معرفة الميت بزيارة الحي له ..!
ويعلموا حقيقة هذه الحياة، وأنه ما من محبوب إلا وهو مفارق لهذه الحياة الدنيا إلى دار أخرى، ومجاور جيرانا لم يرا مثلهم، والله المستعان.
قال ابن كثير -رحمه الله تعالى: "والسلف مجمعون على هذا، وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف بزيارة الحي له ويستبشر".
أتيت اليوم قبر أبي وأمي-- عليهما رحمة الله ورضوانه-- زائرا لهما، وكان معي أبنائي، وبناتي، وزوجتي، وإخوتي، وأبناءهم، داعين الله لهما، وسائلين المولى عز وجل المغفرة والرحمة، وأرفع الدرجات عنده جل جلاله لهما، وأن يتجاوز سبحانه وتعالى عنهما فيما قصرا فيه من حقه سبحانه وتعالى ، وما قصرا فيه من حق عباده أن يتحمله عنهما، وتذكرت هذه الوشائج والروابط التي كانت تربطني بهما، وأنهما سبب وجودي، وكل خير وسعادة وفضل إنما نلته في هذه الحياة الدنيا بعد توفيق الله عز وجل كان بفضل دعائهما، وبفضل تحفيزي للوصول إليه، وتذكرت حالهما وما صار إليه، وأنهما فارقاني إلي حياة برزخية، وقد انقطع عنهما العمل، وأن الدعاء يصلهما، ويرفع الله به درجاتهما، فأحببت أن أزيد لهما في الدعاء، وأنني وإخوتي إمتداد أثرهما، ولن يعدما مني، وإخوتي، دعاء يصل لهما، يرفع الله بهما درجاتهما بإذن الله.
وأخذنا معنا الأبناء ليعرفا مصير كل حي مهما بلغت محبته وأنه مفارقهم لا محالة، ولكي يصنع الأبناء معنا كما نصنع بأجدادهم ، ويجتهدوا في الدعاء لنا ، ويذكروا كم معروف صنعه جدهم وجدتهم معنا، وكم إحسان أسدياه لنا، ويعلموا حقيقة هذه الحياة، وأنه ما من محبوب إلا وهو مفارق لهذه الحياة الدنيا إلى دار أخرى، ومجاور جيرانا لم يرا مثلهم، والله المستعان.
فيا أيها الكرام لا تفتروا عن زيارة القبور ففيها العظة والاعتبار، وترقيق الطبع، ولين القلب، وفيها المؤانسة والاستبشار للأموات بقدوم الأحياء.
رحم الله آبائنا وأمهاتنا، وغفر لهما، ورضي عنهما، وعفا عنهما، وقبل منهما.
- التصنيف: