المصل السنوي ضد فيروس الغفلة
أحمد كمال قاسم
لذا فشهر رمضان يذكرنا ويقرع آذان عقولنا بأن الحياة هي العبادة والعبادة هي الحياة، وبذلك يكون الشهر الكريم هو "المصل السنوي ضد فيروس الغفلة"
- التصنيفات: ملفات شهر رمضان -
شهر رمضان ليس موسمَ عبادةٍ وحصد للحسنات وحسب، بل إن رفع أجر "عبادة الله" (*) في رمضان ليس غاية في ذاته، لكنه حافز للمسلمين أن يعتاد كل منهم أن يعيش نهار يومه عابدًا - لأنه يكون صائما - دون الإنقطاع عن عمله اليومي فنشعر بالتداخل - بل التطابق - الواضح - لكل ذي بصر - بين العبادة والحياة.
لذا فشهر رمضان يذكرنا ويقرع آذان عقولنا بأن الحياة هي العبادة والعبادة هي الحياة، وبذلك يكون الشهر الكريم هو "المصل السنوي ضد فيروس الغفلة"، والانتهاء عن التوهم بأن الحياة - فيما بين الشعائر - ليست داخلة في العبادة!
إن صيام شهر رمضان كل عام هو مثل الخمس صلوات في اليوم، هو إعادة لشحن "بطارية التقوى"، وإعادة ربط الحياة بالشعائر، فكما أنه من لا يتأثر بصلاته في حياته، ويسهى عنها بعدها وفيما بين الصوات فكأنها لم تكن، وصفه الله بالمكذب في بالدين (**)، فكذلك من يمر برمضان ليحصد الحسنات وهو يظن أن الحسنات الحاصلة من الصيام والقيام هي الغاية، دون أن ينتبه أن الغاية هي أن نتقن عبادة الله - بمفهومها القرآني العام - في الشهر حتى لا نكون عن شهر رمضان من الساهين بعد أن يُقضَي، وكأنه لم يكن معنا ولم نكن معه.
فلنتعامل مع شهر رمضان بعقلية جديدة أصيلة، وهي عقلية أنه وسيلتنا لنتعلم كيف تكون التقوى أثناء ممارستنا ما يُسمى اصطلاحًا بالعادات والعبادات، وأثناء ما نغفل عنه غفلة عظيمة وهو الجهاد، وأعظمه الآن جهاد التعلم الجاد، والعمل المُتقَن، وجهاد الشهوات والشبهات.
لندع عاداتنا "العرفية بنكهة إسلامية" مثل التنافس مع النفس والغير في عدد مرات ختم ترديد بلا تدبر - ولا أقول فهم، ولا "قراءة"- آي القرآن الكريم. لندع التعامل ببغائية مع أعظم كتاب في الكون وهو القرآن الكريم.
فتدبروا يا أولى الألباب، يرحمنا ويرحمكم الله
عذرا على الكلمة الطويلة التي لا تخلو من جفوة، لكن كثيرا ما يكون الشفاء في دواءٍ مُرٍ أو في جراحة مؤلمة.
كل عام وأنتم بخير
والله أعلم