رمضان والإيمان
في خضم الضجيج الكبير من حولنا، لا يكاد المرء يبحث أو يفكر أو يسعى لمعرفة ما إذا كان قلبه حيّ نابض أم ميت خاوٍ
- التصنيفات: ملفات شهر رمضان -
في جسم الإنسان أعضاء كثيرة؛ كل منها لديه وظيفة لا يحيد عنها ولا يكل عن فعلها، وإذا حدث خلل في أحدها اختل نظام الإنسان وتحولت حياته جحيما.
والقلب هو عضو ليس كأي عضو بل هو الأخطر والأهم، لا أعني ذلك المسئول عن ضخ الدم إلى الجسم، بل أعني ذلك الذي يحس ويشعر، ويفرح ويحزن، ويطمئن ويكتئب، ويتألم ويرتاح..
ما طبيعة المخزن الذي فيه، ما الذي يُشغله ويفكر فيه، ومن الذي يقوده ويتحكم بمشاعره وأحاسيسه ؟ فلنقف قليلا مع قول الله عز وجل {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ}.
في خضم الضجيج الكبير من حولنا، لا يكاد المرء يبحث أو يفكر أو يسعى لمعرفة ما إذا كان قلبه حيّ نابض أم ميت خاوٍ. ميت لا يستشعر حلاوة أو مرارة ما يقع حوله، ولا يرى معاناة غيره، ولا يتحرك لمصاب أمته، لا يغير فيه موت من مات أو مناظر المكلومين ولا آيات رب العالمين.
أم حيّ إذا رأى منظرا قبيحا أو إخلالا بالأدب أو تجاوزا عن الحدود أو اعتداء على العاجز والمسكين ينفجر دمه ويتحرك كالثور الهائج لا يوقفه سوى رؤية بياض الواقع كبياض قلبه تماما.
بحثت وقرأت وسألت لكي أوقظ قلبي الميت التائه، وعرفت إن ما ينقله من الجفاء إلى الإحساس ومن القسوة إلى الليونة ومن الموت إلى الحياة هي كلمة كبيرة ومعنى جليل اسمه "الإيمان".
ذلك هو المعنى وتلك هي الكلمة التي تسور القلب بسور الحياة والشعور والحركة، والتي تعطي للحياة لذة، وتصبغ الكون بلون بهيّ، وتحث الإنسان على العلو، وتبصره بما ينبغي ومالا ينبغي.
ومع حلول شهر رمضان، لم يعد البدن طيلة فترة النهار يجري وراء الطعام والشراب وهي من أكثر ما يشغل الإنسان في حياته كلها، وأصبحت الظروف مهيئة لإصلاح اعوجاج القلوب وغرس الإيمان فيها، وبذلك سنشتاق لهلال رمضان كل عام، وسنطير فرحا وسنبتهج لقدومه، وسنشعر باللذة في جميع أيامه ولياليه.
عمر القباطي