حيلة شيطانية: تغيير ما لا يتغير

منذ 2021-07-07

ويبدو واضحا أن الشياطين يستغلون عدم الرضا لدى أتباعهم وهو علامة على ضعف الإيمان، وكذا حبهم للمظاهر والأشكال لدفعهم للعبث في خلق الله

من الأشياء الخطيرة التي يسعى إليها الشيطان تغيير خلق الله {وَلآمُرَنَّهُم فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلقَ اللَّه} ، فلم يكتف بتغيير أفكار ومعتقدات سواد كبير من بني آدم، بل يريد كذلك التلاعب بأعضائهم وأجسادهم، بل وحتى في مقدراتهم الذهنية والعقلية التي حباهم الخالق بها.

ومن صور التغيير، الوشم: وهو تغيير لون الجلد من خلال غرز إبرة فيه حتى يسيل الدم ثم حشوه بكحل أو غيره، أو باستخدام مواد كيماوية، أو بعمليات جراحية.

ومع التقدم التقني ظهر نوع جديد من الوشم يطلق عليه التاتو وهو وشم مؤقت قد يستمر لسنة، وهناك نوع آخر منه يعرف بـالتاتو اللاصق: وهو عبارة عن ملصقات بأشكال جميلة يوضع على الجلد ويمكن إزالته في أية لحظة.

 وجميع أنواع الوشم محرمة بل ملعون من يفعله ومن يتاجر به، إلا أن العلماء استثنوا التاتو اللاصق باعتبار أنه زينة كالحناء شريطة أن لا يتسبب بضرر على الجلد.

ومن التغيير ما تفعله بعض النساء لاسيما الفئة العمرية الشابة - أصلحهن الله - من التلاعب بشعر الحواجب سواءً بتقصيره، أو بإزالته، ووضع رسما بدلا منه، والخيارات متعددة لمن تريد فعل ذلك شكلا ولونا وحجما.

وبين الفينة والأخرى تظهر تقنيات وأجهزة جديدة تجعل العمل أكثر دقة وسهولة، وهذا كله من أجل تحسين المظهر وإبراز الجمال كما تتصوره.وهذه مصيبة، والمصيبة الأكبر دخولها عالم العمليات التجميلية؛ لترضى عن شكلها ولتزيد من جمالها ولتكون أفضل من غيرها كما تتوهم.

والأصل أن تلك العمليات تعالج حروق الجلد والتشوهات الخلقية والطارئة، غير أنها أصبحت تُعمل لشفط الدهون والتنحيف، وتكبير الثدي والأرداف، وتصغير الأنف، وتغيير بشرة الوجه وتغيير لون العينين، وكأنها ذهبت لتفصل نفسها من جديد، وعلى استعداد للتعديل كلما نزل جديد، ونست ما جاء في السنن (لعن الله الواشمات والمستوشمات، والمتنمصات والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله).

وأغرب وأخطر هذه العمليات هي تلك التي تجرى لتغيير جنس الشخص، فإذا كان ذكرا يتحول إلى أنثى، وإذا كانت أنثى تتحول إلى ذكر، وحدث هذا لأول مرة في تاريخ البشر عام 1952م لرجل دانماركي تحول إلى أنثى، وإلى الآن يتحول سنويا الآلاف إلى الجنس الآخر أغلبهم من الغرب، وتجرى هذه العمليات في عدة بلدان أشهرها تايلند، وهؤلاء العابثين مهما فعلوا لن يغيروا حقيقة أمرهم ولو بدلوا أجهزتهم التناسلية وغيروا ملامح وجوههم وأظهروا صوتا آخر وقصروا شعورهم أو طولوه؛ فلا الرجل المتحول سيحيض ويلد أطفالا ولا الأنثى المتحولة ستصبح مفتولة العضلات، لكنها الفطرة إذا ضعفت وانتكست وخارت فلا يعلم ولا يدر بعدها الإنسان ما يضره وما ينفعه وما يجوز ومالا يجوز, ولا يوجد من يقول لهؤلاء المنتكسين أن ما يفعلونه سخافة وحماقة وتجاوز لكل الحدود، ومن عساه يفعل غير المسلمين، بيد أن المسلمين حاليا متأخرين ومغلوبين على أمرهم، فاستأثر غيرهم فكانت النتيجة وخيمة ومؤسفة.

لكن هناك حالات تولد بجهاز تناسلي مزدوج ذكوري وأنثوي في آن واحد وهو ما يعرف بـالخنثى المُشكِل فما أحكام هؤلاء في الزواج والميراث واللباس والولاية والشهادة؟ وكل المخلوقات في الكون جنسين اثنين ذكر وأنثى ولا وجود لجنس ثالث، ولحل هذه المسألة أفاد فقهاء الإسلام في العصور السابقة أن جنس الخنثى يُحدد قبل البلوغ بالعضو الذي يتبول به، ويتحدد بعد البلوغ بظهور العلامات التي تميز الذكر عن الأنثى، وأولها الميل فإذا كان الميل إلى الرجال فهي أنثى والعكس بالعكس، وإذا ظهر ثدي وكان الصوت ناعما وبدأت الدورة الشهرية فهي أنثى، وإذا نبت شعر اللحية والشارب وصوته خشن فهو ذكر. ومع تقدم الطب في العصر الحديث أمكن بسهولة معرفة جنس الخنثى من خلال تحديد نوعية الخلايا وجنس الغدد التناسلية الداخلية، وبناء على ما يقرره الأطباء يمكن إجراء عملية لإظهار أصل الخنثى وإرجاعه إلى الوضع الطبيعي، وهذه ليست عملية تحول جنسي بل هي عملية تجميلة لإصلاح عيب خُلقي.

وهناك أشياء أخرى كثيرة لا تأخذ حكمها النهائي إلا بعد الرجوع للطب كتحديد مقدار الديات للجروح، غير أن الطب ليس دائما في مصلحة الإنسان بل أحيانا قد يضره ويتلاعب بجسده ويدمره، وهذا عين ما يسعى إليه الشيطان، من ذلك ما يعرّفه الأطباء بـالاستنساخ وهو توليد كائن حي أو أكثر  لديه صفات مطابقة لكائن آخر من نفس فصيلته، ويحدث ذلك بأحد طريقتين هما:

1- من خلال ما يعرف بالنقل النووي ويتم بأخذ بويضة أنثوية في مرحلة التزاوج ثم استخراج الحمض النووي منها، وبعدها تؤخذ خلية من خلايا الكائن الذي يراد استنساخه ثم العمل على إعادة برمجة جينات الخلية المنزوعة عن طريق حقنها بالبويضة وصعقهما بصعقة كهربائية لتدب الحياة في الخلية الجديدة بإذن الله، وفي الأخير تُعاد إلى الأم لينمو جنينا جديدا بجينات مطابقة للكائن الحي الذي أخذت منه الخلية. 

2- من خلال تشطير النطفة المكونة للجنين في رحم الأم نفسها في بدايتها قبل ظهور الأجهزة والأعضاء.

ويعود تاريخ أول عملية استنساخ لكائن حي من الثدييات (فصيلة الإنسان) إلى عام 1996م حيث تمكن معهد "روسلين" في اسكتلندا من توليد النعجة "دوللي" ثم تتابعت الأبحاث في هذا المجال، ووصلت ذروتها حينما تمكن علماء صينيون من استنساخ قردة عام 2018م، وهناك مخاوف جمة من محاولة استنساخ البشر بعد القردة، وهذا ما أجمع علماء الأمة على حرمته مطلقا لمنافاته الفطره وتهديده لسنة التزاوج، لكنهم جوزوه مع النباتات والجراثيم والحيوان ما دام لمصلحة الإنسان

ويبدو واضحا أن الشياطين يستغلون عدم الرضا لدى أتباعهم وهو علامة على ضعف الإيمان، وكذا حبهم للمظاهر والأشكال لدفعهم للعبث في خلق الله، وأحيانا يتسترون بالعلم والتقدم المعرفي لتمرير وتبرير أفعالهم المشينة تلك، ويمدهم في غيهم هذا موجة الحرية الغربية التي تبيح كل شيء، والمحصلة {وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا }

  • 6
  • 1
  • 2,734

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً