الجزء الرابع والعشرون
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
( وما يتذكر ) بالآيات حين يذكر بها, ( إلا من ينيب ) إلى الله تعالى بالإقبال على محبته, وخشيته, وطاعته, والتضرع إليه, فهذا الذي ينتفع بالآيات, وتصير رحمة في حقه, ويزداد بها بصيرة.
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
فوائد ورقائق من تفسير العلامة السعدي: الجزء الرابع والعشرون
سورة الزمر:
* و( أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ) من عباده, سواء كان صالحاً أو طالحاً ( ويقدر) الرزق, أي: يضيقه على من يشاء صالحاً أو طالحاً, فرزقه مشترك بين البرية, والإيمان والعمل الصالح يخصّ به خير البرية.
* ( لا تقنطوا من رحمة الله ) أي: لا تيأسوا منها, فتلقوا بأيديكم إلى التهلكة, وتقولوا قد كثرت ذنوبنا, وتراكمت عيوبنا, فليس لها طريق يزيلها, ولا سبيل يصرفها, فتبقون بسبب ذلك مصرين على العصيان, متزودين ما يغضب عليكم الرحمن, ولكن اعرفوا ربكم, بأسمائه الدالة على كرمه وجوده, واعلموا ( أن الله يغفر الذنوب جميعاً ) من الشرك, والقتل, والزنا, والربا, والظلم, وغير ذلك من الذنوب الكبار والصغار.
* ( فنعم أجر العاملين ) الذين اجتهدوا بطاعة ربهم في زمن قليل منقطع, فنالوا بذلك خيراً عظيماً باقياً مستمراً, وهذه الدار التي تستحق المدح على الحقيقة التي يكرم الله فيها خواص خلقه, ورضيها الجواد الكريم لهم نزلاً, وبنى أعلاها وأحسنها, وغرسها بيده, وحشاها من رحمته وكرامته, ما ببعضه يفرح الحزين, ويزول الكدر, ويتم الصفاء.
سورة غافر:
* ( شديد العقاب ) على من تجرأ على الذنوب ولم يتب منها.
* الدعاء للشخص من أدل الدلائل على محبته, لأنه لا يدعو إلا لمن يحبه.
* ( وما يتذكر ) بالآيات حين يذكر بها, ( إلا من ينيب ) إلى الله تعالى بالإقبال على محبته, وخشيته, وطاعته, والتضرع إليه, فهذا الذي ينتفع بالآيات, وتصير رحمة في حقه, ويزداد بها بصيرة.
* كما أن الجسد بدون الروح لا يحيا ولا يعيش, فالروح والقلب بدون روح الوحي لا يصلح ولا يفلح.
* ( قال الذي آمن ) مكرراً دعوة قومه, غير آيس من هدايتهم, كما هي حالة الدعاة إلى الله تعالى, لا يزالون يدعون إلى ربهم, ولا يردهم عن ذلك راد.
* هذا من لطفه بعباده, ونعمته العظيمة, حيث دعاهم إلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم. وأمرهم بدعائه, دعاء العبادة, ودعاء المسألة, ووعدهم أن يستجيب لهم.
* هذان الأمران, وهما: معرفته وعبادته, هما اللذان خلق الله الخلق لأجلهما, وهما الغاية المقصودة منه تعالى لعباده, وهما الموصلان إلى كل خير وفلاح وصلاح, وسعادة دنيوية وأخروية, وهما أشرف عطايا الكريم لعباده, وهما أشرف اللذات على الإطلاق, وهما اللذان إن فاتا فات كل خير, وحضر كل شر.
فنسأله تعالى أن يملأ قلوبنا بمعرفته ومحبته, وأن يجعل حركاتنا الباطنة والظاهرة خالصة لوجهه, تابعة لأمره, إنه لا يتعاظمه سؤال, ولا يحفيه نوال.
* ( ولكن أكثر الناس لا يشكرون ) بسبب جهلهم وظلمهم, ( وقليل من عبادي الشكور ) الذين يقرون بنعمة ربهم, ويخضعون لله ويحبونه, ويصرفونها في طاعة مولاهم ورضاه.
سورة فصلت:
* كل حالة قُدّر إمكان الصبر عليها, فالنار لا يمكن الصبر عليها, وكيف الصبر على نار قد اشتد حرها, وزادت على نار الدنيا بسبعين ضعفاً, وعظم غليان حميمها, وزاد نتن صديدها, وتضاعف برد زمهريرها, وعظمت سلاسلها وأغلالها, وكبرت مقامعها, وغلظ خُزانها, وزال ما في قلوبهم من رحمته. وختام ذلك سخط الجبار, وقوله لهم حين يدعونه, ويستغيثون: ( اخسأوا فيها ولا تكلمون )
* من الدعوة إلى الله: الترغيب في اقتباس العلم والهدى من كتاب الله, وسنة رسوله, والحث على ذلك بكل طريق موصل إليه, ومن ذلك: الحث على مكارم الأخلاق والإحسان إلى عموم الناس ومقابلة المسيء بالإحسان.
* من الدعوة إلى الله: تحبيبه إلى عباده, بذكر تفاصيل نعمه, وسعة جوده, وكمال رحمته, وذكر أوصاف كماله, ونعوت جلاله....ومن ذلك: الوعظ لعموم الناس, في أوقات المواسم, والعوارض, والمصائب, بما يناسب الحال.
* ( ادفع بالتي هي أحسن ) أي: فإذا أساء إليك مسيء من الخلق, خصوصاً من له حق كبير عليك, كالأقارب, والأصحاب, ونحوهم, إساءة بالقول أو بالفعل, فقابله بالإحسان إليه, فإن قطعك فصِلهُ, وإن ظلمك فاعف عنه, وإن تكلم فيك غائباً أو حاضراً, فلا تقابله بل اعف عنه, وعامله بالقول اللين, وإن هجرك وترك خطابك فطّيب له الكلام, وابذل له السلام, فإذا قابلت الإساءة بالإحسان, حصل فائدة عظيمة. ( وما يلقاها ) أي: وما يوفق لهذه الخصلة الحميدة, ( إلا الذين صبروا ) نفوسهم على ما تكره, وأجبروها على ما يحبه الله, فإن النفوس مجبولة على مقابلة المسيء بإساءته, وعدم العفو عنه, فكيف بالإحسان ؟!! فإذا صبر الإنسان نفسه وامتثل أمر ربه, وعرف جزيل الثواب وعلم أن مقابلته للمسيء بجنس عمله, لا تفيده شيئاً ولا تزيد العداوة إلا شدة, وأن إحسانه إليه ليس بواضع قدره, بل من تواضع لله رفعه, هان عليه الأمر, وفعل ذلك, متلذذاً مستحلياً له.( وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ) لكونها من خصال خواص الخلق, التي ينال بها العبد الرفعة في الدنيا والآخرة, التي هي من أكبر خصال مكارم الأخلاق.
* ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ ) أي: أي وقت من الأوقات, أحسست بشيء من نزغات الشيطان, أي: من وساوسه, وتزينه للشر, وتكسيله عن الخير, وإصابة ببعض الذنوب, وإطاعة له ببعض ما يأمر به, ( فاستعذ بالله ), أي: اسأله مفتقراً إليه, أن يعيذك ويعصمك منه.
كتبه/ فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ