فوائد متفرقة في أمور متنوعة من مصنفات العلامة ابن عثيمين (1)

منذ 2021-09-06

كذلك أيضاً من كان سؤاله مرضاً, لأن بعض الناس يُحبُّ السؤال, فهو مريض, فهل الأحسن أن نتابع مرضه, أم الأحسن أن نحاول القضاء على مرضه ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

فوائد متفرقة في أمور متنوعة من مصنفات العلامة ابن عثيمين (1)

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين: فهذا هو الجزء الأول من فوائد متفرقة في أمور متنوعة انتقيتها من مصنفات العلامة ابن عثيمين رحمه الله, أسأل الله أن ينفعني والجميع بها.

من السفه في العقل والضلال في الدين: عبادة غير الله جل جلاله

قال الشيخ رحمه الله: لا أحد أضل في الدين, ولا أسفه في العقل ممن يعبدُ غير الله, والدليل قول الله تبارك وتعالى في السفه : ) ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه [ [البقرة :130] وقوله في الضلال :  {ومن أضلُّ ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة}  [الأحقاف:5]

فكل من دعا غير الله فإن هذا المدعو لا يمكن أن يستجيب للداعي, ولو بقي يدعو إلى يوم القيامة, ولا أحد أضل في الدين من هذا, ولذلك نرى أن من أسفه الخلق عُقُولاً, وأضلهم ديناً أولئك الذين يأتون إلى قبر فلان أو فلان, ويقول أحدهم : يا فلان أعطني, والمرأة تأتي إلى القبر, وتقول : يا سيد فلان إني لا أحمل فاجعلني أحملُ, تقول هذا لجثة هامدة ربما تكون الديدان قد أكلتها كُلها إلا عجب الذُّنب, لأن عجب الذنب باقٍ لا تأكُلُهُ الأرضُ, فتأتي إلى جثةٍ هامدةٍ تدعوها أن تأتي لها بولدٍ, أو تكون امرأة لا يأتيها إلا إناث, وهي تريد ذكراً, فتأتي إلى السيد فلان تقول : يا سيد لا ألدُ إلا إناثاً, فهب لي من لدنك ذكراً, فهذا ضلال وسفه.

وقال رحمه الله: زيارة القبور لدعاء القبور, فهو سفه في العقل وضلال في الدين, سفه في العقل لأن هذا الميت لا ينفع نفسه, فكيف ينفعك أنت؟...هو نفسه محتاج للدعاء فكيف تدعوه؟ هذا سفه فلو أن الإنسان جاء إلى شخص حي لكنه أشلُّ, وقال: يا فلان, أدعوك أن تحمل متاعي معي إلى السيارة, سيعتبر الناسُ هذا سفيهاً إذ كيف تقول للميت: يا فلان أعطني كذا ارزقني مالاً؟ سُبحان الله! امرأتي لا تحمل اجعلها تحمل هذا سفه في العقل وضلال في الدين.

الأديان السماوية منسوخة بالدين الإسلامي

قال الشيخ رحمه الله: الأديان السماوية هي التي شرعها الله عز وجل, لأنها نزلت من السماء, إلا أنه يجب أن يعلم السائلُ وغيره أن جميع الأديان منسوخة بالدين الإسلامي, وأنها ليست مما يُدان به الله عز وجل, لأن الذي شرعها ووضعها ديناً هو الذي نسخها بدين محمد صلى الله عليه وسلم, وكما أن النصارى مُقرُّون بأن دين المسيح قد نسخَ شيئاً كثيراً من دين موسى عليه الصلاة والسلام, وأنه يجب على أتباع موسى عليه الصلاة والسلام, أن يتبعوا عيسى, فإننا كذلك أيضاً نقول : إن الإسلام مُلزم للنصارى أن يدينوا به, ولجميع الأمم أن يدينوا بالإسلام, لأن العبرة للمتأخِّر.

وقال رحمه الله: ندحض قول من يحاولون اليوم أن يخلطوا بين الحق والباطل, ويقولون: هذه أديان سماوية! اليهود على دين سماوي, والنصارى على دين سماوي, والمسلمون على دين سماوي! نقول: هذا أكذب الكذب, وأكذب كلمة قالها قائلها هذه الكلمة, هل اليهود الآن على دين سماوي؟ لا والذي فطر السموات والأرض, ليسوا على دين سماوي, بل على دين باطلٍ, نسخه الله تعالى بشريعة موسى.

وهل النصارى الذين يُسمُّون أنفسهم ( مسيحيين ) نسبة للمسيح, هل هم على دين الحقِّ؟ لا والذي فطر السموات والأرض, إنهم على دين باطل, أي: منسوخ, نسخ برسالة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم فليسوا على دين.

أهمية التاريخ الإسلامي العربي

قال الشيخ رحمه الله: التوقيت الذي يسمى الميلادي مبنى على ميلاد عيسى عليه الصلاة والسلام, فالذي وضعه النصارى, وعجباً لقوم يقولون إنهم عرب, ثم ينتسبون أيضاً للإسلام فيعدلون عن التوقيت العربي الإسلامي إلى هذا التوقيت, وهذا يعطى الكفرة من النصارى وغيرهم زُهُواً وعلواً واستكباراً علينا, حيث عدلنا عن تاريخنا العربي الإسلامي إلى تاريخهم, والتاريخ ليس بالأمر الهِّين, فإنه يعتبر عزاً للأمة وفخراً...فلهذا ينبغي لنا أن نكون أمة لنا شخصيتنا, ولنا مقوماتنا, ولنا تاريخنا, وأن لا نكون أذيالاً لغيرنا, وإذا اضطررنا إلى أن نؤرخ بتاريخهم, نظراً لانفتاح الناس بعضهم لبعض, أو دعت الحاجة لذلك...فمن الممكن أن نجعل الأصل : التاريخ الإسلامي العربي, ونقول الموافق لكذا, أما أن نمحو التاريخ الإسلامي, ولا يعرف, ثم نجعل بديلاً عنه هذا التاريخ النصراني فلا شك أن هذا خطأ عظيم.

إخراج المشركين من جزيرة العرب جسدياً ومعنوياً:

قال الشيخ رحمه الله: قال رسول البرية عليه الصلاة والسلام في مرض موته :  «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب» ...إذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام أمرنا بإخراج أجسادهم, فإنه يأمرنا أمراً أولوياً بإخراج أفكارهم وأخلاقهم التي يبثونها بين الناس ليضلوا عباد الله عز وجل....فهذه الجزيرة لها شأن عظيم وميزان كبير في نظر الشرع باعتبار حماية الدين الإسلامي.

من فوائد صلاح الإنسان أن كل عبد يدعو له في صلاته

قال الشيخ رحمه الله: قوله : ( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ) فيه دليل على فوائد الصلاح, وأنَّ من فائدة صلاح الإنسان : أنَّ كلَّ عبدٍ يدعو له في صلاته, فإذا كان العبد صالحاً- ونسأل الله أن يجعلنا جميعاً من الصالحين- فان النبي صلى الله عليه وسلم نفسه قد دعا له في كُلِّ صلاة.

رحمة المجرم بعقوبته

قال الشيخ رحمه الله: رحمة المجرم بعقوبته, لأن في عقوبته مصلحتين له, ومصلحة عامة للمسلمين, فأما المصلحتان له : فالأولى : أنه تكفير له, فإذا زنى المسلم وأُقيم عليه الحدُّ صار ذلك كفّارة له, وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة, والمصلحة الثانية : أنها ردع له في المستقبل لأن هذا يُعينه على نفسه.

و...المصلحة العامة فهي ردع لأمثاله الذين يُحدِّثون أنفسهم بهذه الجناية ألاّ يفعلوها

فوائد وعجائب القرآن لا تنقضي ولا تنتهي

قال الشيخ رحمه الله: فوائد القرآن وعجائب القرآن لا تنقضي, وكلما كرّر الإنسان التأمل والتدبر في كتاب الله انفتح له من المعاني والأسرار والحكم ما لم يكن معلوماً له من قبل, فعليك أخي المسلم بتدبر كلام الله عز وجل, واستنباط الفوائد منه, فإن ذلك مما يُعينك على تعظيم القرآن وبيان أن من لدن حكيم خبير, وأن عجائبه لا تنقضي, نفعني الله وإياكم بكلامه, وجعلنا الله وإياكم من أهل كلام الله عز وجل ومن الذين يتلونه حق تلاوته, إنه على كل شيءٍ قدير.

وقال رحمه الله: فعليك – يا أخي – بتدبر القرآن فستجد فيه العجائب من المواعظ والأحكام والحكم, فإن هذا القرآن – يا إخواني – كلامُ رب العالمين, الذي أنزله لنتدبر آياته ونتعظ به, والقرآن خير وبركة, فعليك بتدبر آياته, وتصديق أخباره, والعمل بأحكامه, إن كنت تريد السعادة في الدنيا والآخرة.

وقال رحمه الله: تأملوا...كلام الله عز وجل تجدوا الخير الكثير في كلام الله عز وجل, وتجدوا العجائب التي لا تنتهي ولا تنقضي, ولهذا قالت الجنُّ وهم أقلُّ عقولاً من الإنس:  { إنا سمعنا قُرآناً عجباً ~ يهدي إلى الرشد فآمنا به}  [الجن:1-2] هؤلاء هم الجن, وهم أبلد من الإنس, وأبعدُ من الصواب من الإنس, ومع ذلك أقرُّوا بأن القرآن عجب يهدي إلى الرشد وأمنوا به.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا جميعاُ حقَّ تلاوته, وأن يرزقنا فهمهُ فقهاً وتطبيقه عقلاً, إنه جواد كريم.

الوساوس : أسبابها وطرق التخلص منها

قال الشيخ رحمه الله: الوسواس في الغالب يحدث من الفراع النفسي والفكري, بل والجسمي, لأن الإنسان إذا انشغل اهتم بما يشتغل به, فبعُد عن الأفكار والوساوس الرديئة, ولكن مع ذلك يحدث الوسواس حتى مع وجود ما يشغل الفكر والجسم والنفس....والطريق إلى التخلص منه يكون بالتالي :

أولاً : عدم الالتفات إليه والاهتمام به فلا يلتفت إليه المرء ولا يهتم به ولا يجعل له شأناً في نفسه حتى لو وسوس فليوطن نفسه أن هذا الأمر ليس بحقيقة ثم يدع التفكير فيه وهذه طريقة التَّخلِّي بمعنى أن يُخلِّي نفسه منه وألا يهتم به.

الطريق الثاني للتخلص : أن يستعمل الأسباب المُنجية منه, وذلك بكثرة التعوذ بالله تعالى, من الشيطان الرجيم, ومن الوساوس, ويكون حين التعوذ مستشعراً بأمرين :

أحدهما : الافتقار إلى الله تبارك وتعالى, الافتقار الكامل مع جميع الوجوه, بحيث يتبرأ الإنسان في هذه الحال من حوله وقُوَّته, ويُفوِّض الأمر إلى الله سبحانه وتعالى.

الثاني أن يشعر بأن الله تعالى قادر على إزالة ذلك, لأنه جلا وعلا  { إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون}  [يس:82]وينبني على هذا الأمر...قوة الرجاء لله سبحانه وتعالى وحسن الظن به, حتى يتخلص من هذا الداء الذي أصابه في نفسه

الطريق الثالث للتخلص من هذا الأمر: أن يكون حين اشتغاله بأمور دينه ودنياه جاداً فيها بمعنى أن يُحضر قلبه عند العمل للعمل وحينئذ إذا انصرف القلب عن الوسواس والخمول الفكري إلى الجدِّ في العمل والنظر إلى الأمور بعين الجدِّية, فإن القلب يتحرك وينصرف ويتجه إلى هذه الأعمال وبذلك ينسي وتزول عنه تلك الوساوس والأفكار الرديئة.

من يسألون الناس أموالهم

قال الشيخ رحمه الله: من الناس من يسأل لحاجته, ومنهم من يسأل لضرورته, ومنهم من يسأل تكثراً, ومنهم من يسأل مرضاً –والعياذ بالله- فيه مرض يحب السؤال, فالذين لهم حق هم الذين يسألون لضرورتهم, فإذا علمت أن هذا السائل في ضرورة إلى ما سأل, وأنت تعرف حاله تماماً, فعليك أن تعطيه.

أو علمت أنه في حاجة, بأن عرفت أن هذا يحتاج, ليس في ضرورة من أكله وشربه ولباسه وسكنه, فكل هذا موجود, لكن يحتاج إلى ما يحتاج الناس إليه في وقتنا الحاضر : الثلاجة, والمروحة, والمكيف, فهذا ليس ضرورياً, لكنه حاجة لا شك, فإذا سأل لحاجته وأنا أعرف فإنه يشرعُ لي أن أعطيه.

أما إذا سأل تكثراً فقد قال النبي علية الصلاة والسلام :  «من سأل الناس أموالهم تكثراً فإنما يسألون جمراً, فليستقل أو ليستكثر »  فإذا عرفت أن هذا الرجل يسأل تكثراً –لأني أعرفُ أنه غني- فإنني لا أُعطيه, بل إن من حقه عليَّ أن أنصحهُ, وأن أقول له : اتق الله, فإن المسألة كد يُكدُّ بها وجه الرجل, حتى يأتي يوم القيامة, وليس على وجهه مزعة لحم, لأنني لو أعطيته في هذه الحال لأغريتهُ, وشجعته أن يسأل بدون حاجة, فهنا لا نعطيه, بل ننصحه, لأنه معتد بسؤاله, والسؤال حرام عليه, وقد قال الله تعالى :  { ولا تعانوا على الإثم والعدوان}  [المائدة:2]

كذلك أيضاً من كان سؤاله مرضاً, لأن بعض الناس يُحبُّ السؤال, فهو مريض, فهل الأحسن أن نتابع مرضه, أم الأحسن أن نحاول القضاء على مرضه ؟

الجواب: الثاني لا شك, إذن : فلنحاول القضاء على المرض, وننصحه ونقول : هذا لا ينبغي, بل هذا حرام عليك أن تسأل بغير حاجة, هذه مواقفنا مع هؤلاء السُّؤال

ينبغي أن نكون أمة اقتصادية لا أمة مالية:

قال الشيخ رحمه الله: الواجب أن نعتني بالأموال, وأن نكون أمة اقتصادية, لا أمة مالية, والفرق بينهما ظاهر, فإن الأمة المالية كثيرة المال, لكنها تُبذره بغير فائدة, كرجل تاجر عنده أموال كثيرة, فيُخبِّط بهذا المال, ولا يهتمُّ به, أما الأمة الاقتصادية فهي التي تعرف أين تضع المال كما تعرف من أين تأخذ المال ؟ وتجد الرجل يُوازن دائماً بين الصادر والوارد, حتى يعرف ما هو عليه, وتجده إذا قلَّ المال في يده قلَّ إنفاقه, وإذا كثر في يده اتسع إنفاقه, لكن على وجه سليم لا يكون فيه تبذير.

وما أكثر ما رأينا من قوم أوسع الله عليهم المال, فأساءوا التصرُّف, فافتقروا ! وكم رأينا من أناس مالهم قليل لكن لحسن تصرفهم استغنوا عما سوى الله عز وجل 

وعن عمرو بن شعيب, عن أبيه عن جده, قال: قال رسول الله صلى الله عليم وسلم:  « كُل, واشرب, والبس, وتصدق في غير سرفٍ, ولا مخيلة»  [أخرجه أبو داود وأحمد]

وقال رحمه الله : من فوائد هذا الحديث: أن الإنسان يأكل ويشرب ويلبس ويتصدق لكن على وجه لا إسراف فيه ولا مخيلة, وهذه قاعدة مهمة جداً في الاقتصاد, ففيه إشارة أن ينبغي للإنسان أن يكون مقتصداً في إنفاقه, ولهذا يقال في المثل: ( ما عال من اقتصد) ما عال: أي ما افتقر, ويقال: الاقتصاد نصف المعيشة, وكثير من الناس لا يهتمُّ بالإنفاق, متى وقع في يده قرش ضيعه, وهذا غلط فينبغي للإنسان أن يكون معتدلاً  { والذين إذا أنفقوا لم يُسرفوا ولم يقتروا}  [الفرقان:67]

الحذر من الاستدانة لأمر كمالي

قال الشيخ رحمه الله: لا يحلُّ لأي إنسان أن يُسرف في إنفاقه, لأ في الأكل, ولا في الشرب, ولا في اللباس, ولا في غيره, وأشدُّ من ذلك وأخطر ما يفعله بعض الناس من الاستدانة لأمرٍ كمالي ليس بواجب.

فإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام لم يُوجه الرجل الذي لم يجد شيئاً يتزوج به إلى أن يستدين, فكيف يستدينُ الإنسانُ لشيءٍ ليس بضروري, ثم يتحمل ديناً ! وإذا حلَّ الدينُ ولم يُوفه فإنه يستدين مرةً ثانية, ويُزاد عليه, وإذا حلَّ الثاني ولم يُوف استدان ثالثة, وهكذا حتى يتراكم عليه الدين.

وقال رحمه الله: أمرُ الدين عظيم, ألم تعلموا أن الرسول علية الصلاة والسلام سأله رجل عن الشهادة في سبيل الله فقال : يا رسول الله, أرأيت إن قُتلتُ في سبيل الله يُكفرُ عنِّي خطاياي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:( نعم إن قُتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مُقبل غير مُدبر) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كيف قُلت؟ ) قال : أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عنِّي خطاياي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( نعم, وأنت صابر محتسب, مُقبل غير مُدبر, إلا الدين, فإن جبريل عليه السلام, قال لي ذلك ) يعني الشهادة في سبيل الله لا تُكفِّر الدين وهي شهادة في سبيل الله ! وكان عليه الصلاة والسلام يُؤتى بالرجل المتوفى, عليه الدين, فيسألُ : ( هل ترك لدينه فضلاً ؟ ) فإن حُدث أنه لدينه وفاء صلى, وإلا قال للمسلمين:( صلوا على صاحبكم)..فإياك...أن تغتر وتتساهل.

الحذر من شياطين الإنس

قال الشيخ رحمه الله : كُلُّ من يأمرك بالسوء والفحشاء وينهاك عن الصلاح والاستفادة فهو شيطان لقول الله تبارك وتعالى {ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمره بالفحشاء والمنكر}  [النور:21] وقال تعالى : { إنما يريدُ الشيطان أن يُوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة}  [المائدة:91] فكل إنسان يأمرك بالفحشاء والمنكر وينهاك عن ذكر الله وعن الصلاة فهذا هو الشيطان

وقال رحمه الله : الحذر من الشياطين ليس اسماً خاصاً الجن, بل حتى الإنس لهم شياطين, قال الله سبحانه وتعالى : {وكذلك جعلنا لكل نبيٍ عدواً شياطين الإنس والجن} [الأنعام:112] 

وقال رحمه الله : الغرور اسم جنس ليس خاصاً بالشيطان, بل هو عام للشيطان وأوليائه, فما أكثر شياطين الإنس الذين يغرون الإنسان ويسفهونه, ويوقعونه فيما يندم عليه, وهم جلساء السوء الذين حذر منهم النبي عليه الصلاة والسلام.

وقال رحمه الله : فما أكثر ما يمُرُّ علينا ممن يتصلون بنا يشكون من قوم كانوا مستقيمين, وأئمة مساجد, أو مؤذني مساجد, اتصل بهم أناس من أصحاب السوء, فانحرفوا انحرافاً كاملاً"

الميت بحادث سيارة أو صاعقة شهيد

قال الشيخ رحمه الله: الذي يخرجُ من بيته ويموتُ بحادث سيارة أو سقوط عقار عليه أو ما أشبه ذلك يكون شهيداً, لأن صدم السيارة من جنس الغرق ومن جنس الحرق, ومن جنس الهدم, وكل ذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسم أن من مات به يكون شهيداً...فهو شهيد عند الله, لكنه في أحكام الدنيا ليس بشهيد, بل يجب أن يُغسل ويُكفَّن ويصلى عليه.

وقال رحمه الله: إذا نزلت صاعقة بإنسان فإنها سوف تحرقه – لا شك- في لحظة, لأنها طاقة كهربائية عظيمة, فهل يكون هذا من جنس الذي مات بحرق النار, ويكون من الشهداء ؟

نقول: نعم, هذا من الشهداء, ويكون الله قد أراد له خيراً أن يموت على هذه الحال إن شاء الله.

وقال رحمه الله: ولكن ليعلم أننا لا نحكم على الشخص بعينه أنه شهيد حتى وإن عمل عمل الشهداء, لأن الحكم بالشهادة لشخص بعينه لا يجوز, كما لا تجوز الشهادة للشخص بعينه بالجنة إن كان مؤمناً, أو بالنار إن كان كافراً, ولكن نقول : إن من مات بحادث أم مات بهدم أو بغرق أو بحرق أو بطاعون فإنه من الشهداء, ولكن لا نخُصُّه بعينه, ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أن لا نشهد لأحد بعينه بجنة ولا بنار, إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولكن نرجو لهذا الرجل أن يكون من الشهداء.

بناء المساجد

قال الشيخ رحمه الله: الصدقة الجارية من أوسعها وأعمِّها وأنفعها وأفضلها : بناء المساجد, لأن المسجد تُقام فيه الصلوات, وقراءة القرآن, ودروس العلم, ويُؤوى الفقراء في الحرِّ والبرد, وفيه مصالح كثيرة ليلاً ونهاراً, ثم هو أدوم من غيره...كذلك الماء حيث يحفر الإنسان عيناً يشرب منها الناس, فهذه صدقة جارية...وكذلك الأربطة-وهي مساكن لطلاب العلم- وكتبُ العلم.

وقال الشيخ رحمه الله: أرى أنه ما دامت الأُمُّ قد أدت فريضتها فإن الحج في حقها يكون تطوعاً, وبذلُ سبعة آلاف ريال في حج تطوع مع وجود عمل أفضل من ذلك خلاف الحكمة, ولهذا أرى أن تصرفوا هذه السبعة الآلاف إلى جهة أُخرى أنفع لها, مثل أن تشاركوا لها في عمارة مسجد ينفع الله به المسلمين, وينفع الميتة, حيثُ إن المسجد أجره عظيم, لأن من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة, ولأن المسجد يرتاده المسلمون لأداء أعظم فريضة في الإسلام بعد الشهادتين, وهي الصلوات الخمس, ويرتاده المسلمون أيضاً لحفظ القرآن, ويرتاده المسلمون لتذاكر العلم, ولغير ذلك من المصالح العامة, فإذا صرفتم هذه الآلاف السبعة إلى مشاركة في بناء مسجد كان ذلك خيراً وأولى.

وقال رحمه الله: جاء في الحديث :  «لا تقوم الساعة حتى يتباهي الناس في المساجد»  فلا يتخذونها مكان عبادة بل مكان مباهاة يقال ما شاء الله, فلان عَمَّر هذا المسجد العظيم مزخرفاً محلىً بالنقوش وبالمعادن وبالرخام...بعض المساجد رأيناها في بعض المناطق يكاد الإنسان يجزم بأن الإنسان بناها مباهاة, لأنه لا داعي لهذه الأشياء.

      كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

  • 1
  • 0
  • 1,242

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً