من حيل الشيطان الإغراء والتزيين (2)
عمر القباطي
وتلقف أولياؤه من الإنس حيلته هذه، فأغروا أنفسم بجنة الخلد وءامنوا بأنها أعدت خصيصا لهم !
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
وهذه الحيلة يستخدمها إبليس لإيهام المرء بأنه سيصبح ملكا، أو قويا، وذا شأن بين أقرانه وفي قومه، أو غنيا، وسينال الراحة في حياته إذا قام بما يأمره به, وقد دل الشجرة لآدم ووصفها بأنها《شَجَرَةِ الْخُلْدِ》مع أن حقيقتها العكس تماما، وما زال إبليس يلدغ بني ءادم ويغويهم بنفس الطريقة؛ فهو يغري بالغنى لمن يريد أن يسرق ويأكل أموال الناس بالباطل، ويغري بالنصر لناقضي العهود، ويغري بالتفوق للغشاشين، ويغري براحة البال للمدخن وماضغ القات ومدمن المخدرات، ويغري بالمصلحة لظلم الآخرين، وهكذا يقنع أتباعه ويدعوهم بحجج وأسماء جميلة وبراقة.
وما عساه أن يدعوا إلا إلى السوء والفحشاء، ولإن الإنسان بفطرته يعرف السوء من الحسن والجميل من القبيح يلجأ الشيطان للإغراء والتزيين والتحبيب، يزين الربا على أنه ربح كبير وسريع، ويصور الكذب بأنه وسيلة لتجنب العقوبة ليس أكثر، ويغري على الاعتداء على الضعفاء والمساكين لإنه لا حيلة لهم.
وتلقف أولياؤه من الإنس حيلته هذه، فأغروا أنفسم بجنة الخلد وءامنوا بأنها أعدت خصيصا لهم ! يقول تعالى عن مكنون بني إسرائيل{وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً}كيف استحلوا إساءة الأدب مع الله واشترطوا لإيمانهم رؤيته، ونعتوه بأنه بخيل وفقير - تعلى الله عما يقولون علوا كبيرا - وكيف تجرؤا على قتل بعض أنبيائهم، وكيف انتشرت الفواحش وقلة النخوة والرجولة فيما بينهم، وما الذي جرهم لاتهام مريم العذراء(عليها السلام) في شرفها، ولماذا كانوا يؤمنون حسب مزاجهم، وكيف أصبحوا مثلا في نقض العهود وتحريف الأديان وأكل الحرام والخداع ونسج المؤمرات؟
إنهم يعتقدون ويؤمنون بأنهم لن يعاقبوا على أفعالهم الخبيثة هذه في الآخرة إلا أياما قليلة ومكانهم الطبيعي والأبدي هي الجنة، بل ذهبوا أبعد من ذلك وادعوا أنه لن يدخلها غيرهم {وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ}
وزينت لهم أنفسهم أنهم شعب الله المختار وغيرهم إلى النار، لذا أجازوا استباحة غيرهم بكل الوسائل والسبل ابتداءا من جعلهم خدما لهم إلى سرقة أموالهم واحتلال أرضهم إلى قتلهم.
ومن التزيين والإغراء ما نشاهده في اللوحات الإعلانية والمنشورات الورقية وفي المحلات التجارية التي تصف المنتح الفلاني أنه خال من الأضرار وليس فيه مواد حافظة وطازج ومقرمش، أو الترويج لخدمة معينة ووصفها بأنها سريعة وءامنة، والقول بأن ذلك الملبس مريح، وأن تلك السيارة فاخرة، وأن هذا البيت ذات أساسات متينة، وهذا المنتج لا غبار فيه، وسبغ الصفات الفخمة على المعدات والآلات بل وحتى الفواكه والخضروات، وكثيرا ما نسمع عن مشروبات الطاقة وأنها تنشط الإنسان وتشحنه بالقوة والحيوية، غير أن الحقيقة في أغلب الأحيان مغايرة تماما.