التذكار.. في منافع الاستغفار
عليك أخي الحبيب بلزوم الاستغفار؛ فإنه دواؤك الناجع، وعلاجك الناجح، وميزانك الراجح، وهو البلسم الشافي، والدواء الكافي لكل مهموم مغموم، أو مكروب محزون، يذهب الله به جيوش الهموم، وسحب الغموم، ويريح به القلب المحزون..
- التصنيفات: الذكر والدعاء -
الاستغفار نعمة من الغفار، من راوح عليها وجد أثرها في نفسه وماله وولده، وجميع شأنه.. ولا يعرف برد المغفرة إلا من اكتوى بنار المعصية، فمن عرف شؤم الذنوب عرف قيمة الاستغفار.
فالذنوب أصل كل مصيبة، وسبب كل بلية، ومصدر كل بلاء، ومفتاح كل فتنة، وسبب كل فساد في البر والبحر: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم:41].
والمعاصي والخطايا تورث الحرمان: حرمان التوفيق، وحرمان الهداية، وحرمان الفهم، وحرمان العبادة، وحرمان المغفرة، وحرمان لذة الطاعة، وحرمان إجابة الدعاء.. حتى إنها تحرم صاحبها العلم، وتحرمه الرزق، «وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه» (مسند أحمد وحسنه الأرنؤوط).
والمعاصي تعقب الخذلان: فهي تقرب العذاب، وتستجلب غضب الوهاب، وتعسر الأمور، وتزيل النعم، وتحل النقم.. فما نزل بلاء إلا بذنب {مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا} [نوح:25]، {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى:30]، {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا . وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء:160، 161].
ولما كان كل ابن آدم خطاء، لم يكن أمام الخلق ملجأ يهرعون إليه، ولا باب يلجون منه إلى الله إلا التوبة والاستغفار. كما أمرهم الله تعالى بقوله: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:31].
منافع الاستغفار:
والاستغفار في ذاته عبادة من أجل العبادات، وقربة من أفضل القربات، وله آثار جليلة على المكثرين منه المداومين عليه، فهو يورث صاحبه راحة البال، وانشراح الصدر، وسكينة النفس، وطمأنينة القلب، والله يمتع صاحبه المتاع الحسن {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً} [هود:3].
قال الإمام الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان: "والظاهر أن المراد بالمتاع الحسن: سعة الرزق، ورغد العيش، والعافية في الدنيا".
وهو سبب لقوة الجسم، وصحة البدن، والسلامة من العاهات والآفات والأمراض {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ} [هود:52].
كما أنه سبيل لدفع الكوارث، والسلامة من الحوادث، والأمن من الفتن والمحن، ومانع وحافظ من نزول عذاب الله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال:33].
ومن أراد غيثا مدرارا، وذرية طيبة، وولدا صالحا، ورزقا واسعا، ومالا حلالا.. فليلزم الاستغفار كما قال نوح: {فقلت اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارا يرسل السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً} [نوح:10ـ12].
وقد سبق الحديث: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب».
وفي الاستغفار تكفير السيئات، وزيادة الحسنات، ورفع الدرجات: {وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ}[البقرة :58].
وفي الاستغفار استرضاء لرب الأرض والسموات، مع اعتراف بالذنب والتقصير في حق المنعم المتفضل.. فالمستغفر الصادق يستقبل ربه فكأنه يقول: يارب اني أخطأت وأسأت وأذنبت وقصرت في حقك، وتعديت حقوقك، وقد جئتك تائباً نادماً مستغفراً، فاصفح عني، وأعف عني، وسامحني، وأقل عثرتي، وأقل زلتي، وأمح خطيئتي، فليس لي رب غيرك، ولا إله سواك. فيجمع كل ما في سيد الاستغفار.. وسيأتي.
يقول الإمام ابن كثير في هذا المعنى: "من اتصف بصفة الاستغفار يسر الله عليه رزقه، وسهل عليه أمره، وحفظ عليه شأنه وقوته.. إن كان ضعيفا قوي، أو مريضا شفي، أو مبتلى عوفي، أو محتارا هدي.
القرآن يدعو للاستغفار:
ولعظيم فضل الاستغفار ومنفعته للعباد، جاء القرآن الكريم ليدل عباد الله ويدعوهم ويوجههم إليه ويؤزهم عليه، ويأمرهم بالمسارعة إليه والمسابقة فيه: {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:133] {سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الحديد:21] {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:31] {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات:11] {وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة:199].
وبيَّن سبحانه أن الاستغفار من صفات المتقين وسبب من أسباب دخول جنة النعيم.. فقال وهو أصدق القائلين: {وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 133، 135].
وفي الحديث القدسي: «ياعبادي إنكم تخطؤون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم» (رواه مسلم).. وفي الحديث القدسي الآخر في الصحيحين: «يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك».
الأنبياء والاستغفار:
والاستغفار هو ديدن النبيين والمرسلين، التزموه في أنفسهم، ودعوا إليه أقوامهم، ونصحوهم بالتزامه، وأمروهم بالإكثار منه، وبينوا لهم فضائله ومنافعه.
فأما التزامهم به في أنفسهم فكقول آدم وزوجته: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:23]. وقول نوح عليه السلام: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [نوح:28]. وقول موسى عليه السلام: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم} [القصص:16].
وأما أمرهم أقوامهم به فكثير جدا في القرآن الكريم:
فهذا نوح عليه السلام يقول لقومه: {استغفروا ربكم إنه كان غفارا. يرسل السماء عليكم مدرارا .... أنهارا} [نوح:10، 12] ).. وهود يقول:{اسْ تَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ} [هود:52].. وصالح أيضا يقول لقومه: {فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب} [هود:61] .. وكذا شعيب: {وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود:90].
رسولنا سيد المستغفرين:
وهذا رسول الله محمد خير البشر يخبر المسلمين بحاله ويقول: «وَاللَّهِ إِنِّي لاَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً» (رواه البخاري عن أبي هريرة). وفي حديث الْأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنِّي لَأسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ» (رواه مسلم).. فالاستغفار تأسٍ بسُنته صلوات ربي وسلامه عليه.
وقد أمرنا أيضا بلزوم الاستغفار والإكثار منه في كثير من أحاديثه:
ففي معجم الطبراني عن الزبير بن العوام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أحب أن تسره صحيفته، فليكثر فيها من الاستغفار» (صحيح الجامع).
أقوال السلف الصالحين:
قال الفضيل بن عياض: "لم أجد غذاء ولا دواء خيرا من الاستغفار".
وقال ابن رجب: "من عجز عن مشاركة المحبين بالجري معهم في ذلك المضمار، فلا أقل من مشاركة المذنبين في الاستغفار".
وقال بعض السلف: "من أدام الحمد تتابعت عليه الخيرات، ومن أدام الاستغفار فتحت له الأبواب المقفلة".
وقالوا: "لو علم أهل الحاجات ما في الاستغفار؛ لضج سكون الليل بالأسحار".
حقيقة الاستغفار
الاستغفار استفعال.. وهو طلب الغفران من الله باللسان مع التوبة بالقلب، إذ الاستغفار باللسان دون التوبة بالقلب غير نافع.. قال الإمام القرطبي رحمه الله: "قال علماؤنا: الاستغفار المطلوب هو الذي يحل عقد الإصرار، ويثبت معناه في الجنان، لا التلفظ باللسان. فأما من قال بلسانه: أستغفر الله، وقلبه مصر على معصيته، فاستغفاره ذلك يحتاج إلى استغفار، (القرطبي:4/110).
أوقات الاستغفار:
الاستغفار دعاء، ولذلك فهو مشروع في كل وقت، وخصوصا في مواطن مظنة القبول، وأماكن الرحمة، وكذا أوقات الإجابة التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال أهل العلم يجب عند فعل الذنوب، ويستحب بعد الأعمال الصالحة، كالاستغفار ثلاثًا بعد الصلاة، وعند الأذان وبين الأذان والإقامة، وعند الزحف، وفي السفر وإفطار الصائم وغيرها.
ومن أعظم أوقاته على الإطلاق ما كان في الأسحار، لأن الله تعالى أثنى على المستغفرين بالأسحار، كما قال تعالى: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران:17]. وقال أيضا في وصف المتقين: {وبالأسحار هم يستغفرون}.. ولأنه وقت التنزل الإلهي كما في الحديث الصحيح المتفق على صحته، قال صلى الله عليه وسلم: «يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له». وفي حديث عمرو بن عبسه في صحيح الترمذي، قال صلى الله عليه وسلم: «أقرَبُ ما يَكونُ الرَّبُّ منَ العبدِ في جوفِ اللَّيلِ الآخرِ، فإن استَطعتَ أن تَكونَ مِمَّن يذكرُ اللَّهَ في تلكَ السَّاعةِ فَكُن».
صيغ الاستغفار
أما صيغ الاستغفار فكل صيغة دعاء يفهم منها طلب المغفرة والمسامحة فهي مشروعة: كطلب العفو، وسؤال المغفرة، والدعاء بالصفح والتوبة، وأشباه ذلك.. لكن لا شك أن أكمل صيغ الاستغفار ما ورد عن النبي المختار صلى الله عليه وسلم.. وقد وردت عنه صلوات الله عليه وسلامه صيغ متعدده.. منها:
. (أستغفر الله.. أستغفر الله.. أستغفر الله).. كان يقولها ثلاثا دبر الصلوات.
. (رب اغفر لي)، وكان يقولها بين السجدتين في صلاته.
. وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ في رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي.. يَتَأَوَّلُ القُرْآن)(متفق عليه).
. وعن زيد مولى النبى صلى الله عليه وسلم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من قال أستغفر الله الذى لا إله إلا هو الحى القيوم وأتوب إليه.. غُفِر له وإن كان فر من الزحف» (صحيح أبي داود).
. ومنها أيضا ما ثبت في الصحيحين عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال (قل: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم» (متفق عليه).
. ومن صيغ الاستغفار كذلك ما جاء في صحيح مسلم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، أنَّهُ كانَ إذَا قَامَ إلى الصَّلَاةِ آخِرِ ما يقولُ بيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ، وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ، وَما أَسْرَفْتُ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ».
سيد الاستغفار:
وأما سيد الاستغفار على الإطلاق فهو ما رواه البخاري عن شداد بن أوس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ( «سَيِّدُ الِاسْتِغْفارِ أنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ..» قالَ: «ومَن قالَها مِنَ النَّهارِ مُوقِنًا بها، فَماتَ مِن يَومِهِ قَبْلَ أنْ يُمْسِيَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ، ومَن قالَها مِنَ اللَّيْلِ وهو مُوقِنٌ بها، فَماتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ».
فعليك أخي الحبيب بلزوم الاستغفار؛ فإنه دواؤك الناجع، وعلاجك الناجح، وميزانك الراجح، وهو البلسم الشافي، والدواء الكافي لكل مهموم مغموم، أو مكروب محزون، يذهب الله به جيوش الهموم، وسحب الغموم، ويريح به القلب المحزون.. فنستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ونتوب إليه.. اللهم اغفر لنا إنك كنت غفارا.