شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "تنكح المرأة لأربع"
محمد بن صالح العثيمين
قال صلى الله عليه وسلم أنه قال: «تُنكَح المرأة لأربع: لمالها، وحسبها، وجمالها، ودينها، فاظفر بذات الدين». متفق عليه.
- التصنيفات: شرح الأحاديث وبيان فقهها -
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تُنكَح المرأة لأربع: لمالها، ولحسَبِها، ولجمالها، ولدِينها، فاظفَرْ بذات الدين تربتْ يداك» (متفق عليه).
ومعناه: أن الناس يقصدون في العادة من المرأة هذه الخصالَ الأربع، فاحرص أنت على ذات الدين، واظفر بها، واحرص على صُحبتِها.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل: «ما يمنعك أن تزُورَنا أكثر مما تزورنا»؟، فنزلت: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ} [مريم: 64]؛ رواه البخاري.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصاحِبْ إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامَك إلا تقيٌّ»؛ رواه أبو داود والترمذي بإسناد لا بأس به.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الرجل على دين خليلِه؛ فلينظُرْ أحدكم مَن يُخالِل»؛ رواه أبو داود، والترمذي بإسناد صحيح، وقال الترمذي: حديث حسن.
وعن أبي موسى الأشعري رضى الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المرء مع من أحَبَّ»؛ (متفق عليه).
وفي رواية قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: الرجل يحب القومَ ولما يلحق بهم؟
قال: «المرء مع من أحَبَّ».
قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
ذكَرَ المؤلِّف رحمه الله فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «تُنكَح المرأة لأربع: لمالها، وحسبها، وجمالها، ودينها، فاظفر بذات الدين».
يعني لأن الأغراض التي تُنكَح من أجلها المرأةُ في الغالب تنحصر في هذه الأربع:
المال: من أجل أن ينتفع به الزوج.
والحسَب: يعني أن تكون من قبيلة شريفة؛ من أجل أن يرتفع بها الزوج.
والجمال: من أجل أن يتمتع بها الزوج.
والدِّين: من أجل أن تعينه على دينه، وتحفظ أمانته، وترعى أولاده.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فاظفر بذات الدين تربتْ يداك»؛ يعني تَمسَّكْ بها واحرص عليها، وحثَّ على ذلك بقوله: «تربت يداك»، وهذه الكلمة تقال عند العرب للحث على الشيء.
ثم ذكَرَ المؤلِّف أيضًا حديثَ جبريل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا تزورنا أكثر مما تزورنا»؟، فنزلت: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64].
ففي هذا الحديث طلبُ زيارة أهل الخير إلى بيتك، فتطلب منهم أن يزوروك من أجل تنتفع بصُحبتهم.
وكذلك في حديث أبي هريرة صحبة المرأة الديِّنة تعينك على دين الله.
وقد سبق أيضًا أن مثل الجليس الصالح كحامل المسك، إما أن يُحذيَك؛ يعني يعطيك منه، أو يبيعك، أو تجد منه رائحة طيبة.
ثم ذكر المؤلِّف أحاديث بهذا المعنى، مثل ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «المرء على دين خليله؛ فلينظُر أحدكم من يُخالِل» يعني أن الإنسان يكون في الدِّين - وكذلك في الخُلُق - على حسب من يصاحبه، فلينظر أحدكم من يصاحب؛ فإنْ صاحَبَ أهل الخير صار منهم، وإنْ صاحَبَ سواهم صار مثلهم.
فالحاصل أن هذه الأحاديث وأمثالها كلها تدلُّ على أنه ينبغي للإنسان أن يصطحب الأخيار، وأن يزورهم ويزوروه؛ لما في ذلك من الخير، والله الموفق.
________________________________
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 244- 246)