فوائد متفرقة في أمور متنوعة من مصنفات العلامة ابن عثيمين (5)
سئل الشيخ: ذِكرُ بعض القصص التي ترتبط بالقضايا الأخلاقية لعظة يعدُّهُ البعض من إشاعة الفاحشة, فما صحة ذلك؟ فأجاب الشيخ رحمه الله
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين: فهذا هو الجزء الخامس من فوائد متفرقة في أمور متنوعة انتقيتها من مصنفات العلامة ابن عثيمين رحمه الله, أسأل الله أن ينفعني والجميع بها.
الشمس هي التي تدور على الأرض
قال الشيخ رحمه الله: يجب علينا وجوباً أن نأخذ بظاهر القرآن وأن الشمس هي التي تدور حول الأرض وأنه بدورانها يحصل اختلاف الليل والنهر, هذا الواجب, ولا يجوز أن نحيد عن هذا أبداً إلا إذا قام الدليل الحسي على خلاف ذلك, فإنه حينئذ يتعين التأويل وصرف الكلام عن ظاهره, لأننا نعلمُ علم اليقين أن القرآن لا يُخالفُ الواقع, أما شيء يقولونه بأوهامهم ويُقدرونه, فإننا لا نُوافقهم على ذلك, ولا يسع المؤمن أن يحيد عن ظاهر كلام الله لمجرد قولهم أبداً.[ينظر كذلك : التعليق على صحيح مسلم:1/462]
لا نصدق ولا نكذب أن الأرض تدور
قال الشيخ رحمه الله: مسألة الأرض هل تدور أو لا تدور؟ فنحن نقول لا نُصدقُ ولا نُكذبُ فيمكن أن يكون لها دورة ومع ذلك للشمس دورة هم يقولون إذا أقررتم بدوران الأرض لزمكم أن تقولوا إن الشمس ثابتة فنقول ليس ذلك بلازم, يمكن أن يكون للشمس دورة وللأرض دورة أخرى ولا مانع من ذلك, ولكن مع هذا نقول إن الكلام في دوران الأرض من فضول العلم الذي لا ينبغي للإنسان أن يضيع وقته به, إلا رجلاً يحتاج إلى معرفة ذلك كما يُذكر أنهم يحتاجون إليه في الصواريخ المُوجهة وما أشبه ذلك مما هو معروف عند أهله فحينئذ إذا احتاج إليه فلا حرج أن يبحث فيه [ينظر كذلك: تفسير سورة يس:139, 150-وتفسير سورة ص:157- وتفسير سورة الزخرف:51, وتفسير سورة فصلت:70- والتعليق على صحيح البخاري:10/212, :15/682-683 ]
لا نصدق ولا نكذب من يقولون عمر الدنيا كذا وكذا:
قال الشيخ رحمه الله: الساعة قريبة كما قال الله تعالى : {وما يُدريك لعلَّ الساعة قريب} وقال الله تعالى في الآية الأخرى {وما يُدريك لعلَّ الساعة تكون قريباً } فهي قريبة ويدل لقربها أن محمداً خاتم الرسل فمعناه أن الأمر قريب وأما كون الله تعالى يذكر أن الأمر قريب وبيننا وبين نزول القرآن أربعة عشر قرناً ونحن في القرن الخامس عشر ومع ذلك يذكر الله عز وجل أن الساعة قريبة ومن هنا نعرف أن عُمر الدنيا طويل وبعيد ولكن هل نأخذ بقول هؤلاء الذين يتخرصون ويقولون عمر الدنيا الماضي كذا وكذا؟ والجواب: لا نأخذ بقولهم ولا نصدقهم ولا نكذبهم, أحياناً يقولون: إنهم عثروا على آثار حيوان له كذا وكذا من ملاين السنين, أو على أحجار فهذا لا نصدق ولا نكذب لأنهم لا يعلمون الغيب الماضي, وإنما يقيسونه بحال الحاضر أي يقيسون عمر هذا الأثر بحسب المؤثرات في الوقت الحاضر لكن من يعلمنا أن المؤثرات في الوقت الحاضر هي المؤثرات في الوقت الماضي لا ندري قد يتغير الطقس من حرارة إلى برودة, ومن برودة إلى حرارة وقد تتغير الرياح والأمطار وغير ذلك.
انفصال الأرض والقمر من الشمس:
قال الشيخ رحمه الله : من السفه قول الذين يقولون: إن الأرض انفصلت من الشمس, وبقيت زماناً, ويأتون بأرقام خيالية بملاين السنين, ثم تحجرت وصارت أرضاً, وإن القمر كذلك انفصل من الشمس, وما أشبه هذا, فهؤلاء نقول لهم: من أين لكم هذا الكلام, والله تعالى يقول: {ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم }
القمر لا يمكن العيش فيه:
قال رحمه الله: القمر لا يمكن العيش فيه, لأن الله عز وجل يقول في الأرض {فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون} [الأعراف:25] و { فيها} معمول لـ: {تحيون} وكذلك { تموتون} والقاعدة في اللغة العربية: أن تقديم المعمول يُفيد الحصر, أي: لا حياة لنا إلا في هذه الأرض, وكذلك نموت, هذا هو الظاهر من الآية الكريمة, ولهذا الذين ذهبوا إلى القمر ونزلوا فيه لا يمكن أن يبقوا فيه لحظة إلا ومعهم شيء من الأرض: الأكسجين والأدوات الأخرى التي بها يحيون
السموات أجرام ومحفوظة ولها أبواب:
في حديث معراج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى السماء, قال الراوي: فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا, فاستفتح.
قال الشيخ رحمه الله : "فاستفتح" أي: طلب أن يفتح له, وفي هذا دليل على أن السموات أجرام, وأنها محفوظة, وأن لها أبواباً, وأن إنكار هؤلاء الماديين وقولهم: إنها فضاء لا نهاية له, أنه كفر, لأنه تكذيب للقرآن والسنة, فالسماء لها أبواب, وهي سقف, وتطوى, ويُنظر إليها, كما أمرنا سبحانه وتعالى بذلك: فقال: { أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج } [ق:6]
نقر الديوك, ونطاح الكباش
قال الشيخ رحمه الله: ويشترط في المسابقة على الحيوانات نفسها أن لا يكون في ذلك أذيه لها, فإن كل في ذلك أذية, كما يفعله بعض الناس في المسابقة على نقر الديوك بعضها ببعض, فإن بعض الناس – والعياذ بالله - يربي ديكه على أن يكون قوياً في الناقرة, فهذا حرام ولا يجوز, ومثل ذلك نطاح الكباش, ومثل ذلك صراع الثيران, إذاً كل ما فيه أذية للحيوان فإن المسابقة فيه محرمة.
مصارعة الثيران
قال الشيخ رحمه الله: إذا كان في المصارعة بين الثيران ضرر على الثور وألم له فإنها حرام, لأنه لا يجوز لنا أن نؤذي الحيوان, أو أن نشق عليه, وإذا لم يكن بها ألم فإنها عبث ولهو لا خير فيها, ولا فائدة منها, وهي مضيعة للوقت, وشراء الثيران من أجل المصارعة إضاعة للمال, وأما إن كانت المصارعة على عوض, فإنها حرام بكلِّ حال.
فصار الآن الحكم في مصارعة الثيران, إن كانت تضُرُّ الثيران وتُؤلمهم فهي حرام, أو بعوض فهي حرام, وإذا لم تكن كذلك فهي مضيعة للوقت, مضيعة للمال, فلا يليق بعاقل أن يفعلها.
وكذلك ننصح إخواننا الذين تروق لهم هذه المصارعة, ويضيعون عليها أوقاتاً طويلة في مشاهدتها...نقول لهم: إن الوقت أغلى من أن يفني في هذا العبث الذي لا خير فيه.
مشاهدة المباريات
قال الشيخ رحمه الله: مشاهدة المباريات فيها:
أولاً: إضاعة للوقت...والوقت ثمين, وأثمن من المال ومن كل شيءٍ, فكلُّ وقت يمضي عليك في غير طاعة الله فهو خسارة.
ثانياً: إضاعة للمال, وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن إضاعة المال, لأن التلفزيون يحتاج إلى كهرباء, والمكان الذي أنت فيه يحتاج إلى كهرباء, ولولا بقاؤك في هذا المكان لأغلقت الكهرباء.
ثالثاً : إضاعة للطاقة, أي: الطاقة الجسمية, لأن السهر يهدم الجسم, ويؤثر عليه تأثيراً بالغاً, فربما لا يظهر الأثرُ في الوقت الحاضر أو القريب, ولكن في المستقبل.
رابعا: إنك ربما تُشاهدُ من يتفوق على غيره في هذه المباريات, وهو من أهل الكفر, أو من أهل الفسق, أو من أهل الفجور, فيتعلق قلبك, ويكون فيه تعظيم لهذا المتفوق, وربما تكون فيه محبة له, ومعلوم أن هذا يُخلُّ بالإيمان والعقيدة.
خامساً: إن مشاهدة هذه المباريات لا تخلو غالباً من مشاهدة العورة.
فنصيحتي لهؤلاء أن يعدلوا عن مشاهدة...المباريات إلى ما هو أنفع في الدين والدنيا.
وقال رحمه الله: إني والله أنصحكم نصيحة أخٍ مشفق, ألا تُذهبوا أوقاتكم الثمينة في مشاهدة المباراة, لأني لا أعلم لكم خيراً في ذلك, لا في الدنيا, ولا في الآخرة, وإنما هي إضاعة أوقات.
لعب الورق
قال الشيخ رحمه الله: بعض العلماء يقول بتحريمه, لأنها تضيع الوقت وصاحبه لا يدري, والوقت ثمين أثمن من الدراهم, فلا تلعبها.
قال شيخنا عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله عن لعب الورق أنه حرام, والعلة فيه أنه يصُدُّ عن ذكر الله وعن الصلاة, لأن الذي ينغمس فيها قد يمُرُّ عليه الوقت بالساعات ولا يشعر به.
وقال رحمه الله: البلوت – بارك الله فيك – لو سألت الذين يلعبون البلوت: ما يكون الوقت في حقهم ؟ لقالوا: إنه يذهب بسرعة, وإننا نقضي الساعات الطويلة, ونحن منكبون عليه, وهذا ضياع للوقت, والوقت في الحقيقة أغلى من الأموال, قال الله تعالى: { حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون ~ لعلي أعملُ صالحاً فيما تركتُ} [المؤمنون:99-100] ما قال: لعلي أكمل لعبي.وهي أيضاً ليست فيها مصلحة للإنسان, لا في جسمه, ولا في تفكيره, وعقله, إنما هي لهو وضياع وقتٍ, وإذا كان لعبها ضياع وقت, فلا ينبغي للعاقل أن يمضي وقته بلا فائدة.
شيعة آل البيت هم أهل السنة
قال الشيخ رحمه الله : هؤلاء الشيعة يُشبهون اليهود في الحيل والمكر, وليسوا شيعة لآل البيت, أما شيعة آل البيت حقيقة, فهم أهل السنة الذين ينزلونهم منزلتهم, ويعرفون حقهم وفضلهم, ولا يجعلون لهم حظاً من الربوبية أو تدبير الخلق, كما يزعم غلاتهم ذلك.
من كلام الشيخ رحمه الله
* من لم يجعل الله له نوراً, فما له من نور! الذي أعمى الله بصيرته كالذي أعمى الله بصره, فكما أن أعمى البصر لو وقف أمام الشمس التي تكسر نور البصر لم يرها, فكذلك من أعمى الله بصيرته لو وقف أمام أنوار الحق ما رآها والعياذ بالله.
* ما أذلَّ المُحارب لله ورسوله وأخذله وأعظم جُرمه.
* الشريعة كُلُّها إزالة الهم والغم عن بنى آدم, حتى يبقوا فرحين مُستبشرين دائماً, وهذا كما أنه غذاء للقلب, فإنه غذاء للنفس والروح, وفي نفس الوقت غذاء للبدن, فإن البدن...تزول عنه الآلامُ والأوجاعُ إذا صار فرحاً مسروراً.
* الأولى في حق الذين يكونون في مكان واحد أن يجتمع بعضهم إلى بعض, سواء في حلقة القرآن أو العلم أو غير ذلك, وأن لا يتفرقوا, لأن الناس إذا تفرقوا بالأجسام تفرقت القلوب.
* المبتدعون : ابتدعوا في دين الله تعالى ما ابتدعوا : إما لقلة علمهم, أو لقصور فهمهم, أو لسوء قصدهم, فأفسدوا الدنيا بهذه البدع التي ابتدعوها.
* لو رأيت الآن حال الناس في هذا الوقت الذي كثر فيه المال, وحالهم قبل ذلك لوجدت أنهم قبل ذلك أشد إقبالاً على الطاعات, وأسلم قلوباً, وأحسن سيرة.
* لا تجد أكثر من كلام أهل الكلام, ولا أقل من بركته – والعياذ بالله
* أنت إذا فعلت الخير بنية خالصة لله فإن الله سبحانه وتعالى سوف ينشره...سوف ينشر ما عملت بين الناس ما دُمت مخلصاً لله.
* إذا رأيت قلبك لا يتأثر بالقرآن, فاتهم نفسك, لأن الله أخبر أن هذا القرآن لو نزل على جبل لتصدع, وقلبك يتلي عليه ولا يتأثر, أسال الله أن يعينني وإياكم
ــــ(534)
* تجد أهل العقوق دائماً في حسرة, وفي ضيق, وفي ووساوس, وربما يُضيقُ رزقُهم, بسبب عقوقهم, وعدم القيام ببر الوالدين.
* إذا رأيت من نفسك أن الله عز وجل قد منَّ عليك بالهداية, والتوفيق والعمل الصالح ومحبة الخير وأهل الخير, فأبشر فإن في هذا دليلاً على أنك من أهل اليسرى الذين كتبت له السعادة.
* العلم في الحقيقة يحتاج إلى أمرين : إلى باب مفتوح لقبوله, وإلى باب مغلق لمنعه من الخروج, نسأل الله أن يوفقنا إلى هذا.
* لا يكن همَّك أن تنصر قولك, اجعل همَّك أن تنصر الحقَّ.
* كلام الرسول صلى الله عليه وسلم اجتمع فيه أربعةُ أوصافٍ هي: العلم, وهذا أخذه من الرحمن عز وجل, وكمالُ النُّصح, وكمالُ الفصاحة, وكمالُ الصدق, أفبعد هذه الأوصاف الأربعة نحتاجُ إلى أن نطلب الحقَّ من غير كلامه؟!الجواب أبداً
* الكتب لطالب العلم بمنزلة السيف والبندقية ونحوهما للمقاتل.
* الشيطان يفتح لبعض الناس إتباع المتشابه من نصوص الكتاب والسنة ليُبرِّر لهم ما كانوا يعملون, والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
* كل محنة من الله عز وجل إذا صبرت عليها فأبشر بعقباها منحة.
* الصدقة لا تنقص المال, وإن نقصتهُ عدداً, فإنها تزيدُهُ بركةً وحماية.
* العاقل من وفقه الله تعالى للعلم والعمل ولو كان من أبلد الناس...باعتبار الذكاء.
* إذا رأيت من نفسك الحرص على استماع قول الخير واتباع أحسنه, فاعلم أن هذا من هداية الله لك.
* لا تيأس من أي شيء تريده من الله عز وجل.
كلام الشيخ في تناقض الرافضة وغرائب أقوالهم:
قال الشيخ رحمه الله: العجب أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه – وهو إمام الأئمة عند الرافضة – هو الذي روى تحريم المتعة عن إمام الأئمة حقاً رسول الله صلى الله عليه وسلم, ومع ذلك لا يقولون بهذا !! كما أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ممن روى المسح على الخفين, والرافضة لا يقولون بذلك!!
وقال الشيخ رحمه الله بعد أن أتم التعليق على باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما من صحيح الإمام البخاري رحمه الله: هذا الباب أكثرُ المناقب التي فيه للحسن بن علي رضي الله عنهما, والغريب أن الرافضة يرون أن الحسين أفضلُ من الحسن, ويقولون: إنه قتل شهيداً, وينعونه, وهذا من جهلهم.
وقال رحمه الله: والعجيب أنني رأيت كتاباً في موسم الحج لأحد الرافضة قبحهم الله, عنوانه " ثبوت نبوة أبي طالب " هذا فوق أنه مسلم, وأتى بأحاديث فيها أن الرسول صلى الله عليه وسلم تسلسل من آدم إلى أن ولدته أُمُه, وهو في أصلاب آبائه ينتقل نبياً, وقال: إن عم الرجل صنو أبيه, فعلى هذا يكون أبو طالب نبيناً.
لكن هل كان عبدالله نبيناً ؟! لا, ولا أبو طالب, ولا كان أبو طالب مسلماً, لكن لأنه أبو علي بن أبي طالب, وهو يغلون في علي رضي الله عنه.
قال رحمه الله: الرافضة يقولون: إن لم تتبرأ من أبي بكر وعمر وبقية الصحابة فأنت ناصب العداوة لآل البيت, ولهذا عندهم هذه القاعدة النكرة الكاذبة يقولون: لا وولاء إلا ببراءةٍ. يعني: لا ولاية لآل البيت إلا بالبراءة من أبي بكر وعمر, وهذه أكذب قاعدة على وجه الأرض, فنحن نتولى أبا بكر وعمر, ونتولى علياً وحمزة والعباس وغيرهم من آل البيت من آل الرسول علية الصلاة والسلام
الشر والفساد في الخروج على ولاة الأمور:
قال الشيخ رحمه الله: تجد هؤلاء الذين نعتبرهم سفهاء خرجوا على ولاة الأمر لمجرد أنهم رأوهم فسقه فماذا حصل؟ حصل من الشر والفساد ما هو أعظم مما كان عليه هؤلاء الولاة, اقرأ التاريخ من حين حصل الاختلاف على الأئمة إلى يومنا هذا تجد الشرور والفساد كله في الخروج على ولاة الأمور, ماذا حصل من قتل عثمان رضي الله عنه؟ ومن قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه؟ ومن...قُتل من بقية الخلفاء؟ حصل الشر والفساد حتى أولئك السفهاء الذين خرجوا على ولاتهم, واستحلوا كراسيهم وسمّوها ثورة وما أشبه ذلك, ما ذا حصل منهم ؟ هل أصلحوا على الوضع؟ أبداً, بل إن المتأمل يجد أن الوضع الذي كان في السابق خير مما هو عليه الآن .كل ذلك بسبب الخروج عن طاعة الله ورسوله فلو أن هؤلاء أطاعوا الله ورسوله في الصبر على ولاة الأمور, وطاعتهم في غير معصية الله, لرأوا خيراً كثيراً.
وقال الشيخ رحمه الله: الإنسان يجب عليه أن يتأمل قبل أن يقدم ما هي النتيجة وما هي الفائدة, والأحداث تشهد أن أولئك الذين خرجوا على أئمتهم بُحجة أنهم يريدون أن ينتصروا للإسلام وأن أئمتهم على الضلال والكفر نرى أن الحال تنعكس وتكون أسوأ بكثير مما سبق...وتأملوا الآن كل البلاد التي حصلت فيها ثورات يتمنى شعوبها الآن أنهم كانوا على الحال الأولى السابقة يتمنون هذا بكل قلوبهم ولكن هذا لا يحصل.
وقال رحمه الله: علينا أن نفكر وننظر إلى كل البلاد التي حصلت فيها الثورة ما ازدادت بعد الثورة إلا شراً في دينها ودُنياها.
القدح في الإمام نوع من الخروج عليه
قال الشيخ رحمه الله: هل تُعدُّ المعصية خروجاً على الإمام؟ فالجواب : المعصية لا تُعتبر خروجاً لكن القدح فيه يُعتبر خروجاً ولهذا ذكر بعض العلماء رحمهم الله أن أول الخارجين هم الذين قالوا للرسول عليه الصلاة والسلام اعدل فإنك لم تعدل فالقدح في الإمام نوع من الخروج عليه وفعلاً هو خروج في الواقع لأنه إظهار لقبائحه ويُوجب لقلوب الناس أن تكره هذا الإمام حتى وأن كان الإمام مُتصفاً بهذا ومعلوم أن أول الحرب ينشأ من كلام ثم يتوقد حتى يكون الخروج بالسيف ولكن نقول : اصبر واحتسب.
المظاهرات السِّلمية
قال الشيخ رحمه الله: أنا لا أرى المظاهرات أبداً لأن المظاهرات كلها شر ولم تكن معروفة في السلف ويحصل بها مضايقات وإفزاع الناس وربما يتسلط المتظاهرون على الدكاكين والسيارات مع الفرح والنشوة فيحصل شر كثير, فلا نراها إطلاقاً.
العمل بتخطيط وبتنظيم:
قال الشيخ رحمه الله: المؤمن يصبر ويتئد ويعمل بتؤده ويوطن نفسه, ويخطط تخطيطاً منظماً يقضي به على أعداء الله من المنافقين والكفار ويفوت عليهم الفرص, لأنهم يتربصون الدوائر بأهل الخير...فإذا صبر وثابر وسلك الطُّرق التي توصل إلى المقصود بدون فوضى وبدون استنفار وبدون إثارة بطرق مُنظمة, لأن أعداء المسلمين من المنافقين والكفار يمشون على خُطأ ثابتة منظمة ويحصلون مقصودهم. فأنت...لا تسكت عن الشرَّ ولكن اعمل بنظام وتخطيط وبحسن تصرف وانتظار الفرج من الله, ولا تمل فالدرب طويل.
ــــ(538)
التعامل مع أخطاء العلماء:
قال الشيخ رحمه الله : نحن لا شكُّ في أن العلماء لهم أخطاء, وأنه ليس كل واحد منهم معصوماً, لكن إذا أخطأ العالم الذي يُقتدى به فعلينا أن ننصحه فيما بيننا وبينه, دون أن ننشر مساوئه, لأنك إذا نشرت مساوئ العالم أسأت إليه شخصياً, وأسأت إلى الشريعة التي يحملها, لأن الناس إذا قلت ثقتهم في العالم فإنه يكون قوله بينهم مردوداً, وليس له قيمة, فتُهدم شريعة من الشرائع تأتي على لسان هذا العالم.
فإذا كنت حقيقةً ناصحاً فتكلم مع العالم بينك وبينه, قل له: يا حضرة الشيخ, قُلت كذا وكذا, وأنا أعرف خلاف ذلك, فما هو الصواب, يعني بأدبٍ ولباقة.
وقال رحمه الله: الشيطان هو الذي يؤز هؤلاء على أن يقدحوا في العلماء, لأنهم إذا قدحوا في العلماء وسقطت أقوالهم عند الناس ما بقي للناس أحد يقودهم بكتاب الله, بل تقودهم الشياطين وحزب الشيطان...وغيبة العلماء تضرُّ الإسلام كُلّه لأن العلماء حملة لواء الإسلام فإذا سقطت هيبة الثقة بأقوالهم, سقط لواء الإسلام, وصار في هذا ضرر على الأمة الإسلامية.
كلام الإنسان وهو نائم:
قال الشيخ رحمه الله: لو فُرض أن إنساناً خاطب رُوح النائم وقال له : أطلقت زوجتك ؟ قال : نعم, فإنه لا طلاق عليه, لأنَّ بعض النُّوَّم تُخاطب رُوحُه, وتعطى جميع ما عندها, وحدثني الثقات أن من الناس من يجلس إلى جنب النائم, ويقول : السلام عليكم, فيرُد عليه السلام, ثم يبدأ يحدثه ويقول : ماذا صنعت اليوم ؟ فيقول : النائم : صنعت كذا وكذا...وهذا الذي ذكرته حقيقة, لأن الذي حدثني به ثقة, لكني لا أظنُّ أن جميع الناس يستطيع الإنسان أن يأخذ ما عندهم وهم نُوَّم
من أُصيب بمصيبة في ذات الله, وقابلها بالصبر والاحتساب, فإنها تكون له رفعةً.
قال الشيخ رحمه الله: المصائب أحياناً تكون سبباً للرفعة, ولو فكرت في التاريخ ما وجدت أحداً أُصيب في ذات الله إلا كان ذلك له رفعةً, وما قصة الحديبية عنا ببعيد, فقد أُصيب المسلمون في ذات الله, لكنها كانت لهم رفعةً, وكذلك عائشة رضي الله عنها أُصيبت, فكانت لها رفعةً, وهذا إبراهيم علية الصلاة والسلام جعل الله له ذكراً حسناً بالولد الذي أُمر أن يذبحه, فسلم لأمر الله وبالنار التي أُلقي فيها, فصارت برداً وسلاماً عليه, وذكراً له إلى يوم الدين.
واقرأ تاريخ العلماء من هذه الأمة تجد أن الإنسان الذي جري عليه ما يجري من حبس وتنكيل وتعذيب أشهرُ عند الناس ممن لم يجرِ عليه مثل ذلك, لأن هذا من ثواب الصابرين الذين يصبرون في ذات الله, يجعل الله لهم ذكراً حسناً , فكل إنسان أُصيب بمصيبة في ذات الله, وقابلها بالصبر والاحتساب, فإنها تكون له رفعةً.
عبر من قصة أصحاب الكهف:
قال رحمه الله: أصحاب الكهف...في قصتهم عبرة عظيمة, حيث حماهم الله عز وجل, من تسلط أولئك المشركين عليهم, وآواهم في ذلك الغار هذه المدة الطويلة من غير أن يتغير منهم شيء, وجعل سبحانه وتعالى يقلبهم ذات اليمين وذات الشمال, لئلا تتأثر الجنوب التي يكون عليها النوم,...والخلاصة التي تستخلص من هذه القصة هي : أن كل من التجأ إلى الله عز وجل, فإن الله تعالى يحميه, بأسباب قد يدركها وقد لا يدركها وهو مصداق قوله تعالى:]إن الله يدافع عن الذين آمنوا [ [الحج:38] فإن مدافعة الله عن المؤمنين قد تكون بأسباب معلومة, وقد تكون بأسباب مجهولة لهم فهذا يرشدنا إلى أن نحقق الإيمان بالله عز وجل والقيام بطاعته.
ذكر القصص المرتبطة بالقضايا الأخلاقية في مقام عام أو خاص:
سئل الشيخ: ذِكرُ بعض القصص التي ترتبط بالقضايا الأخلاقية لعظة يعدُّهُ البعض من إشاعة الفاحشة, فما صحة ذلك؟ فأجاب الشيخ رحمه الله :
أولاً: لابُدَّ من ثُبُوت هذه القصة.
ثانياً: إن كانت ثابتة ننظر: هل من المصلحة أن تقال ؟ أخشى أن يظن السامع أن هذا منتشر في المجتمع.
ثالثاً: اعلم أن القصة المنكرة إذا جرت على الألسن والأسماع سوف تُقللُ من هيبتها, فلا أرى هذا.
فإذا كانت مثل هذه القصص تُحكى لأشخاص مُعينين يُخشى وقوعُهُم في هذه الفاحشة فلا بأس, على أن يكون كلامك معهم بينك وبينهم, وليس على المنابر ولا في الخطب, أما إذا كان ذلك على المنابر أو في المجامع فلا أُراهُ صواباً, وليس ذلك في مصلحة لهم, واعلم أن المنكر إذا اعتاد الناس سماعه, استمرأته النفوس, وهان عليها, ولذلك لو سمعت قصة معينة في الأخلاق رُبما تنفر منها كثيراً, وإذا جاءت المرة الثانية قلَّت في نفسك.
كتبه/ فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: