عاشوراء يوم مصرع الطغاة
هاني مراد
فالدرس الأعظم موجه للمستضعفين والمغلوبين، بأن الله تعالى يمهل ولا يهمل، ويسمع الدعاء.
- التصنيفات: التاريخ والقصص -
مع ما كان لهذا اليوم من أثر على بني إسرائيل، وإيمانهم بهلاك فرعون، وشهودهم مصرعه رأي العين، فقد احتفى الإسلام بيوم هلاك كبير الطغاة ورمزهم في كل زمان ومكان.
إنّ الإسلام لا يريد أن يكون هذا اليوم يوما عابرا، يُمحى من ذاكرة التاريخ، لكنه يريد أن تعيشه الأمة المسلمة، حتى يعيش يقينها بهلاك الطغاة أبدا. فلم يكتف الإسلام بسرد قصص هؤلاء المتجبرين واستخلاص العبر منها، وإنما شرعه صياما، ليكون المسلمون أقرب إلى الله فيه. فكأنما يقول للمظلومين: تقرّبوا إلى الله بالتقوى التي يبعث عليها الصيام، حتى تستحقوا النصر على الطغاة!
إنّ في مصرع فرعون وهلاك المتجبرين، آية لكل معتبر، لكنّ المتفرعنين والمتجبرين وأتباعهم في كل زمان ومكان، لا يرعوون بالآيات البينات، فكان أن أنجى الله فرعون ببدنه ليكون آية للعالمين، وكان أن تكررت آيات القرآن الكريم، آية تلو أخرى، لتبث في قلوبنا برد اليقين بنصر الله وآياته في مصارع هؤلاء بعد كل قصة وكل حكاية: " {إنّ في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين} ".
وقد لقي فرعون حتفه في لحظة يقينه بأنه منتصر لا محالة، وسقط من أعلى نقطة جبروت يمكن أن يصل إليها إنسان، بعد أن ادعى الألوهية. فكان موسى عليه السلام وقومه بين يديه، وعلى مد بصره، ولم يكن بينه وبينهم إلا أن يحسّهم بالسيف، وأن يستأصل شأفتهم!
فالدرس الأعظم موجه للمستضعفين والمغلوبين، بأن الله تعالى يمهل ولا يهمل، ويسمع الدعاء.
الدرس الأعظم موجه للمقهورين المظلومين، بأن يوقنوا بأن الله منجز وعده رسله، وأن حق الله على المؤمنين هو نصرهم، والتمكين لهم، متى نصروه، ومتى آمنوا وعملوا الصالحات.
وكأنّ في صوم هذا اليوم احتفالا به، سلوى لمن حطّم الطغيان قلبه، وبارقة أمل لمن اعتصر اليأس نفسه، وشعاع نور لمن ضل طريق الحق ومشى في موكب الظالمين.
إن الله الذي أغرق فرعون وسط جنوده، وهو أقرب ما يكون إلى نصر رخيص، قادر على أن يهلك كل الفراعين والمتسلطين.
وكان حقا علينا نصر المؤمنين!