استر ما ستره الله عليك
"استُر ما ستره الله عليك"، تلك عبارةٌ نسمعها وقلَّما نقف عندها، فمجتمعنا الذي نعيش فيه اليوم قد كشف كلَّ مستور، وأباح كلَّ محظور.
- التصنيفات: تزكية النفس -
"استُر ما ستره الله عليك"، تلك عبارةٌ نسمعها وقلَّما نقف عندها، فمجتمعنا الذي نعيش فيه اليوم قد كشف كلَّ مستور، وأباح كلَّ محظور.
فكم نرى اليوم من العورات التي كُشفت، دون حياءٍ من الله، أو حتى من الناس، وكم نسمع عن قصصٍ أبطالُها فاسدون فاسقون، ينشرون الرذيلة أينما حلُّوا، وإذا قدَّمتَ لهم النُّصح، قالوا: تلك حريةٌ شخصيَّة، نأبى أن تحبسها عنا.
كم منا مَن ابتُليَ بمعاصٍ كثيرة، وأخرى كبيرة، وكم منا مَن نال الشيطان منه في كثير من الأحيان، فأعانه على الإثم، وعلى الفسوق والعصيان، غيرَ أن رسولنا قد أمرنا أن نستتر إذا ابتُلينا بتلك المعاصي والآثام.
لقد ستر الله علينا؛ إذ أمرنا بستر سوآتنا وعيوبنا، غير أن نساءنا يكشفْنَها دون حياءٍ من أحد، فكيف لا تُؤثِر نفوسُهن أهواءَهنَّ، وقد تسمَّرن وراء شاشاتٍ لا تَكَلُّ ولا تَمَلُّ عن عرض "فضائحيات"، لا تُبقي سترًا إلا وتكشفه، ولا عيبًا إلا وتظهره، ولا حرامًا إلا وتحلله؟!
فالتلفاز بات وسيلةً لنشر فضائح المشاهير، وأصبحت وسائل الإعلام والصحافة - إلا من رحم الله - تستخدم ما يعرف بإعلام الـ paparazzi؛ أي: صحافة التشهير والفضح.
أما غير المشاهير، فأصبحوا عُرضةً للتجارب؛ فهذا مَن حاول الانتحار، وتلك مَن تحلم بتغيير شكلها، وهذا يريد أن يقوم بريجيم على الهواء.
وقد تتعجب عندما تسمع أحد الإعلاميين "المثقفين والمخضرمين إعلاميًّا"؛ إذ يعتبر العفَّة الحقيقية ليست عفَّةَ الجسد، وإنما عفة العقل! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
على صعيد آخر نرى سيارات الشباب - وغير الشباب أيضًا - تصدح بالأغاني المحرَّمة، ومتى؟ في وقتٍ تعلو فيه المآذن بأذان صلاة الجمعة، وخُطب هذا اليوم العظيم المبارك، فبدل أن ينال الشاب من فضل الصلاة، وأجرها، وثوابها - عدا عن أنها صلاة واجبة - يضيِّع ذلك كلَّه باللهو والغناء والمعاصي، دون أن يستحيي من الله، أو يستحيي من الناس.
وأما الفتيات اللاتي أُمرنَ بالاستتار، والتحشم بالحجاب والجلباب، فقد خلعن رداء الحشمة والحياء، بلباسٍ يكشف كلَّ قبيح، ويستر كلَّ حسن، ولباس التقوى ذلك خير، لعلَّهم يذَّكرون.
نعم، لقد استطاعت الثقافة الغربية المعادية للإسلام أن تنشر سمومها في أفكار أبناء المسلمين وبناتهم، فجعلت الحريةَ التي ينشدون في خلع اللباس، وارتكاب الفواحش والرذائل، وجعلت التقدَّم والتطوَّر الذي يرغبون به بالتفلُّت من أحكام الإسلام - والعياذ بالله.
هناك مَن قال: إذا رأيتَ الناس يعجبون بك، فاعلم أنَّ ذلك سترُ الله عليك.
لقد ستر الله لنا معاصيَ كثيرةً، وعيوبًا قد لا يعرفها الناس عنا، فلتكن بداية التغيير حياء من الناس، وستر معاصٍ ظاهرة، تحثُّنا على الخشية من الله، والاستحياء منه - جل وعلا - فهو الذي سترنا في دنيانا، فحريٌّ بنا أن نقابل الإحسان بالإحسان، وأن نردَّ النعمة والفضل والكرم، بالحمد والشكر وطلب الغفران.
_________________________
الكاتب: ريما حلواني