الإعلام بين الإفساد ونصر الإسلام

منذ 2021-06-14

كم من إعلامٍ هو حَرب على الإسلامِ وأهلِه، وكم مِن إعلامٍ حربٌ على الفضائل، وكم من إعلامٍ مروِّج للدِّعايات المضلِّلة، والأفكار المنحرِفة، والأخلاق السّافلة، فإن يكن لدَيك تمييز لهذا استَطعتَ بتوفيقٍ منَ الله أن تنجوَ من تأثير هذه القنواتِ الضّالّة..

الإعلام بين الإفساد ونصر الإسلام

أيّها المسلم، نَفسُك أمانةٌ عندك، فأنت إمّا أن تسعَى في تزكيَتِها وتطهيرِها والسّموِّ بها إلى الكمالِ، وإمّا أن تسعى في إذلالِها وإهانَتِها، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس:9 - 10]، وفي الحديثِ عنه صلى الله عليه وسلم قال:  «كلُّ الناسِ يغدو، فبائعٌ نفسَه؛ فمعتِقُها أو موبقها» [1].

 

أيّها المسلمون، إنّ هناك وسائلَ للشَّرِّ قد تكاثرَت وتعدَّدت وتنوَّعَت الأساليب، وكلُّها تهدِف إلى هدفٍ واحد؛ زعزعةِ عقيدةِ المسلم قبل كلِّ شيء، إضعافِ الإيمان في قلبه، تشكيكه في ثوابتِ دينه، تَشكيكه في قِيَم إسلامِه وأخلاقه، البُعد به عن الفَضائلِ وتهوين الرذائل، والسَّعي في مَسخ الفِطَر والقِيَم والأخلاقِ الكريمة.
 

أيّها المسلم، إنَّ العالَمَ يشاهِد اليومَ نهضة إعلاميّة عظيمة، تمثَّلت في قنواتٍ فضائيّة متعدِّدة مختلِفة الاتِّجاهات، فما بين قنواتٍ أخذت على عاتِقِها حَربَ العقيدة، محارَبَة العقيدةِ السليمة والطَّعن فيها وتَشكِيك المسلم فيها، وما بين قنواتٍ فضائيّة أخذت على عاتقِها تدميرَ قِيَم الأمة وأخلاقها، وما بين قنواتٍ فضائيّة اتَّخذت مسارًا آخَر لتفكيك الأمّة والطعن في بعضها البعض، ومحاولَة إيجاد البغضاء بين الشعوبِ الإسلاميّة.
 

أيّها المسلمون، للإعلامِ دورُه الفعّال في توجيه الفِكر ورَسمِ الطّريق للإنسانِ، لكن ليتَّقِ المسلم ربَّه، وليحصِّن نفسَه بشرع الله؛ ليكونَ ذلك حاجزًا بينَه وبين التأثُّر بهذا الإعلامِ الجائِر الباطِل، وما ذاك إلاّ بالإعراضِ عن كثيرٍ من قنواتِه، وأن يتأمَّلَ قبلَ أن يشاهِدَ وينظُر: ماذا تحمِله تلكم القنوات؟ ما هي أفكارُهم وآراؤهم؟ ومَن هم القائِمون عليها؟ وما أهدافُهم ممّا ينشرون ويعلِنون؟ فإن يكن ذا رأيٍ سديد وإيمانٍ صادق؛ اتَّقى الله في نفسِه وأعرَض عن كلِّ باطل، اللهمّ إلاّ أن يكونَ ذا قَلَم سيّال، وأسلوبٍ جذّاب يحاول أن يدحَضَ الباطلَ ويقيمَ الحجّة عليه،  {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ}  [الأنبياء: 18]، فمن كانت هذه غايَته؛ شاهَد ليَنقُدَ وليوضحَ الخطأَ وليبيِّن الضلال؛ فتلك دعوةٌ إلى الله وإلى دينِه، لكن للأسفِ الشديد مجرّدُ المشاهدةِ للتّسلية، والانتقال من قناةٍ إلى أخرَى، وكم تحمِل تلكِ القنواتُ في طيّاتها من حربٍ على الإسلام، وحربٍ على القِيَم والفضائل، وتجسيدِ أسباب الشرِّ؛ للانحرافِ بالشباب المسلِم من رجالٍ ونساء عن مسيرتِه الصحيحة وإيقاعِه في الضلال.

أيّها المسلم، لنَقِ أنفسَنا عذابَ الله، ليكن عندنا فرقٌ بين ما ينشَر ويعلَن، وتمييزٌ صادِق لنستبينَ ما هو الإعلام النافِع من الإعلام الضارّ، فما كلُّ إعلامٍ نافعًا، فكم من إعلامٍ هو حَرب على الإسلامِ وأهلِه، وكم مِن إعلامٍ حربٌ على الفضائل، وكم من إعلامٍ مروِّج للدِّعايات المضلِّلة، والأفكار المنحرِفة، والأخلاق السّافلة، فإن يكن لدَيك تمييز لهذا استَطعتَ بتوفيقٍ منَ الله أن تنجوَ من تأثير هذه القنواتِ الضّالّة، وتميِّزَ بين إعلامٍ صادق أُريد به خير، وبَين إعلامٍ هابِط أرادَ به أهلُه شرًّا، لنحصِّن أبناءَنا ذكورًا وإناثًا بوحيِ الله، ولنُحذِّرهم من الانخداعِ والاغترار بما يُنشَر في تلكم القنواتِ، ولنبيِّن لهم أخطارَها وأضرارَها ومفاسِدها، ونصوِّر حقيقةَ الأمر، فتلك قنواتٌ خرجَت عن السّيطرَة، لكن لا يحصِّن المسلمين إلا وَحيُ الله، والتّمسُّك بدينه، وتوضيح الحقِّ من الباطل؛ ليكونَ المسلم على بيِّنةٍ مِن أمره.
 

أيّها المسلم، تنوَّعَت أساليب الإعلام، فما بَين صُحُفٍ مقروءة، وما بين مرئيّة، وما بين مسموعَة، وما بين شبكاتِ الاتِّصالات الإنترنت وما يُجلَب في ساحاتها من بلاءٍ ومصيبة، من هتكٍ للأعراض، ورميٍ بالتُّهم وأكاذيبَ وأباطيل، كلُّ ذلك من وسائلِ الإعلام التي يجب على المسلِمِ التثبُّت فيما يرى وفيما يسمَع؛ ليكونَ على بصيرةٍ من أمره.
 

أيّها المسلم، إنَّ واجب الإعلام الإسلاميّ أن يكونَ له تميُّزٌ خاصّ، وأن تكونَ برامجُه برامجَ هادِفة، ومُسلسَلاتُه مسلسلاتٍ هادِفة، تبني القِيَم والفضائلَ، وتوضح للأمّة الحقَّ، وتعالج مشاكِلَ الأمّة مِن قريب أو بعيدٍ بالعلاج الشرعيّ النافع، الذي يجعَل هذه الوسائلَ مِنبرَ توجيهٍ وإرشاد، ومَتى انحرف الإعلام عن مسارِه الصحيح، فإنَّ أضراره ومفاسدَه ومساوئَه تكون كثيرةً، فقد ولَج الإعلام كلَّ بيت، وأصبح بمقدورِ كلِّ إنسان أن يشاهِد ويرَى ما يُبَثّ من العالم يشاهِده، فهو في منزله يتحكَّم ويرَى، ويَرى وينتقِل من هذا إلى هذا، لكن إن تحصَّن بالوحي، وتمسَّك بالهُدى وصارَ عندَه فرقٌ بين الحقِّ والباطل، وبين الهدَى والضلال؛ لم تخدعه تلك الآراءُ، ولم يغترَّ ويُعجَب بتلك الأفكارِ والأطروحات السيِّئة.
 

أيّها المسلم، إني أناشِد رجالَ الصَحافة في بلادِنا؛ محرِّري الصّحُف والقائِمين عليها، فأقول لهم: تقوَى الله وصيّة الجميع، والحِرص على التأكُّد مِن كلِّ ما ينشَر، وفَحص كلِّ مقالٍ يُراد أن ينشَر، وكلّ أطروحة يريد شخصٌ أن يطرَحَها؛ لنكونَ على بصيرةٍ من أمرنا، فلا تخرج صحافتُنا إلاّ برأيٍ سديد، وفِكرٍ نيِّر، وخلُقٍ كريم؛ لتكونَ صحافتنا صحافةً حقّة، وليكون مَن يقرَأ وينظر يتدبّر ويستفيد، فمشاكِلُ المجتَمَع المسلِم كثيرة، فحَلّ مشاكِلِنا بالطّرُق السّليمة على هديٍ من كتابِ ربِّنا وسنّة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم يحوِّل صحافتَنا إلى مِنبرِ خيرٍ وتوجيهٍ، ودَعوة للخَير وأخذٍ بأسباب الهِداية.

 

لا يغرّنَا ما انجَرَفت فيه صُحُف غيرنا أو مَا سَلَك غيرنا، لا بدَّ لهذا البلَدِ المسلِم أن يتميَّز إعلامُه بما يخدم هذه العقيدةَ قبل كلِّ شيء، وبما يقوِّي الأخلاقَ، ويثبِّت الأمن، ويجمَع الكلمة، وتصبِح الأمّة تستفيد مِن إعلامها، فهو يوجِّهها في معتَقَدها، وأخلاقها، واقتصادِها، وثقافَتها، توجيهًا سليمًا مبنيًّا على أسُسٍ من كتابِ ربِّنا وسنة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم.
 

إنَّ كلَّ من يريد أن يكتبَ، وكلَّ من يريد أن يحلِّل، وكلَّ من يريد أن يكون له سَبقًا في القول؛ فليتَّق الله، وليحاسِب نفسَه قبل أن يُحاسَبَ أمام الله، ليحاسِب نفسَه عما يقول، وليتذكَّر قولَ الله: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ}  [النور: 24 - 25].

 

إنّ أعداءَ الإسلام احتَوَوُا الإعلام العالميّ، وسخَّروه لخدمة أفكارِهم وآرائِهم، وسخَّروه للطّعن في الأمّةِ وثوابتها، سخَّروه لإبعادِ المجتمع المسلم عن دينِه، سخَّروه للقدحِ في ماضينَا المجيد وفي أعلامِ الهدى من هذه الأمة، سخَّروا إعلامَهم لأجل هذا، فهل إعلامُنا الإسلاميّ لديه القدرةُ على مناقشة تلك الأمور، وعلى قَرع الحُجّةِ بالحجة ودمغِ الباطل بالحقّ؟!  {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} [الأنفال: 42].

إنّ الإعلامَ الإسلاميّ متى أخذ على عاتقِه الدعوةَ إلى الإسلام وفضائله، وتبيين الهدى من الضلالِ، وصَارَ طابعه ومظهَره طابعًا ومظهرًا إسلاميًّا في كلِّ الأمور، ليكونَ أعلامنا إعلامًا متميِّزًا، وإعلامًا هادِفًا للخيرِ، وإعلامًا يتحسَّس مشاكلَ الأمّة ويعالجها العلاجَ السليم، فعند ذلك يتحوَّل الإعلام إلى خيرٍ بتوفيقٍ من الله، ولكن مع هذا كلِّه فعلى كلِّ مَن كان في أيِّ وسيلة من وسائلِ إعلامنا؛ مِن صحافةٍ وتلفازٍ وإذاعة، أن يتَّقوا الله فيما يقولون، وفيما يرسمون، وفيما يضَعون من برامج، لتكن تقوَى الله هدفَ الجميع في كلِّ الأحوال، وليتَّقِ الله من يكتُب في تلك الساحاتِ ومَن ينشُر ويقول، ليتَّقِ الله في نفسه، وليعلم أن اللهَ رقيب عليه وإن خَفِي أمره على النّاس.
 

إنّ الإعلامَ الإسلاميّ لا بدَّ في هذا العصر من أن يتميَّزَ تميّزًا صحيحًا؛ لأنّ الحملات المسعورةَ على الإسلامِ وأهله قد علا شأنُها واشتدَّ خطرُها، ولا يمكِن أن يُكافَحَ الباطلُ إلاّ بالحقِّ الصريح، ولا يمكِن أن نردَّ الباطل إلا بالحقّ، ولا يمكن أن ندحضَه إلاّ بالحجّة القطعيّة، ففي كتاب ربِّنا وسنّة نبيّنا ما يكفي لدمغِ هذا الباطلِ وردِّه.

 

إنَّ الإعلام الإسلاميّ إذا تميَّز بهذه الميزةِ الصادقة، وحسُنت النيّة، وقوِيَت العزيمة؛ فإنَّ الله يجعل لهذا الإعلامِ أثرَه الفعال في تبيين فضائِلِ الإسلام ومحاسِنِه، ودَحض كلِّ ما لبَّسه عليه الملبِّسون، وكلّ ما زوَّر المزوِّرون من أناسٍ طعَنوا في الإسلام وفضائِلِه، وتعاليمه وقِيَمه، وصوَّروه بالصّورة المشوّهَة، فعلى الإعلامِ الإسلاميّ أن يكونَ دائمًا داعيًا إلى الله، ومسخِّرًا كلَّ برامجه لما يسعِد الأمةَ في دينها ودنياها.
 

وعلينَا أن نثقِّفَ أبناءنا وبناتِنا، وأن نوجِّهَهم لأيِّ قناةٍ فيها خير، ونحذِّرهم من تلكم القنواتِ الفضائيّة المنحرفة، ونبيِّن أوجُهَ انحرافها وبعدها عن الهدَى؛ ليسلَمَ شبابنا من الانخداع. هي بلا شكٍّ وضلَّلت الأمورَ وإعلام لا تستطيع إيقافَه ولا إيقافَ زَحفه، لكن التربية الطيِّبة والنصيحة الهادفة هي وسيلةٌ بتوفيقٍ من الله إلى تبصيرِ الأمّة؛ ليكونوا على عِلمٍ وثِقةٍ بإسلامهم، وحذرٍ مِن تلكم الوسائلِ الإعلاميّة العالمية التي تريد بنا الشرَّ والفساد، ويأبى الله ذلك والمؤمنون.

قضيّةٌ في هذه الأيّام يروِّج لها الإعلامُ الخارجيّ بكلِّ مَا أوتي من إمكانِيّات، هذه القضيّةُ هِي قضيّة قَد تَنظر إليها - أيّها المسلِم - بأنها قَضيّةٌ ثانويّة أو هَامشيّة، ولكن بالحَقيقةِ إذا سَبَرتَ الوَضعَ وَجدت أنَّ هذه القضيّةَ جاءَت ضمنَ سِلسِلة العداءِ للإسلامِ وأهله، وخَلخَلة صفوفِ الأمّة، وإيجاد الفرقةِ بين أبنائها، وإحداثِ ما يقطَع صلةَ الأمّةِ حاضرَها بماضيها، يجعَلها متنكِّرةً لماضيها مخالِفَة له، هذه القضيّة التي هي جُزئيّة؛ ولكن لها مغزاها البعيد، مَا يُنشَر في هذه الأيّام من أنّ هناك فكرةً - وأظنّها قد يكون اليومَ أو الغد تَطبيقها - هي إمامَةُ امرأةٍ بمجموعةٍ مِن رجال ونساء.
 

هذه القضيّة روَّج لها الإعلام الخارجيّ، وأبدى وأعاد، وقابَل من قابل، وأخذَ آراء مَن أخذ آراءَه، وهي أنَّ هناك نيّة إلى أنّ امرأةً تقوم خطيبةً، تخطب في الرجالِ يومَ الجمعة، وتؤمُّهم للصّلاة، ويختلِط الرجال والنساء في مكانٍ واحد لا تفرّق بينهم؛ بل تجاوز الحدّ إلى أن قالوا: يوضَع النساء أمامَ الرجال، فيقدَّم النّساء ويؤَخَّر الرّجال، إلى غير ذلك ممّا أبدَوه مِن أفكارٍ سيّئة!!
 

هذه القضيّة قد يستدلّون لها بقول مَن قال مِن العلماء، ولكن مَن نظَر إلى الأمر نَظرَ الفحصِ والتدبُّر وجَد أنّ عالمنا الإسلاميَّ منذ عهدِ محمّد صلى الله عليه وسلم والقرون المتعاقِبَة بعدَه إلى اليوم ما عُلِم أنّ أحدًا من الأمّة أجاز لامرأةٍ أن تقومَ خطيبةً لتعِظ الناس أمامَ الرجال، وتكون إمامًا لهم، والنساءُ والرّجال يستمِعون لها، لم يُعهَد هذا في عصور الأمّةِ الماضية قريبِها وبعيدها.
 

هذِه القضية ما أُتي بها إلاّ لإضعافِ الحياءِ مِن نِساء المسلِمات، وإِخراج المرأةِ المسلمة عن حيائِها، والزجِّ بها في ترَّهات الأمور، ما أتَوا بذلك لقصدِ خيرٍ، واللهِ ما أرادوا خيرًا، وإنما أرادوا سُوءًا وضَلالة. فليعلَم المسلم أنَّ الأمّةَ الإسلامية منذ قرنها الأوَّل إلى اليوم ولم يُعهَد أنَّ امرأة قامت خطيبةً بين الرجال، هذا أمر كان ممكِنًا لو أنّه أُريد، لكنّ الأمّةَ متَّفقة؛ بل مجمِعة على أنّ هذا غير واقعٍ فعلاً، فهو لم يقَع فعلاً أبدًا، وإن قال مِن العلماء مَن قال لقضيَّةٍ خاصّة ما، لكن هذا الذي أُثيرَ ودُعِي إليه أمرٌ منكَر خطير، لا أظنّ مسلمًا يؤمِن بالله واليومِ الآخر أن يقِرَّ هذا الخطأ، ويرضَى بهذا الباطل، إنّه باطل، وبطلانُه معلوم مِن اجتماع الأمة على خلافه، وعدم عملهم بشيءٍ من ذلك.
 

إنها قضيّةٌ يُراد بها تحطيمُ الحواجِز في نفسِ المرأة، يُراد منها القضاءُ على حيائِها وشامتها وكرامتها، يراد من ذلك أن يُتَّخذ بعضُ مَن يدَّعون الإسلامَ ليكونوا مِعوَل هدمٍ في الأمّة الإسلامية، فاتَّخذوا من هذه الأساليبِ الباطلة ما يظنّون أنهم سيخلَعون به حياءَ المرأة المسلمة، ويقضون على كلِّ خيرٍ في نفسها، ويأبى الله ذلك والمؤمنون.

 

والذين دافَعوا عن هذه القضيّة أو أقرّوها إنما ذلك دليلٌ على ضعفِ بصيرتهم، وقِلّةِ حيائهم وخوفِهم مِن الله، لو تبصَّروا في عواقب الأمورِ ونتائجِها؛ لعلِموا أنهم بهذا على غيرِ صَواب، وأنَّ بقاءَ الأمة على ما كان عليه ماضيها المجيدُ هو الخير والسعادةُ والنجاة في الدّنيا والآخرة.
 

إنَّ أعداءَنا يحاولون إفسادَ بنات المسلمين، ما يدَّعونه من حقوقٍ للمرأة سياسيّة أو اجتماعيّة كلُّها دعواتٌ باطلة، وكلّها خضوع لأعداء الإسلام وما يملُونه على الأمّة من أفكار، {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: 120]، {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء: 89]، فاتَّخذوا مِن المرأةِ قضيّةً لإلحاقِ الذلّ بالأمة، وإفسادِ دينها وأخلاقها، ولكنَّ الأمّةَ بتوفيقٍ من الله ستقِف سدًّا منيعًا أمامَ هذه التحدّيات الجائرة، والأساليب الباطلة؛ بتمسُّك الأمّةِ بدينها، وثباتها على مبدئها، وأن يعرِفَ المسلم كيف مَكرُ الأعداءِ بنا قديمًا وحديثًا، نسأل الله الثباتَ على الحقّ والاستقامةَ عليه، وأن لا يزيغَ قلوبَنا بعد إذ هَدانا.

اعلَموا رحمكم الله أنّ أحسنَ الحديث كِتاب الله، وخَيرَ الهدي هَدي محمّدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرّ الأمورِ محدثاتها، وكلّ بِدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعَةِ المسلمين، فإنّ يدَ الله على الجماعةِ، ومن شذّ شذّ في النّار.

 

وصلّوا رحمكم الله على محمد بن عبدِالله كمَا أمركم بذلك ربّكم، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].

 

اللهمّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولِك محمّد، وارضَ اللّهمّ عن خلفائه الراشدين.


[1] رواه مسلم في الطهارة (223) عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه.

عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ

المفتي العام للمملكة العربية السعودية

  • 2
  • 0
  • 2,237

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً