أعظم ما غلب به فرعون
برجالٍ آمنوا وصدقوا وصبروا وجهروا بالحق ولم يُبالوا بوعيد الطغاة ويسألون ربّهم العون والصبر والمَدد
وكُلُّ ما يرجونه: الوفاة على الإسلام، وأن يلقوا ربّهم غيرَ مُبدّلين..
- التصنيفات: تزكية النفس -
من أعظم ما غُلِب به فرعونُ، وكلُّ فرعون بعده: هذا الجوابُ المُوجَزُ الجامع ممن توعّدهم:
{قَالُوۤا۟ إِنَّاۤ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ وَمَا تَنقِمُ مِنَّاۤ إِلَّاۤ أَنۡ ءَامَنَّا بِـَٔایَـٰتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاۤءَتۡنَاۚ رَبَّنَاۤ أَفۡرِغۡ عَلَیۡنَا صَبۡرࣰا وَتَوَفَّنَا مُسۡلِمِینَ}
وإنّ المؤمن - واللهِ-لا يشبع من التفكُّر في هذا الجواب.
جوابٌ تتحطم معه أحلام الطغاة، إذ يحسبون كل الناس أمثالَهم يعبدون الدنيا، ويحرصون عليها فيهددهم ويتوعدهم بإنهاء حياتهم!
فإذا بهم غيرُ مُبالين، بل فرحون مُستبشرون بلقاء ربهم الذي ينقبلون إليه، فهم من الله وله وبه وإليه راجعون على كل حال.
ثم أعلنوا أنهم إنما يُقتَلون بغير حق
وأنهم ما فعلوا إلا الصواب الذي ينبغي أن يفعله كل عاقل.
ثم تضرعوا إلى ربهم الذي سجدوا له وامتُحنوا فيه أن يُنزل عليهم من الصبر ما يتحمّلون به ذلك البلاء إذْ لا قوةَ إلا به، وقد يعزمُ الإنسان على الصبر على شيء قبل أن ينزل به ثم تنفسخُ عزيمته فسألوا ربّهم أن يُفرِغ عليهم من الصبر ما يثبتون به، وأن يلقوْه مُسلمين
فأقسمُ بمن هذا كلامُه: إن الطغاة على مرّ العصور ما هُزموا بأعظم من تلك الهزيمة:
برجالٍ آمنوا وصدقوا وصبروا وجهروا بالحق ولم يُبالوا بوعيد الطغاة ويسألون ربّهم العون والصبر والمَدد
وكُلُّ ما يرجونه: الوفاة على الإسلام، وأن يلقوا ربّهم غيرَ مُبدّلين..
ومن نفسِ المعين قال الصحابي الشهيد خُبيبٌ رضي الله عنه فأحرق بها قلوب الظالمين الطغاة وأغاظهم وحطّمَ آمالَهم وسفّه أحلامهم:
(ولستُ أُبالي حين أُقتلُ مُسلمًا على أيّ جنبٍ كان في الله مَصْرعي.. وذلك في ذاتِ الإله...)
يارب يا رب يا رب أفرِغ علينا صبرًا وثبت أقدامنا واربط على قلوبنا واقبضنا غير مفتونين
واشدُد وطأتك على الظالمين وأعوانهم وعلى من يُحاربون دينك ويصدون عن سبيلك.