من وسائل الشيطان ..بسم الله
عمر القباطي
لقد خاطب أبانا باللغة التي يفهمها - لغة ذكر الله وتعظيم شأنه وأمره - فمن المعروف أن الحلف بالشيء يدل على عظمته، وهي اللغة التي يستخدمها المنافقون ليظهروا أنفسهم بمظهر التقي الورع
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
لم يكن في مخيلة ءادم - عليه السلام - بأن أحدا سيحلف بالله كاذبا، وإبليس عرف مقدار محبة وإجلال وخوف آدم من الله جل وعلا، فاستغل ذلك وحلف له يمينا غموسا ظاهرا نفسه بأنه مجرد ناصح ودال على الخير { وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} والشياطين يستحلون فعل أي شيء، ولا يهمهم إن كان حلالا أو حراما، إجراما أو إحسانا، ظلما أو عدلا، وما يهمهم هو الوصول إلى مبتغاهم، وأصغر شيء في نظرهم هو أن يحلفوا بالله كاذبين.
لقد خاطب أبانا باللغة التي يفهمها - لغة ذكر الله وتعظيم شأنه وأمره - فمن المعروف أن الحلف بالشيء يدل على عظمته، وهي اللغة التي يستخدمها المنافقون ليظهروا أنفسهم بمظهر التقي الورع وليتنصلوا عن ممارساتهم المشينة، يقول تعالى {ولَيَحْلِفُنَّ إنْ أرَدْنا إلّا الحُسْنى} فجميع أفعالهم مهما كانت نبيلة وحسنة، بنو بيتا من بيوت الله وقالوا أنه للعبادة والصلاة، وسحبو ثلث الجيش في أحد حقنا للدماء، ولم يشارك بعضهم في غزوة تبوك خوفا من أن معصية الله برؤية نساء الروم الحسناوات.
وبعض الناس - هداهم الله - يختبئ وراء اسم الله ليبرر أفعاله ويبرئ ساحته، مثل من يقول "الله يعلم أني لم أفعل هذا" وهو يعلم أنه كاذب، وهكذا تصرف رأس الخوارج ذا الخويصرة الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم "اتق الله" واقسم الصدقات بشكل عادل !
والمنافقون اليوم يقولون أن الخير لنا يكمن في تجديد الخطاب الديني من أجل تحسين وضع المسلمين واللحاق بركب الحضارة، ويدعون للحوار مع الكنيسة لوضع حد للشقاق والصراع الطويل بين الهلال والصليب، ويحثوننا على التخلي عن عقيدة الولاء والبراء بمسمى الإخاء والمساواة، ويروجون لبناء كنائس ومعابد الهندوس وأصنام بوذا في جزيرة العرب بداعي الإنسانية، وأنشئوا البيت الإبراهيمي لإلغاء الفوارق وزيادة الروابط بين المؤمنين، ولا يقولوا أبدا أنهم يريدون هدم الإسلام من داخله.
ومن أصبح وليا للشيطان، فلا غرابة أن لا يرى غضاضة ولا حرجا في الافتراء على الله الذي هو أشد أنواع الظلم، فقد ادعى المشركون الأوائل أن الله هو الذي أمرهم بالطواف حول البيت الحرام وهم عراة، وقالوا أن الله لن يعذبهم بما يقولون، ونسبو لله الأولاد سبحانه، وكانوا يوكلون لأنفسهم مهمة التحليل والتحريم التي هي من حق الله وحده كما فعلوا مع الأنعام التي أحلوها للرجال وحرموها على النساء إن خرجت من بطون أمهاتها حية، وإذا خرجت ميتة فهي حلال للجميع. والروافض يحرمون السمك الجري ولحم الجمل، ويحللون المتعة والكذب(التقية).
وبعضهم يصل به حد الإفتراء إلى القول بأن الله بعثه للناس رسولا والوحي ينزل عليه، من أمثال مسيلمة الكذاب قديما والقادياني حديثا، ورهبان الكنيسة أعلنوا ان مرضاة الله تمر عبرهم ومفتاح الجنة بيدهم، وادعى بوش بأن الله هو الذي أمره بغزو العراق، والخميني حينما أراد تصدير ثورته صرح بأنه نائب المهدي المعين من قبل الله، وأتباعه سموا أنفسهم حزب الله وأنصار الله، والمدعو غولن قال أنه رأى رسول الله في منامه يأمره بكذا وكذا، وظهر كثير من الناس يقولون بالمهدية على مر التاريخ الإسلامي إلى الآن.
والخلاصة تفيد بأن الشياطين يجدون طريقا للإغواء باسم الله، وأصبح الأمر أكثر خطورة الآن مع انتشارهم في الفضاء الحقيقي والافتراضي، لذا لابد من الحذر الشديد من هذه الوسيلة ورفع الصوت لدحض افتراءات وادعاءات من تجرؤا على الكذب على خالقهم جل وعلا ليضلوا أنفسهم وغيرهم.