العلم زاد المسلم في حياته
فقد كان السلف رضوان الله عليهم يقولون: لا تعجب ممن هلك كيف هلك، ولكن ممن نجا كيف نجا، وما كان ذلك إلا بصدق التوكل واللجوء، فلا يعصي الله إلا جاهل به، أو ملحد لا يؤمن بوجوده، أو عاصٍ متجرئ عليه لا يقدر العواقب والعقاب..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين، محمد الأمين، بلغ الرسالة وأدى الأمانة، وتركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.
أما بعد:
فقد كان السلف رضوان الله عليهم يقولون: لا تعجب ممن هلك كيف هلك، ولكن ممن نجا كيف نجا، وما كان ذلك إلا بصدق التوكل واللجوء، فلا يعصي الله إلا جاهل به، أو ملحد لا يؤمن بوجوده، أو عاصٍ متجرئ عليه لا يقدر العواقب والعقاب، استحوذ الشيطان عليه؛ قال تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ} [المجادلة: 19]، وقال أيضًا: {نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} [الحشر: 19]، فالله سبحانه وتعالى خلق للإنسان عقلًا، ليعارضه ويتحداه؛ قال تعالى: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} [نوح: 13، 14]، ولولا أن رحمته سبقت غضبه: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 83]، وفضل الله أن يسَّر العلم: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 6]، وفرضه وأوجبه للإسلام دليلًا؛ «طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة»، والعلم كالغيث أينما وقع نفع، وكله خير، والجهل شر وظلام، و «من يُرِدِ الله به خيرًا يجعله فقيهًا في الدين»، وكان أيضًا سببًا لنزول الغيث؛ {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: 11].
ولكن المسلم قد يذهب به جهله ويأسه وضعفه وعدم يقينه، أو أمل له بغيره أمَّله إياه، ليطرق بابًا لا يُفتح له، أو يُخذل منه، أو ينتكس بسببه، ويترك باب رجاء الله وخوفه ودعائه، والأمل به، والعلم ضرورة لأن يصله دين الله الكامل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، ومن العلم: الصيام يعلم الإخلاص، ويوقظ من الغفلة، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والدعاء مخ العبادة، والصدقة تطهر النفس وتطفئ غضب الرب، والإيمان بالبعث والجزاء إيمان بالغيب، ((والصبر ضياء))، ولا يزال الإنسان يتعلم ما ينفعه لحياته حتى يموت بعلمٍ؛ قال صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا: كتاب الله وسنتي»، ولا يُعذَر بالجهل في زمن اليسر أن يجده، وفي زمن الفتن يحمي به نفسه وواجب العمل به ما استطاع إلى ذلك سبيلًا.
__________________________________________________
المؤلف: فضيلة بنت محمد
- التصنيف: