبصيرة فهي أبرأت ذمتها بقدر إمكانها في سعادتها عند ربها.

 

الوقفة الثانية عشرة:

هذه الفتاة المتميزة هي عزة وشرف لمجتمعها وهي نقطة بيضاء في جبين ذلك المجتمع يسعد بها الجميع ويتشرف بها القاصي والداني فيا سعادة والديها بها ويا سعادة أسرتها بصلاحها وإصلاحها.

 

الوقفة الثالثة عشرة:

أختي الفتاة المتميزة، حافظي على هذا التميز أشد المحافظة وذلك بدعاء الله عز وجل بالثبات ودعوة الأخريات إليه وكثرة مزاولته والقراءة عنه والمناقشة فيه والتعرف عليه.

 

لا تتنازلي عن حق أنت عليه اكسبي الآخرين بالتي هي أحسن حتى لا تتغير منزلتك اللامعة والساطعة لا تلتفتي إلى المثبطين الذين عجزوا أن يصلوا إلى مستواك الشريف الكبير، إن المحافظة على التميز هو جزء من التميز نفسه.

 

الوقفة الرابعة عشرة:

حاولي نشر هذا التميز بين صديقاتك وفي جلساتك وأسرتك، فإنك بهذا داعية إلى الله عز وجل واجعلي ذلك بالقول والعمل.

 

كوني مؤثرة إيجابا على الآخرين، انظري إلى ما أعطاك الله عز وجل من هذا التميز أو بعضه فدلي الناس عليه لتكسبي مثل أجورهم وأعمالهم فذلك صدقة جارية لك.

 

اجعلي لك خطوات عملية مجدولة في هذا الجانب ليكثر المتميزات على يديك.

قال عليه الصلاة والسلام «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» (رواه مسلم).

 

الوقفة الخامسة عشرة:

أيها الوالدان الكريمان كونا عونا ومعينا صافيا في إعداد التميز في بناتكم، فهن مخرجات أيديكم ومن تربيتكم وكل خير منهن فهو لهن ولكم لأنهن من كسبكم، شجعوهن وحفزوهن على التميز في هذه الجوانب المذكورة وغيرها، لا تجعلوا موقفا سلبيا يحصل بينكم يقطع ذلك الوصال في المساعدة على التميز والتشجيع عليه، إن الصبر والمصابرة هما سلم المجد والسداد، فإياكم أن ينهدم ما تم بناؤه إما بموجة غضب أو بتصرف من غير تفكير وتأمل، كونوا معهن على الوفاق وإياكم والفراق فإنه قطع قد لا يوصل وكسر قد لا يجبر.

 

الوقفة السادسة عشرة:

إن الشعور واستشعار الفتاة في تميزها لا يدعوها إلى الغرور والتكبر والعجب، بل هو يدعوها إلى مزيد من التواضع في بذل المجهود في دعوة الأخريات إلى ذلك المستوى العزيز الشريف.

 

بارك الله في بناتنا المتميزات ونفع بهن البلاد والعباد وجعلهن من الصالحات القانتات وأكثر الله عز وجل من أمثالهن ورزقهن من حيث لا يحتسبن، واشمل اللهم بذلك من كان وراء هذا التميز بأي جهد كان من أب أو أم أو معلمة أو غيرهم.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

_________________________________________________________________

الكاتب: اللجنة العلمية في مكتب الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في جنوب بريدة

 

  • 3
  • 1
  • 1,046

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً