ارحم نفسك

منذ 2021-10-06

أوليس الذي صنع وأبدع ذلك كله قادر على تلبية الحاجات وتغيير الحال ودفع الضرر وتنفيس الكُرب؟ بلى، فارحم نفسك بالسعي وراء رحمة الله واليقين والعمل بآياته.

الظفر برحمة الخالق جل وعلا تعني أننا لن نتعس أبدا ولن نشق ما بقينا على هذه الأرض أحياء، ولن نخاف على أنفسنا وأولادنا، ولن نأس على ما فات، وسنرضى بالموجود ولن نحرص على المفقود، ولن نزداد إلا قناعة وتفاؤلا وانشراحا، وسترتاح النفس وستخف الأحمال وسيتقوى الساعد وسيسكن الفؤاد.

وبرحمة الله سننال الهداية وسنعيش بها وسننشرها بين الناس،

وبها سيصبح المرء محبوبا في مجتمعه وسيحرص الجميع على سماع كلامه،

وبها يستمر العطاء ويستديم الخير وتبقى النعمة،

وبها يأت الرزق السهل والحياة الكريمة ويسلم المرء من إذلال نفسه أمام الخلْق،

وبها يرتفع الشأن ويعلو القدْر ويتحول المسلم من شخص بسيط إلى ملك وقائد ومن عالق في بئر الماء إلى وزير مهاب الجانب مثل يوسف عليه السلام،

وبها يسلم المسلم من مكائد الشيطان ويحفظ نفسه من وساوسه وإغراءاته ويتجنب اتباع خطواته،

وبها تتنزل الأمطار وتنبهت الأزهار وتمتلئ الأنهار وتخضر المروج والجبال،

وبرحمة الله نجى هود وصالح وشعيب ولوط - عليهم السلام جميعا - من العذاب الذي حاق بأقوامهم،

وبها يتخلص المرء من الظالمين والمجرمين ويُكفى شرهم وطغيانهم،

وبها ينبذ المسلم الخرافات والبدع والفلسفات ويحافظ على صفاء عقيدته،

وبها يكبح جماح نفسه الأمارة بالسوء والتوّاقة لرؤية وممارسة الحرام،

وبها يفرح العقيم بقدوم الولد بعد طول انتظار وعظيم شوق، وتصلح الذرية وتكون على ما أراد الأبوين،

وبرحمة الخالق تندمل جروح القلب وتتعوض الخسائر وتنقلب المحن منح والمآسي عطايا،

وبها نبلغ المراد ونحقق الغايات ونصبح علماء وهامات كما كان الخضر عليه السلام،

وبها يتزكى المؤمن ويعرف مولاه ويرتفع في الجنة درجات, وبذلك يفرح ويبتهج ويستبشر ويترك زخرفة الدنيا خلفه، ولا يبالي بقوة الأقوياء وكثرة المتغطرسين، ولا يهمه رضى وسخط الناس من حوله، بل  {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ

وتلك الرحمات لا تؤخذ بالتمني والأحلام، وإنما بالمشي والجري وراء أسبابها، ومن هذه الأسباب اليقين بالله عز وجل وبأن كل آيات المصحف حق وصدق وعدل لا لبس فيها وكائنة لا محالة، ودليل اليقين هو العمل بمقتضاها والإتباع لا الإبتداع والغفلة وأخذ البعض وترك البعض الآخر.

واليقين ينغرس في القلب بالنظر والتفكر في عجائب الكون والطبيعة وما فيها من مخلوقات كثيرة، انظر كيف أن درجة باطن الشمس تربو على 15 مليون درجة مئوية بما يكفي لحرق وتدمير كل شيء، وكيف أن ضغط الغلاف الجوي لكوكب الزهرة  يفوق ضغط غلاف الأرض بـ 92 مرة والحرارة تدخل إليه لكنها لا تخرج منه، ويقول الباحثون بأن هناك أكثر من مليون كويكب صغير في المجموعة الشمسية يتراوح قطرها ما بين 250 كيلو متر إلى بضع مئات من الأمتار.

 وفي الطبيعية غابة في دولة بنما موطن لنحو 25246 نوعا من المفصليات والحشرات والعناكب، وهناك حيوانات غريبة المنظر كالأسماك ذات الأيد وخفافيش بيضاء لا يتجاوز حجمها 4.7 سم، ودلافين صغيرة تعيش في الأنهار يتحول لونها مع التقدم في العمر من الرمادي إلى الوردي، بل هناك جبال بألوان قوز قزح وجزيرة من الصخور الكبيرة في الصين، ونهر مغلي في الأمازون تصل حرارته إلى 100 درجة مئوية.

أما أنا وأنت أيها الإنسان فمخلوق مليء بالأسرار والمعجزات، يتكون جسدنا من عدد غير محصور من الخلايا الحية التي تنتظم لتُكوِّن الأنسجة، ومن الأنسجة تتكون أعضاء وأجهزة الجسم المختلفة،

ويحتوي دماغنا على ما يتراوح بين 85 ملياراً إلى 200 مليارِ خليّة عصبيّة، وفي جسمنا حوالي 25 ترليون خليّة دم حمراء تعمل على نقل الأكسجين من الرئتين إلى خلايا الجسم المختلفة، والدم يقطع مسافة تصل إلى 9 آلاف كيلومتر يوميًا عبر الأوعية الدموية المختلفة، ويبلغ طول الشرايين حوالي  600 ألف كيلو متر، وتتقلص عدد عظام أجسامنا من 350  عظمة في مرحلة الطفولة إلى 206 عظمة عند البلوغ، وبمقدور الأنف أن يحفظ 50 ألف راحة.

أوليس الذي صنع وأبدع ذلك كله قادر على تلبية الحاجات وتغيير الحال ودفع الضرر وتنفيس الكُرب؟ بلى، فارحم نفسك بالسعي وراء رحمة الله واليقين والعمل بآياته.

  • 5
  • 0
  • 1,946

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً