حلول عملية لمشاجرات أطفالك اليومية
كثير من الأطفال لا يعرفون كيف يتفاوضون ويتفقون، فهم عندما يشعرون بالإحباط أو الغضب قد يلجؤون إلى الخلاف والتشاجر، وقد تكون المشاجرة كلامية وقد تتعدى ذلك إلى المشاجرة باليد، ولكن في - كل الأحوال - هناك أسباب لهذه المشاجرات...
- التصنيفات: التربية والأسرة المسلمة -
كثير من الأطفال لا يعرفون كيف يتفاوضون ويتفقون، فهم عندما يشعرون بالإحباط أو الغضب قد يلجؤون إلى الخلاف والتشاجر، وقد تكون المشاجرة كلامية وقد تتعدى ذلك إلى المشاجرة باليد، ولكن في - كل الأحوال - هناك أسباب لهذه المشاجرات، فقد يتنازعون على لعبة، أو على أغراض شخصية، أو على مكان ما على المائدة، وهكذا... فالشجار من الممارسات اليومية الطبيعية في العلاقات الأسرية، فليس هناك أطفال رائعون وهادئون طوال الوقت، فأحياناً يتنافس الإخوة ويتنازعون، وأحياناً أخرى يتصادقون ويتحابون.
أسباب التشاجر بين الإخوة:
ويرى الخبراء والمربون أن من أهم أسباب التشاجر بين الأخوة: الغيرة، والشعور بالنقص، والشعور باضطهاد الكبار، وانشغال الأبوين عن الأطفال، كما إنَّ بعض الأطفال من البنين يحاولون السيطرة على البنات، والجانب الإيجابي في تنافس الأطفال أنه يعطيهم الفرصة ليتعلموا كيف يأخذون ويعطون ويتقاسمون الأشياء، وكيف يدافعون عن حقوقهم؛ فهم يتعرَّفون من خلال تلك المناوشات إمكاناتهم، ونقاط الضعف والقوة لديهم، وهم يجرِّبون نشوة الإثارة والانتصار.
ولكن مهما قيل من إيجابيات تلك المشاجرات؛ فإنها تثير أعصاب الأبوين، اللذين يشعران بالعجز عن منعها، وقد يقودهما ذلك إلى الشكِّ في قدرتهما على تربية أبنائهما.
كيف تتصرفين ؟!
في البداية عليك بدراسة حالة الطفل الصحية؛ ففي حالات نادرة قد تكون مشاجرات الأبناء وكثرة خلافاتهم راجعة إلى مرض عضوي أو نفسي، وفي تلك الحالة لابد من استشارة الطبيب؛ فقد يكون سبب سرعة الغضب أو التشاجر اختلالاً في إفرازات الغدَّة الدرقية، أو سوء التغذية أو غيرها من الأسباب.
وإذا تيقَّنتِ أن أطفالك لا يعانون أي مرض عضوي، فكِّري حينها في كيفية معالجة خلافاتهم اليومية بطرق عملية مجدية؛ فقد تحتاج معالجة بعض المشاجرات إلى التدخل الفوري، وقد تستلزم عدم الاهتمام وكأن شيئاً لم يكن، وهناك معالجات عامة تصلح لأي تشاجر وهناك معالجة خاصة لكل موقف على حدة.
نصائح الخبراء:
ينصحك خبراء التربية وعلم النفس باتباع الآتي:
إذا كانت الخلافات بينهم شفهية عليك أن تبقي بعيدة محايدة قدر الإمكان، فالطفل بحاجة إلى أن يتعلم كيف يتناقش مع الآخرين إلى أن يتوصل إلى حل مشترك، وتأتي هذه الخبرة من خلال المشاحنات بين الإخوة والقرناء، باستثناء من كانت أعمارهم أقل من عامين أو ثلاثة، ذلك أن الأطفال في هذه السن لايدركون الخطر الكامن في الشجار؛ لذا تجب مراقبتهم عن كثب.
حاولي أن تمنعي الأطفال من الاستعانة بك لتسوية خلافاتهم، وإذا تدخلت بينهم فكوني محايدة: فلا تحاولي أن تحددي أيهما يقع عليه اللوم ومن المحقُّ، ولا تفرضي عليهما حلاًّ معيناً؛ ودعيهما يجدا الحل بأنفسهما ما أمكن ذلك.
اتبعي هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في طريقة معالجة الغضب بين الأبناء؛ بأن يبدل الوضع من الوقوف إلى الجلوس، ومن الجلوس إلى الاضطجاع.
ضعي نفسك مكان ابنك، وتذكري كيف كنت تتصرفين تجاه ذلك الموقف أو غيره عند صغرك؛ حتى نفهم نفسيات أبنائنا.
قبل أن تحاسبي أبناءك على أي خطأ سلي نفسك أولاً: هل وضعت حدوداً للتشاجر بينهم من قبل؟ هل وضعت قواعد للسلوك ليلتزموا بها؟ هل علَّمت ابنك كيف يحترم الكبير؟ هل علمته أن يخرج من الغرفة عند تبديل أخته ملابسها؟
علمي أبناءك طريقة إدارة أي موضوع أو خلاف؛ وذلك بتربيتهم على قبول الآخر واحترامه، حتى لو اختلفنا معاً؛ فرأي أخي أو صديقي صواب يحتمل الخطأ، ورأيي خطأ يحتمل الصواب.
إذا وصل التشاحن بين الطفلين إلى حد الإزعاج فتدخلي وحاولي التهدئة، وإذا لم تجدي منهما استجابة فاعرفي سبب الشجار؛ فإذا كان نزاعهما على شيء معيَّن فأبعديه عنهما، فإذا تشاجرا-مثلاً- على الجلوس في المقعد الأمامي بالسيارة فضعيهما معاً في المقعد الخلفي، وإذا كان التشاجر على الذهاب إلى مكان معين فاحرميهما معاً من الذهاب.
إذا وصل الشجار إلى التشابك بالأيدي أو ألحق كل منهما الضرر بالآخر فيجب أن تحبسيهما كل على حدة مدة مؤقتة؛ بصرف النظر عن أيهما بدأ بالاعتداء؛ فقد يكون ما فعله نتيجة لاستفزاز الآخر له؛ لذا يكون الحل المناسب فصل المتشاجرين، كلٌّ في غرفة مع مراعاة عدم مشاهدة التلفاز أو اللعب بالحاسوب؛ لأن هذا يعدُّ لهم مكافأة وليس عقاباً.
قد يكون عقاب الأخ المعتدي بأن يقوم بترتيب بعض حاجيات المعتدى عليه؛ بأن يرتب سريره أو مكتبه أو ملابسه وهكذا.
من الممكن أن يجلسا على كرسيين مستقلين، ولا تسمحي لهما بالقيام حتى يتصالحا ويتعلما كيفية إدارة الحوار بينهما.
إذا تشاجر الأطفال على بعض اللعب التي تخص أحدهما فأعيديها إليه؛ حيث يجب الحفاظ على الأشياء الخاصة بكل طفل واحترام خصوصيته، أما في الألعاب التي تخص العائلة بأسرها كألعاب (الفيديو) أو الحاسوب فلا بد أن يتعلموا اللعب بها بالتناوب وأن يشتركوا باللعب مع من يزورهم من الأصدقاء؛ فالطفل بحاجة إلى تعوُّد المشاركة؛ كي يكتسب بذلك الأصدقاء ويتعايش مع الآخرين.
إذا كنت في أحد الأسواق أو المطاعم أو غيرها من الأماكن العامة، وبدأ أطفالك في التشاجر فيجب أن توقفيهم في الحال حتى لا يزعجوا الآخرين، أما إذا استمر الشجار فأخرجيهم مؤقتاً من المكان مدة دقيقتين أو ثلاث دقائق، فإن لم يهدؤوا فقد تضطرين إلى مغادرة المكان والعودة بهم إلى المنزل عقاباً لهم بحرمانهم من الخروج.
في حالة الرضا بينهم عليك أن تعززي ذلك التصرف وتمدحيه فيهم حتى تقوى روابط المحبة والأخوة بينهم.
العدل ليس معناه المساواة في كل شيء بقدر ما يعني تلبية احتياجات كل منهم دون ربطها باحتياجات أخيه؛ فمثلاً عندما يحتاج أحدهم إلى حذاء فليس معنى العدل أن تشتري للآخر مثله، ولو احتاج أحدهم إلى طعام فلا يعني هذا أن تعطي أخيه نفس الكمية، ولكن سليه عن احتياجاته: هل أنت جائع؟ هل تحتاج إلى المزيد ؟ حتى لا يتعود النظرَ إلى ما في يد غيره أو يختلف معه على ذلك.
__________________________________________
الكاتب: عائشة أبو السعود