ما بين غذاء العقل والجسد
يُقال دائمًا: الجسد غذاؤه الطعام، والعقل غذاؤه العلم، قرأت بالأمس خبرين أراهما متلازمين:
يُقال دائمًا: الجسد غذاؤه الطعام، والعقل غذاؤه العلم، قرأت بالأمس خبرين أراهما متلازمين:
الأول: صدارة عدد من البلدان العربية في كمية الطعام المُهدر سنويًّا، وتصدرت إحدى بلاد العرب بحوالي ١٠ مليون طن من الطعام الصالح للاستخدام.
الثاني: حصول بعض بلداننا العربية على مراكز متأخرة للغاية في مؤشر جودة التعليم عالميًّا، واستبعاد خمس دول من التصنيف بالكلية، وتم تصنيف إحدى بلداننا العربية في المركز ١٣٩ من أصل ١٤٠ دولة عالميًّا!
لذلك يجب علينا نحن أمة الإسلام أن نعتني بغذاء العقل أكثر من غذاء الجسد، أو على الأقل أن نوازن بينهما، فلا يمكن مطلقًا أن يكون شعار الناس في كل مناسبة هو "الطعام ومشتقاته" ..
• فإن العرب إذا ثاروا قالوا: "عيش"، وإذا تعاهدوا قالوا: "عيش وملح"، وإذا خرج أحدهم ساعيًا على رزقه قالوا: "يسعى على أكل عيشه"، وإذا طُرد من عمله قالوا: "قُطع عيشه"!
• وإذا احتفلوا بمناسبة كان الطعام هو شعارهم، وإذا خرجوا في نزهة كانت عنايتهم الأولى بالأكل وتحضيره، وإذا أرادوا الترويح عن النفس تقابلوا في "مطعم"!
ولكن ضَعف مكانة الكتاب والعلم والتعليم بينهم تظهر في:
1- قِلة انتشار المكتبات العامة والخاصة، وقلة روادها.
2- زيادة مبيعات كتب الروايات لدرجة عالية للغاية مقارنة بالكتب العلمية أو المعرفية.
3- اعتبار العلم عند أكثر الناس وسيلةً لكسب المال، رغم أن الأصل أن المال وسيلة لخدمة العلم.
وتظهر أهمية الطعام عند الناس في:
1- في تجهيز البيوت تجد المطبخ أكثر ما يُكلف العروسين من مال، فتُشترى أطقم الأواني والأكواب والأطباق المتعددة حسب المناسبات ... إلخ، ولا يُعتنى بتجهيز مكتبة في البيت!
2- اعتبار كثرة الأكل دليلًا على الصحة عند أكثر الناس، رغم أن قلة الأكل وتوسطه مُعينة على الفهم السريع والذكاء وتحصيل العلم!
3- ارتفاع أجرة الطهاة وعمال المطاعم مقارنة برواتب وأجور المعلمين!!
لذلك يجب علينا إعادة وضع الأمور في نصابها الصحيح، حتى تستقيم دنيانا، وتنهض أمتنا، فنحن أمة "اقرأ"، و"اقرأ" هي أول كلمة نزلت في القرآن، ونحن مأمورون بطلب العلم؛ حيث قال رسول الله صلى الله عليه: «اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد»، وأظهر لنا مكانة طالب العلم حين قال: «إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع»، وحذَّرنا من ملء البطن بالطعام، فقال صلوات الله عليه وسلم: «ما ملأ ابن آدم وعاءً قطُّ شرًّا من بطنه».
فأين نحن من هذا كله؟!
- التصنيف: