صعوبة حفظ القرآن
حسين عبد الرازق
كيف تكون صعوبةُ حفظ القرآن نعمةً عظيمة عليك؟!
- التصنيفات: القرآن وعلومه -
كيف تكون صعوبةُ حفظ القرآن نعمةً عظيمة عليك؟!
وأنت في طريق تعلُّم القرآن وضبطه وتثبيته ستُقابلُك محطة متكررة، وهي عقبةٌ ومُفترَقُ طُرق:
أنك تتعب وتجتهد كثيرا لتثبيت سورةٍ ما، وتحاول، وتأخذ بأسباب كثيرة (تُكثر من قراءتها، وسماعها، وتسميعها، والصلاة بها، وتكرارها) ثم تجد نفسك لا تزال تُخطئ فيها ولا تقرأها بطلاقة..وتتفلّتُ منك عند هذه المحطة اعلمْ أنك في مُفترق طرق:
إما الملل، واليأس، وفقْد الثقة، تُقرر معها تَركَ حلمِك بتعلمُ القرآن وتستسلم..
وإمّا حُسن استثمار الأمر.. واستخراج معاني لُطف الله بك فيه.. ليصير ذلك النسيانُ نعمةً عليك وخيرا.. كيف؟
١- أن تعلم أن ذلك من نِعم الله عليك، حيث تعلم أنه هو الذي يُثبتُ العلم والقرآن في نفوس الناس، وهو القادر على إذهابه وإنسائه، ومهما أخذتَ بأسباب تثبيته فهو وحده الذي يُثبته في صدرك= فتفتقر إليه في طلبه، وتُكثر من دعائه وتستحضر فقْرك إليه في كل ما تطلبه، ويستمر ذلك معك من أول رحلتك مع القرآن إلى أن تلقى ربّك به، القرآن ملوش كبير.
كل إنسان محتاج إلى مراجعته وتعاهده مهما كانت درجة حفظه.
٢- ومن ذلك: أن شعورك بالحاجة المستمرة للمُراجعة والأخذ بأسباب التثبيت و التكرار فليس ثَمّ وقتٌ تنتهي فيه مراجعتك بحيث لم تعُد مُحتاجا إلى النظر في المصحف والمُعاهدة له فالقرآن رحلة عمر ومشروع حياة لا ينتهي ولا يُوقف معه عند حدّ معين.
٣- ومن ذلك أن تعلم أن المراد من تعلُّم القرآن = هو طلبه تلك هي العبادة ُ نفسُها وذلك هو العمل الصالح المُتعلّق بالقرآن.
٤-أن تبقى تطلبه وتريد تعلمه وتبذلُ ما تستطيع لذلك ولست مُكلّفًا بالمهارة به ولا بإتقانه وفي ذلك ثواب وأجر وحسنات بكل حرف تقرأه مَن علم ذلك: بقي يطلبه ويريده و يبذلُ مهما كان ضعيف التحصيل، سريع النسيان، يتفلتُ منه القرآن، ولا يُحكم تلاوته فأنت ناجحٌ ما دُمت تُحاول وفشَلُك فقط في التوقف عن تلك المحاولة والاستسلام.
٥- وأن تفهم أنّ تحضيرك و تعبك و مُعاناتك المؤقتة تلك: مع كونها عبادة فهي كذلك طريقُك لسعادةٍ ونعيم مُقيم، و كتابُ الله يدخل شيئا فشيئا إلى صدرك حتى يستقرّ و يثبت بإذن الله.
ومن الوهم أن تظن أنّ القراءة بطلاقة و إتقانٍ تأتي دفعة واحدة!
السّاعتان اللّتان تخُصُّهما من يومِك الآن و تقضيهما في تعبٍ و تركيز لتحفظ رُبُعًا من القرآن بعد مُدّة إن شاء الله ستُراجع فيهما خمسة أجزاء من صدرك بسهولةٍ وتلقائية و طلاقةٍ و مُتعةٍ و أنت تمشي.. و أنت تقود سيارتك.. و أنت تجلس في الحديقة ..لن تقتطع له وقتًا خاصّا من يومك لأنه سيكون صاحبَك اليومَ كلَّه..
الأمر يحتاج فقط مصابرة و تكرار و استحضار فضل الماهر بالقرآن و شفاعة القرآن، وصدق نية، وكثرة دعاء ..
وابدأ بحفظ السورة التي تحبُّها أكثر، وأكثِر من الاستماع لها من قارئ تحب صوته ..
اتعب = تسترح، و النعيم لا يُدرَك بالنّعيم و إن كان تعلّم القرآن وحفظُه نعيمٌ من أوله إلى آخره ..لو طهُرت قلوبُنا.
٦- ومن ذلك: أنك عندما تُتقن القرآن = فستبقى تعلمُ ان الطريق إليه ليس مفروشا بالورود أو سهلا بل يحتاج عزما وقوة واستعانة وصبرا فتُرشد غيرك إليه وتدلُّه وتحلُم عليه وتصبر وستكون قد حصّلتَ خبرة كبيرة في تعلُم القرآن اكتسبتَها من تجاربك تلك وإخفاقاتك السابقة فتحاول إرشاد غيرك حتى لا يقع فيها ويتجاوز عقباتها وكل ذلك في ميزان حسناتك
(فتصور لو كنت بمجرد المرة الأولى لمحاولة الحفظ يثبتُ في صدرك، كنتَ ستُحرمُ كل هذا الخير وتفقد كلَّ هذه المعاني)
وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا.
{وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا}