وينسى الجذع في عينه
أحمد قوشتي عبد الرحيم
فأخطاء الآخرين عندنا عظائم وموبقات ، وأخطاؤنا هنات ومجرد سوء تقدير ، وأخطاء شيوخنا ومن نحبهم أو نوافقهم في المشرب والتوجه الفكري أو السياسي لها مائة تأويل ومخرج
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
«يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه، وينسى الجذع في عينه»
هذا حديث روي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وروي موقوفا على أبي هريرة ، وهو الأظهر ، لكن ما يهمني هنا هو أننا جميعا - وما أبرئ نفسي - واقعون في هذا المسلك ما بين مستقل ومستكثر .
فأخطاء الآخرين عندنا عظائم وموبقات ، وأخطاؤنا هنات ومجرد سوء تقدير ، وأخطاء شيوخنا ومن نحبهم أو نوافقهم في المشرب والتوجه الفكري أو السياسي لها مائة تأويل ومخرج ، فإن عجزنا عن تأويلها فهي مغفورة ومغمورة في بحور حسناتهم العظيمة ، أما أخطاء مخالفينا فكوارث ومصائب تهدم الدين والدنيا .
وثمة فريق آخر يظن نفسه منصفا ، فإن رأى أخطاء محبيه ، ولم يستطع لها هضما ولم يجد لها تسويغا ، سكت عنها وكأنه لم يسمع بها ، ولم ينكرها ولو بكلمة عابرة أو داور وناور في الكلام ، أما إن رأى أدنى زلة من مخالفيه فهو يقيم عليها حفلات ، ويعيد الكلام فيها ويزيد ، ويتلذذ بجمع كل شاردة وواردة حولها .
وقد توعد الله المطففين فقال سبحانه { وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ . الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ . وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} وليس التطفيف قاصرا على البيع والشراء بل يدخل بعموم معناه في الحكم على الأشخاص والأفكار ، وتقويم الناس والاتجاهات والمذاهب ، والتعامل مع الموافقين والمخالفين .
والله سبحانه المطلع على القلوب والسرائر ، والأعلم بخفايا النفوس وأهوائها ، والأعلم بالمفسد من المصلح ، ومن تكلم لله ونصرة لدينه ، ومن تكلم لحظ نفسه وهواها ، وتعصبا وبغيا على المخالفين ، والله المستعان ، ولا حول ولا قوة إلا به .