حقوق الزوجين داخل الأسرة في الإسلام

منذ 2021-08-27

إذا كان أساس الزواج في الإسلام أن يقوم أولاً على المودة والرحمة إلا أن هناك حقوقًا تجاه كلٍ من الزوجين نحو الآخر.

حقوق الزوجة على زوجها:

إذا كان أساس الزواج في الإسلام أن يقوم أولاً على المودة والرحمة إلا أن هناك حقوقًا تجاه كلٍ من الزوجين نحو الآخر.

 

أما الزوجة فلها على زوجها عدة حقوق منها حسن المعاملة وحسن الخلق وأن يكون خيره لأهله أولاً، وأن ينفق عليها من سعته في طعامها وشرابها وكسوتها.. إلخ.

 

وقد ورد في نصوص القرآن ما يعضد ذلك، من ذلك قوله تعالى في سورة النساء: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [1].

 

أي أنه في حالة عدم وجود المودة فينبغي أن يكون هناك معاملة بالحسنى بين الزوجين ويقول تعالى أيضاً: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] [2].

 

كذلك وردت أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحض الأزواج على معاملة الزوجات بالود والمعاملة الكريمة. فقد ورد حديث رواه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم خلقاً» كما ورد الحديث عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وعن ابن عباس رضي الله عنه أيضاً [3].

 

كذلك روي حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي» وقد ذكر أن الحديث لعائشة رضي الله عنها [4].

 

أما وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حجة الوداع فقد أكد فيها على معاملة النساء بالرأفة والرحمة والاستيصاء بهن خيراً.. فقد روى عمرو بن الأحوص قال: حدثني أبي أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ فذكر في الحديث قصة فقال: «ألا واستوصوا بالنساء خيرا، فإنما هن عوان عندكم [5] ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة. فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح [6] فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً. ألا وإن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا. فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فراشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون. ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن [7]».

 

كما ورد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «... واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً» [8] أي عاملوهن برفق.

 

حقوق الزوج على زوجته:

وكما أن للمرأة حقوقا على زوجها ينبغي أن يؤديها تجاهها، فإن للزوج أيضاً حقوقا على زوجته، ينبغي عليها أن تقدمها له وتؤديها كاملة، منها أنها تحفظ غيبته عنها، وأن تكون طائعة له فيما أمرها الله به، بما له عليها من فضل القوامة، يقول الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34] [9].

 

فالزوج لأنه المكلف بالإنفاق على المرأة في الإسلام، وبما له من مواصفات أخرى تعطيه فضل حمايتها ورعاية شؤونها. فله أيضاً فضل القوامة عليها والطاعة له فيما أحل الله.

 

كما أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم «أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة» [10].

 

كما روي عنه صلى الله عليه وسلم قوله في حجة الوداع: «فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون» [11] أخرجة الترمذي وابن ماجه.

 

هذا وقد أوجز رسول الله صلى الله عليه وسلم حق الرجل على المرأة ومدى الجزاء الذي تلاقيه المرأة من طاعتها لزوجها ومنحه وأهل بيتها الحقوق والواجبات تجاهها وذلك في الحديث الذي روته أسماء بنت يزيد الأشهلية الأنصارية والتي تحدثت نيابة عن نساء أمتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لنعلم مدى حقوقهن وواجباتهن، وقد روى عنها الحديث مسلم بن عبيد: أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت: بأبي وأمي أنت يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك، إن الله - عز وجل - بعثك إلى الرجال والنساء كافة، فآمنا بك وبإلهك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم، ومقضى شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم معشر الرجال - فضلتم علينا بالجمع والجماعات، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله عز وجل. وإن الرجل إذا خرج حاجاً أو معتمراً أو مجاهداً، حفظنا لكم أموالكم، وغزلنا أثوابكم، وربينا لكم أولادكم أفما نشارككم في هذا الأجر والخير؟

 

فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصحابة بوجهه كله، ثم قال: هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها في أمر دينها من هذه؟ فقالوا: يا رسول الله ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى كل هذا فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها فقال: افهمي أيتها المرأة، وأعلمي من خلفك من النساء، أن حسن تبعل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته، يعدل ذلك كله. فانصرفت المرأة وهي تهلل[12].

 

وبذلك كانت طاعة المرأة لزوجها وقيامها بواجباتها نحو بيتها وزوجها وأولادها يعدل جهاد الرجل في سبيل الله.

 

وهكذا نطم الإسلام العلاقة بين الزوجين من حيث المودة والطاعة للزوجة ورعاية الزوج لأسرته وزوجته وأن خير الرجال خيرهم لأهل بيته.

 


[1] [النساء: 19].

[2] [الطلاق: 2].

[3] انظر سنن الترمذي، كتاب الرضاع، باب ما جاء في حق المرأة على زوجها، أبو داود، كتاب السنة، باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه.

[4] سنن ابن ماجة، كتاب النكاح، باب حسن معاشرة النساء.

[5] عوان عندكم: أي أسرى في أيديكم.

[6] وهذا في حالة إتيان المرأة الفاحشة.

[7] انظر سنن الترمذي، كتاب الرضاع، باب ما جاء في حق المرأة على زوجها، ابن ماجة كتاب النكاح باب حسن معاشرة النساء.

[8] أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الوصية بالنساء، ومسلم في كتاب الرضاع باب الوصية بالنساء.

[9] النساء / 34.

[10] سنن الترمذي، كتاب الرضاع، باب ما جاء في حق الزوج على المرأة، سنن ابن ماجة، كتاب النكاح، باب حق الزوج على المرأة.

[11] انظر ما ذكرناه سابقا في حقوق الزوجة على زوجها.

[12] انظر أسد الغابة مج 7 ص19 - 20. وانظر أيضا مسند الإمام أحمد: 6/ 458.

 

  • 3
  • 4
  • 22,418

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً