بين الماضي والحاضر
هاني مراد
عاش الماضي لهدف سام في حياته! كانت بوصلة حياته تعرف اتجاهها! ويعيش الحاضر لا يعرف سبب حياته، ولا يعرف لها وجهة، فهو في تيه بعد تيه!
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
ساد الماضي العالم بأخلاقه وإخلاصه! وينزوي الحاضر في القاع بسماجته ونفاقه!
كان الماضي يؤثر الآخرة على الدنيا! أما الحاضر، فالدنيا هي أثرته وآسرته!
عاش الماضي لهدف سام في حياته! كانت بوصلة حياته تعرف اتجاهها! ويعيش الحاضر لا يعرف سبب حياته، ولا يعرف لها وجهة، فهو في تيه بعد تيه!
كان الماضي يعلّم غيره، فلا يعرفه أحد. وكان يقول: وددت لو علّمت الناس وما عرفني أحد! أما الحاضر، فيفاخر بنفسه دون خجل، ويردد اسمه بين كل سطر وسطر، ويلصق صورته في كل جدار وجدار!
كان الماضي يعيش متواضعا! لا يذكر لنفسه فضلا، ولا يرى نفسه أمثل من غيره، ويرى غيره أخير منه! لكنّ الحاضر لا يعيش دون فخار وتباه، ويقتات على التمدّح!
كان الماضي يبجّل المرأة، فكانت النساء تعلّم الرجال. فعلّمت الشافعي وابن حنبل وابن حزم وغيرهم من الأعلام! أما الحاضر، فيرى كل امرأة فريسة، ويرى رجالا ليس لهم بالرجولة صلة! فيتحرشون بكل امرأة، وإن كانت تعلّم غيرها!
كان الماضي يرى حق غيره، قبل أن يرى حقه. أما الحاضر، فلا يرى غير حقه، وهو لحق غيره أضيع.
كانت نفس الماضي مشرقة، أفكاره واضحة، مفاهيمه صافية، حياته خالصة. أما الحاضر فنفسه كدرة، وأفكاره غامضة، ومفاهيمه مبعثرة، وحياته شائبة.
كان الماضي خيّرا كريما، لا ينظر إلى ما في يد غيره! ويمتلئ قلب الحاضر حبا للدنيا، كما تمتلئ نفسه شرها واستشرافا إلى ما في يد غيره.
فما أجدر الحاضر أن يعود إلى ماضيه، عسى أن يلحق به!