من أسباب نجاح القائد الإداري والتربوي 2
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
والقائد العاقل طبيب نفسه متى رأى أنه في حال خارج عن المألوف فلا يتخذ أي قرار, بل لو أمسك عن الكلام لكان ذلك وقاية له من الخطأ
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
{بسم الله الرحمن الرحيم }
أن يستكشف قدرات العاملين معه ثم يستثمرها فيما يعود بالنفع على العمل:
أول مرحلة لاستثمار مواهب كل عامل في العمل المناسب له, معرفة تلك المواهب والقدرات الموجودة لديه, فعن عبدالله بن جعفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سيف من سيوف الله: خالد بن الوليد » [أخرجه أحمد]
وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه, قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنك غلام معلّم» [أخرجه أحمد]
عن أنس بن مالك رضي الله عنه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال« أرحم أمتي بأمتي أبو بكر, وأشدُّهم في أمر الله عمر, وأصدقهم حياءً عثمان, وأقرؤهم لكتاب الله أُبي بن كعب, وأفرضهم زيد بن ثابت, وأعلمهم بالحلال والحرام مُعاذ بن جبل, ألا وإن لكل أمةٍ أميناً وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح» [أخرجه الترمذي]
وعن أنس رضي الله عنه, أن أهل اليمن لما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم سألوه أن يبعث معهم رجلاً يُعلمهم, فبعث معهم أبا عُبيدة. وقال: «( هو أمين هذه الأمة)» .[أخرجه أحمد]
وعن أبي ذر رضي الله عنه, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «( ما تُقلُّ الغبراء ولا تُظلُّ الخضراء على ذي لهجة أصدق وأوفى من أبي ذر)» [أخرجه الترمذي]
وبعد معرفة مواهب العاملين معه, يتم استثمار تلك المواهب بتكليف كل عامل بالعمل المناسب لمواهبه وقدراته.
أن يفتح أبوابه, ويسمع من أصحاب الحاجات:
عن أبي الشماخ الأزدي, عن ابن عم, رضي الله عنهما, قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( «من ولي أمراً من أمر الناس ثم أغلق بابه دون المسكين والمظلوم أو ذي الحاجة أغلق الله تبارك وتعالى أبواب رحمته عند حاجته وفقره أفقر ما يكون إليها» [أخرجه أحمد]
من الأشياء التي تكشف للقائد أوجه القصور: سماعه من الآخرين, وخصوصاً المظلومين, وذوي الحاجات, وهو بسماعه لهم وعلاجه لحجاتهم, ودفعه للظلم الواقع عليهم, يكسب الثواب والأجر من الله عز وجل من جهة, ويعرف مواطن الخلل في عمله من جهة ثانية, مما يساعده على علاجها
أن لا يترفع, ويعمل مع العاملين معه:
عن البراء رضي الله عنه, قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم, يوم الأحزاب ينقل التراب» [أخرجه البخاري] فرسول الله صلى الله عليه وسلم ,كان لا يترفع, ويعمل مع أصحابه رضي الله عنهم, فليكن هو الأسوة لكل قائد, ومما يعين أي قائد على العمل مع العاملين معه, أن يعلم أنه سوف ينال الأجر والثواب من الله جل جلاله على عمله, فعن ابن مسعود رضي الله عنه, أنهم كانوا يوم بدر, بين كل ثلاثة بعير, وكان زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليَّ, وأبو لُبابة, فإذا حانت عُقبة النبي صلى الله عليه وسلم, قالا: اركب ونحن نمشي, فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: «(ما أنتما بأقوى منِّي, وما أنا بأغنى عن الأجر منكما)» [أخرجه ابن حبان] .
أن يرفق بالعاملين معه, ومن يتعامل معهم:
الرفق من جواهر الأخلاق, قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: « ما كان الرفق في شيءٍ قط إلا زانه, ولا نُزع من شيءٍ إلا شانه» [ أخرجه أحمد وصححه الألباني برقم ( 5654) في صحيح الجامع] فعلى كل قائد أن يتصف بهذا الخُلق العظيم, فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً, فشقَّ عليهم فاشقُقُ عليه, ومن ولي من أمر أمتي شيئاً, فرفق بهم فارفق به» [أخرجه مسلم] قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: قوله عليه الصلاة والسلام: ( من ولي من أمر أمتي شيئاً ) يشمل القليل والكثير, حتى مدير المدرسة في مدرسته,...وكل من ولي شيئاً فالواجب عليه أن يرفق بمن ولاه الله عليهم, حتى يحصل على هذه الدعوة المباركة من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم, وهي: أن يرفق الله تعالى به. وقال الإمام النووي رحمه الله: هذا من أبلغ الزواجر عن المشقة على الناس, وأعظم الحث على الرفق بهم,
لا يتخذ قرارات مع تشوش الذهن وانشغال البال:
الإنسان إذا تشوش ذهنه, لغضب, أو لغيره, فإن قراراته تكون غير موزونة, ولذا نهي الشارع القاضي أن يقضي وهو غضبان, فعن أبي بكرة رضي الله عنه, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «( لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان)» [متفق عليه]
والقائد العاقل طبيب نفسه متى رأى أنه في حال خارج عن المألوف فلا يتخذ أي قرار, بل لو أمسك عن الكلام لكان ذلك وقاية له من الخطأ, _ حتى ولو كان خروجه عن المألوف بشيءٍ يفرح _, فالرجل الذي وجد ضالته بعد أن يئس منها, قال من شدة الفرح: " اللهم أنت عبدي, وأنا ربك" .أخطأ من شدة الفرح.
أن يستفيد من تجارب غيره ولو كانوا أعداءً:
عن جذامة بنت وهب الأسدية رضي الله عنها, قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد هممتُ أن أنهى عن الغيلة, حتى ذكرتُ أن الروم وفارس يصنعون ذلك, فلا يضر أولادهم»[أخرجه مسلم] قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: في هذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد يستدل بفعل الكفار في الأمور العادية والطبيعية وما أشبه ذلك, وأن التأسي بهم والنظر في حالهم في مثل هذه الأمور لا بأس بها.
نسأل الله التوفيق والسداد لكل قائد من قواد المسلمين, وأن ينفع به العباد والبلاد.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ