فوائد من مصنفات العلامة ابن عثيمين: العقل وخصال الإنسان العاقل
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
قال الشيخ رحمه الله: كان الحر بن قيس من أصحاب عمر رضي الله عنه؛ لأنه كان عاقلًا حليمًا وذكيًّا، وهذا مما يدلُّك على أن عمر رضي الله عنه لا يختار لمجالسه إلا العقلاء.
- التصنيفات: تزكية النفس -
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فالحديث عن العقل من المواضيع التي يرغب فيها الكثيرون, وسبب ذلك أن كل إنسان يريد زيادة معرفته عن العقل, وأن يعرف سمات وخصال الإنسان العاقل ليتحلى بها, وما أجمل أن تكون تلك المعارف عن العقل من كلام العلماء الراسخين في العلم, بعيداً عن بحوث الفلاسفة التي لا طائل تحتها, ولا فائدة منها, وللعلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله كلام عن العقل, مبثوث في مصنفاته جمعتُ بعضاً منه, أسأل الله أن ينفع به.
فضيلة العقل والثناء عليه:
قال الله جل وعلا: ﴿ {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} ﴾ [البقرة: 76]، قال الشيخ رحمه الله: من فوائد الآية: الثناء على العقل والحكمة؛ لأن قولهم: ﴿ أفلا تعقلون ﴾ توبيخ لهم على هذا الفعل.
وقال الله سبحانه وتعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾[البقرة: 269]؛ قال الشيخ رحمه الله: من فوائد الآية: فضيلة العقل؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾؛ لأن التذكر بلا شك يُحمَد عليه الإنسان، فإذا كان لا يقع إلا من صاحب العقل، دلَّ ذلك على فضيلة العقل، وقال رحمه الله: العقل لا يحمل صاحبه إلا على السداد والصواب؛ قال الله عز وجل: ﴿ وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [العنكبوت: 35]، قال الشيخ رحمه الله: من فوائد الآية الكريمة: فائدة العقل، فإذا أُوتي الإنسان عقلًا، فإن هذا من نعمة الله عليه.
الحثُّ على التعقل:
وقال الله جل وعلا: ﴿ {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ} ﴾ [يس: 68]؛ قال الشيخ رحمه الله: من فوائد الآية الكريمة: الحث على التعقل والتفكر، وحسن التصرف؛ حتى يكون الإنسان من العقلاء.
مكان العقل:
قال الشيخ رحمه الله: القلب هو هذا الجزء المستقر في الصدر؛ لقول الله تعالى: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }[الحج: 46]، وبهذا القلب يكون العقل؛ لقوله تعالى: ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا ﴾ [الحج: 46]، وبناءً على هذه الأدلة يتبيَّن أن العقل في القلب وليس في الدماغ، والعلماء اختلفوا قديمًا وحديثًا، هل العقل في الدماغ، أو العقل في القلب؟ والذي دلَّ عليه القرآن أنه في القلب، والقرآن كلام الخالق، والخالق عز وجل أعلم بما خلق، فالعقل بالقلب، لكن عقل القلب هو عقل التصرف والتدبير، ليس عقل الإدراك والتصور، فإن عقل الإدراك والتصور يكون في المخ، فالمخ يتصور ويعقِل، وهو بمنزلة المترجم للقلب يشرح ما يريد رفعه إلى القلب، ثم يرفعه إلى القلب، ثم يصدر القلب الأوامر، والذي يبلغ الأوامر الدماغ، ولهذا تنشط العضلات كلها بنشاط الدماغ، فصارت المسألة سلسة، والذي يتصور ويدرك، وفيه عقل الإدراك هو الدماغ، وأما عقل التصرف والتدبير والرشاد والفساد، فهو عقل القلب.
وحينئذ يزول الإشكال، وتجتمع الأدلة الحسية والشرعية، فالعقل الإدراكي محله هو الدماغ، والعقل التصرفي الإرشادي الذي به الرشاد والفساد، هو القلب.
العقل غزيرة ومكتسب:
قال الشيخ رحمه الله: العقل غزيرة يخلقه الله عز وجل في الإنسان، ولكن مع ذلك يكون بالاكتساب، وكم من إنسان ترقَّى في العقل، حتى وصل إلى درجة لا يبلغها أقرانه بسبب ممارسته وتنمية عقله.
تمام العقل:
قال الشيخ رحمه الله: تمام العقل عند تمام الأربعين: ﴿ {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى } ﴾ [القصص: 14]؛ أي: كمل، قال العلماء: أي بلغ الأربعين؛ لأنه قبل الأربعين لم ينضج النُّضج الكامل.
العقل: عقلان:
قال الشيخ رحمه الله: العقل عقلان: عقل إدراك، وعقل تصرف، فعقل الإدراك هو الذي يترتب عليه التكليف، ويكون في المؤمن والكافر، والبر والفاجر، وأما عقل التصرف، فهو ما يحصل به الرشد، وهو حُسن التصرف في أفعال الإنسان وأقواله، وهذا خاص بمن آتاه الله الحكمة؛ كما قال تعالى: ﴿ { يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ } ﴾ [البقرة: 269]، وقال رحمه الله: عقل الإدراك مناط التكليف، وعقل الرشد مناط التصرف، يعني أن عقل الرشد يكون به حسن التصرف من العاقل، ولهذا يقال للرجل العاقل الذكي إذا أساء في تصرفه، يقال: هذا مجنون، هذا غير عاقل، مع أنه من حيث عقل الإدراك عاقل.
لا ينتفع بالقرآن الكريم إلا أصحاب العقول:
قال الله عز وجل: ﴿ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7]؛ قال الشيخ رحمه الله: أي: لا يتعظ وينتفع بالقرآن إلا أولو الألباب؛ أي: إلا أصحاب العقول، فلا يتذكر بهذا القرآن ولا بغيره إلا أصحاب العقول؛ لقوله: ﴿ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾، وكلما ازداد الإنسان عقلًا، ازداد تذكرًا بكلام الله عز وجل، وكلما نقص تذكُّره بالقرآن، دلَّ على نقص عقله؛ لأنه إذا كان الله حصر التذكر بأولي الألباب، فإنه يقتضي انتفاء هذا التذكر عمَّن ليس عنده لُبٌّ.
من خصال الإنسان العاقل:
اتباع ما جاءت به الرسل:
قال الشيخ رحمه الله: المخالفين للرسل سفهاء لقوله تعالى)ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه [ [البقرة :130]وقوله في المنافقين ) ألا إنهم هم السفهاء [ [البقرة : 13] وقوله تعالى) سيقول السفهاء من الناس ما ولا هم عن قبلتهم التي كانوا عليها [[البقرة : 142] فإنهم وإن كانوا أذكياء وعندهم علم بالصناعة والسياسة هم في الحقيقة سفهاء لأن العاقل هو الذي يتبع ما جاءت به الرسل فقط
من حملة القرآن الكريم العاملين به:
عن ابن عباس رضي الله عنه, قال: قدم عيينة بن حفن بن حذيفة, فنزل على ابن أخيه الحُرِّ بن قيس وكان من النفر الذين يُدنيهم عمر، وكان القرء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولًا كانوا أو شبابًا، قال الشيخ رحمه الله: كان أصحاب مجالس عمر هم القُرَّاء؛ أي: حملة القرآن؛ لأنهم هم أصحاب العقل وأصحاب الهداية.
يُكثرُ من ذكر الله عز وجل:
قال الشيخ رحمه الله: الإنسان العاقل الحازم المؤمن لا يزال يذكُر الله سبحانه وتعالى؛ لأن في كل شيء من مخلوقاته آية تدل على وحدانيته سبحانه وتعالى، وعلى حكمته.
يستخدم القياس:
قال الشيخ رحمه الله: العاقل يقيس الغائب على الشاهد، والمستقبل على الحاضر، ويتبيَّن له الأمر.
مُطيع لله عز وجل:
قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ { الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} ﴾ [الزمر: 18]؛ قال الشيخ رحمه الله: أعقل الناس أطوعُهم لله تعالى، ولهذا قال تعالى: ﴿ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾.
ينظر إلى نتائج عمله قبل الإقدام عليه:
قال الشيخ رحمه الله: ينبغي للإنسان أن يكون عاقلًا، ما يخطو خطوة إلا وقد عرف أين يضع قدمه، ولا يتكلم إلا وينظر ما النتيجة من الكلام، ولا يفعل إلا وينظر ما النتيجة من الفعل، وقال رحمه: العاقل لا يتصرف إلا بما يراه مفيدًا وحكمةً.
يعتني دائمًا بقلبه:
قال الشيخ رحمه الله: العاقل المؤمن هو الذي يكون دائمًا في نظر إلى قلبه ومرضه وصحَّته وسلامته وعطَبِه، فمرض القلب أخطر من مرض البدن بكثير، والعاقل يعتني بهذا عناية أشد، وقال رحمه الله: الذي ينبغي للعاقل أن يهتم بتنعيم قلبه، ونعيم القلب الإنسان بالفطرة، وهي التزام دين الله عز وجل.
لا يستمع إلى النمام ويحذَر منه:
قال الشيخ رحمه الله: العاقل إذا نقل إليه أحد شيئًا عن شخص، فإنه يستحضر آية من القرآن وتكفيه، وهي قوله عز وجل: ﴿ {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} ﴾ [القلم: 10، 11].
يتأنى ولا يستعجل:
قال الشيخ رحمه الله: كون الإنسان يتأنى ولا يرُدُّ الشيء إلا بعد أن يتبيَّن فيه الخطأ، لا شكَّ أن هذا من العقل ومن الشرع.
يصبر على ما يصيبه:
قال الشيخ رحمه الله: قال بعض السلف: العاقلُ يفعل في أول يوم من المصيبة ما يفعله الجاهل بعد أيام، ومن لم يصبر صبر الكرام سلا سلو البهائم.
وقال رحمه الله: الذي ينبغي للإنسان العاقل ألا يستخفنَّه أولئك القوم الذين لا يؤمنون بما وعد الله به الصابرين، ولا يهمه كلام الناس حتى يحقِّق الله له ما وعده.
وقال رحمه الله: لا ينبغي للإنسان أن يكثر الشكاية, بل يصبر ويحتسب, ولا يكون كالمرأة, كلما جاءه شيء جاء يشكو هذا غلط فالإنسان العاقل الحازم يتصبَّر.
يتجنب القهقهة:
قال الشيخ رحمه الله: الضحك ثلاثة أنواع: ابتدائي ووسط وانتهائي، الابتدائي التبسم، والوسط الضحك، والمنتهى القهقهة، والقهقهة لا تليق بالإنسان العاقل الرزين، والتبسم هو أكثر ضحك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والضحك يكون من الأنبياء أحيانًا.
من لم ينتفع بعقله فوجوده كعدمه:
قال الشيخ رحمه الله: الله تعالى قد ينفي الشيء لانتفاء ثمرته وفائدته، وهذا واقع في الكتاب والسنة؛ قال الله تعالى في آيات كثيرة: وأكثرهم لا يعقلون، وهم عندهم علم، وعندهم عقل، ولكن لما لم ينتفعوا به، صار وجوده كعدمه.
من قدم العقل على السمع فهو مشابه لإبليس متبع لخطواته:
قال الشيخ رحمه الله: من قدم العقل على السمع، فإنما هو متبع لخطوات الشيطان؛ لأن الشيطان قدَّم ما يدعي أنه عقل على السمع، فأخطأ في ذلك، فهكذا كل من قدم العقل على السمع، سواء في العلميات - وهي علم العقائد - أو في العمليات، فإنه مشابه لإبليس، متبع لخطواته.
لا ينبغي إهمال العقل في الاستدلال ولا ينبغي الاعتماد عليه وإهمال النص:
قال الشيخ رحمه الله: لا ينبغي إهمال العقل في الاستدلال، كما لا ينبغي الاعتماد عليه وترك النص، فالناس في الاستدلال بالعقل طرفان ووسط، طرف غلا فيه حتى قدَّمه على السمع، وذلك بالنسبة للفقهاء من أصحاب الرأي والقياسيين الذين يعتمدون على الرأي وإن خالف النص، وفي باب العقائد جميع أهل البدع يعتمدون على العقل ويدَعون السمع، مع أن العقل الذي يعتمدون عليه ليس إلا شبهات، وليس براهين ودلالات، لكنهم ينظرون أن العقل يقتضي كذا فيثبتونه، ويقتضي نفي كذا فينفونه، ولا يرجعون في هذا إلى السمع، ومن ذلك الأشاعرة والمعتزلة وغيرهم، كل من نفي صفة أثبتها الله لنفسه بشبهة عقلية، فإنه داخل فيمن يغالي في الاستدلال بالعقل.
الطرف الثاني: من أنكر الاعتماد على العقل بالكلية، وقال: ليس للعقل مدخل في إثبات أي حكم، أو أي خبر، فأنكروا القياس، وهذا مثل أهل الظاهر، أنكروا نهائيًّا، وقالوا: لا يمكن أن نرجع للعقل في شيء.
ومن الناس من هم وسط: رجعوا إلى العقل فيما لا يخالف الشرع؛ لأن العقل إذا لم يخالف الشرع، فإن الله تعالى يُحيل عليه في مسائل كثيرة؛ مثل:
{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } [البقرة: 44]، ومثل هذه الآية: ﴿وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [آل عمران: 65]، واستدلال الله تعالى على إحياء الموتى بإحياء الأرض بعد موتها، استدلال عقلي حسي، فهو حسي لأنه مشاهد، وهو عقلي لأنه يستدل به على نظيره الذي لا يخالفه تمامًا، وقال رحمه الله: وأما المعتزلة، فهم كما قال شيخ الإسلام رحمه الله من أعظم الناس كلامًا وجدلًا؛ لأنهم دائمًا يرجعون إلى العقل، ولا يعبؤون بالنصوص إطلاقًا، حتى فيما لا تدركه العقول يحكِّمون العقل، والقاعدة عندهم في الصفات يقولون: إن ما أثبته العقل فهو ثابت، سواء كان موجودًا في الكتاب والسنة، أو لم يكن موجودًا، وما نفاه العقل فهو منفي، سواء كان موجودًا في الكتاب والسنة، أم لا، وهم يجادلون في هذا جدالًا عظيمًا.
العقل السليم والعقل الفاسد:
قال رحمه الله: العقل السليم الذي ليس فيه شبهات وليس فيه شهوات، وأما العقل الذي استولت عليه الشُّبهات أو الشهوات، فهذا عقل فاسد لا يحكم بشيء.
وقال رحمه الله: العقل الصريح هو الذي ليس فيه شبة، ولا عنده إرادة سيئة، يعني أنه عقل مبني على علمٍ وعلى إرادة حسنة.
وهمٌ يدعونه عقلًا:
قال الشيخ رحمه الله: علم الكلام هو علم جدل فقط، يُريدون أن يحولوا العلم المبني على الكتاب والسنة إلى علم مبني على ما يدعونه عقلًا، ومع هذا فالذي يدعونه عقلًا هو في الحقيقة وهمٌ لا عقل.
المؤمن يؤمن بما أخبر الله أدركه عقله أم لم يدركه:
قال رحمه الله: الواجب على الإنسان أن يؤمن بما أخبر الله به، سواء أدركه عقله، أم لم يدركه، ولو كان الإنسان لا يؤمن إلا بما أدركه عقله، لم يكن مؤمنًا حقًّا، فكل ما أخبر الله به يجب أن نؤمن به ولا نعترض، سواء أدركناه بعقولنا، أم لم ندركه.
لا يوجد في صريح المعقول ما يخالف صحيح المنقول:
قال الشيخ رحمه الله: لا يمكن أن يوجد في صريح المعقول ما يخالف صحيح المنقول، هذه قاعدة خذها مضطردة، فإن وجدت ما ينافيه، فاعلم أن الأمر لا يخلو من أحد أمرين، ولا بد: إما أن عقلك ليس بصريح؛ يعني فيه شبهات أوجبت إخفاء الحق عليك، أو شهوات انطمس بها -نسأل الله العافية - وإما أن يكون النص غير صحيح يكون حديثًا ضعيفًا، أو مكذوبًا على النبي صلى الله عليه وسلم، أو ما أشبه ذلك، أما أن يكون عقل صريح سالم من الشبهات والشهوات، ونقل صحيح، فلا يمكن أن يتناقضا أبدًا، وقال رحمه الله: وإذا شئتم أن يتبين لكم هذا فاقرؤوا كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - إن أطقتُموه - المسمى بكتاب العقل والنقل، أو موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول، وقال رحمه الله: الذي دمر هؤلاء وقوَّض عُقولهم أنهم صاروا يعتمدون على العقل قبل أن ينظروا في النصوص ولو أنهم نظروا في النصوص أولًا، ثم أجروها على العقل، لعلموا علم اليقين أن النقل موافق للعقل
العقل يُحسِّنُ ويُقبَّحُ لكنه لا يُوجبُ ولا يُحرِّم:
قال الشيخ رحمه الله: العقلُ يُحسِّنُ ويُقبِّحُ، لكنهُ لا يُوجِبُ ولا يُحرِّمُ، فالإيجاب والتحريم إلى الله، أما التحسين والتقبيح فيحسن ويقبح، لكن من الأشياء ما لا يعلم حُسنه وقُبحه إلا بطريق الشرع.
جلساء الإنسان ينبغي أن يكونوا من العقلاء:
قال الشيخ رحمه الله: كان الحر بن قيس من أصحاب عمر رضي الله عنه؛ لأنه كان عاقلًا حليمًا وذكيًّا، وهذا مما يدلُّك على أن عمر رضي الله عنه لا يختار لمجالسه إلا العقلاء.
عقول المتكلمين مريضة:
قال الشيخ رحمه الله: عقول المتكلمين الذين نهلوا من الفلاسفة، وحكَّموا عقولهم على الكتاب والسنة، عقولهم مريضة؛ لأنها أوهام، ولأن العقل يقتضي أن يقبل ما جاء من أمور الغيب على ظاهره، أمر غيبي ليس لنا فيه دخل، ولا نستطيع أن ندركه، فنرجع إلى الكتاب والسنة، ولا نتعدى هذا.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ