الموسيقى أحكام وإرشادات
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
الاستماع إليها محرم, جاء في فتوى اللجنة الدائمة رقم (18420): " الموسيقى, أو المعازف محرمة بجميع أنواعها, لا يستثني منها شيء
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فإن من مصايد الشيطان التي صاد بها قلوب بعض المسلمين: الاستماع إلى الموسيقى, أسأل الله الكريم الهداية لهم, وأن يمنَّ عليهم بالتوبة والإنابة إليه, وأن يحفظنا من كل سوء وبلاء وفتنة.
وبعد...فهذه بعض المسائل المختصرة عن موضوع الموسيقى, أسأل الله أن ينفع بها.
حكم الموسيقى:
الاستماع إليها محرم, جاء في فتوى اللجنة الدائمة رقم (18420): " الموسيقى, أو المعازف محرمة بجميع أنواعها, لا يستثني منها شيء, لما صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف).
وقال العلامة ابن باز رحمه الله: الموسيقى وغيرها من آلات اللهو كلها شر وبلاء, ولكنها مما يزين الشيطان التلذذ به, والدعوة إليه, حتي يشغل النفوس عن الحق بالباطل, وحتى يلهيها عما أحب الله إلى ما كره الله وحرّم, فالموسيقى, والعود, وسائر أنواع الملاهي, كلها منكر, ولا يجوز الاستماع إليها, وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحرّ والحرير والخمر والمعازف ) والحِر هو: الفرج الحرام, يعني الزنا, والمعازف هي: الأغاني وآلات الطرب
فلا ينخدع المسلم بما قد يسمعه من البعض: أن ذلك جائز, قال العلامة عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز رحمه الله: من زعم أن الله أباح الأغاني, وآلات الملاهي, فقد كذب وأتى منكراً عظيماً, نسأل الله العافية من طاعة الهوى والشيطان.
وقال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: " فقد ابتلينا بمن...ينتحل العلم, ويدعي التمكن في معرفة الشريعة وأدلتها, فيذهبون إلى إباحة هذا السماع الشيطاني, وينشرون فيه المقالات والرسائل, متعلقين بأدلة بعيدة عن مقاصدهم, معرضين عن الأدلة الصريحة في الحكم, وهو التحريم, ومعرضين عن آثار الملاهي والمعازف على النفوس, وما تتركه أو توقع فيه من المفاسد المحققة."
الذهاب إلى الأماكن التي يوجد بها أصوات الموسيقى:
من أراد الذهاب إلى تلك الأماكن فإن كان ذهابه لغير ضرورة, فليترك الذهاب إليها, سُئلت اللجنة الدائمة: خارج المملكة نذهب إلى السوق لنشتري بعض الهدايا للأهل, ولكن يوجد في السوق موسيقى غربية, ونساء كاسيات عاريات, فهل يجوز لنا دخول تلك الأسواق أم لا ؟ فأجابت اللجنة بالفتوى رقم (15562): لا يجوز الذهاب إلى الأسواق التي فيها منكرات وفتنة, إلا لمن يستطيع إنكارها, لما في ذلك من الخطر العظيم على دين المسلم, وشراء الهدايا ليس ضرورياً.
ومن رحمة الله بعباده أنه يوجد ما يُسمى بالتسوق عبر الإنترنت, فيمكن للمسلم أن يشترى ما يحتاج بدون الذهاب إلى تلك الأسواق, الذي يعرضه للبلاء والفتنة, ومن اضطر إلى الذهاب إلى تلك الأسواق فليحرص أن يغادرها بسرعة, وأن لا يطيل البقاء فيها, أما الأماكن الأخرى التي لا ضرورة ولا حاجة إلى الذهاب إليها فالأمر فيها واضح: يترك الإنسان الذهاب إليها
الرقص والموسيقى:
جاء في فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء رقم (7578): لا يجوز الرقص على صوت الموسيقى.
العلاج بالموسيقى:
هل تعتبر الموسيقى علاجاً لما يعانيه البعض من مشاكل وضغوط وأمراض ونحوها ؟ يقول سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز رحمه الله, المفتي العام للملكة العربية السعودية سابقاً: " الموسيقى ليست بعلاج, ولكنها داء, وهي من آلات الملاهي, فكلها مرض للقلوب وسبب لانحراف الأخلاق, وإنما العلاج النافع والمريح للنفوس إسماع المرضى القرآن, والمواعظ المفيدة والأحاديث النافعة, أما العلاج بالموسيقى وغيرها من الآت الطرب فهو مما يعودهم الباطل, ويزيدهم مرضاً إلى مرضهم, ويقلً عليهم سماع القرآن والسنة والمواعظ المفيدة, ولا حول ولا قوة إلا بالله."
سماع المسلم للموسيقي, ولو كان بفعل غيره يؤثر في قلبه:
لا ينبغي أن يتساهل المسلم بسماع الموسيقى بحجة أن غيره هو الذي قام بتشغيلها, لأن قلبه يتأثر بذلك, قال فضيلة الشيخ سعد بن ناصر الشثري: هنا مسألة ينبغي أن نتنبه إليها, وهي إباحة الشيء لا تعني عدم تأثيره على الإنسان فمثلاً صوت المعازف الذي يصل إلى سمع الإنسان بدون أن يكون من فعله فهذا لا يأثم بسماعه إذا لم يقدر على تغيره, ولكنه قد يؤثر على قلبه, ولذلك ورد في الحديث عن نافع, قال: سمع ابن عمر مزماراً, قال: فوضع إصبعيه على أُذنيه, ونأى عن الطريق, وقال لي: يا نافع هل تسمع شيئاً ؟ قال: فقلت: لا, قال: فرفع إصبعيه من أُذنيه, وقال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا, فصنع مثل هذا, مع أنه لا يؤاخذ لكونه لا يقدر على تغيره, وليس من فعله, لكنه خشي أن تتأثر نفسه بذلك, فإن سماع الباطل مؤثر, فهذا إذا كان مع النبي صلى الله عليه وسلم المؤيد بالوحي, فكيف الحال معنا.
من يستمع إلى الموسيقى لم يشكر الله عز وجل على نعمة السمع:
حاسة السمع التي يستمع بها المسلم إلى الموسيقى من أجل نعم الله عليه قال عز وجل(إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيراً) [الإنسان:2] فقدّم السمع على البصر لأهميته, وهذه النعمة العظيمة توجب للمسلم شكر الله عليها حتى تدوم, فعدم شكر النعمة قد يكون سبباً لزوالها, ومن شكرها استعمالها في طاعة الله وتجنب الاستماع بها إلى ما يغضب الله, ويجلب سخطه, قال الله عز وجل: ( وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ) [إبراهيم:7] قال العلامة السعدي رحمه الله: " والشكر هو: اعتراف القلب بنعم الله, والثناء على الله بها, وصرفها في مرضاة الله تعالى, وكفر النعمة ضد ذلك. ( ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ) ومن ذلك أن يزيل عنهم النعمة, التي أنعم بها عليهم."
فكن يا عبدالله على حذر من ذلك, فأنت في نعمة لا يعرف قيمتها إلا من فقدها, فحافظ عليها بترك معصية الله عز وجل بها.
العمل بمكان فيه موسيقي:
المسلم يحرص أن يكون اكتسابه للمال بالوسائل والطرق المشروعة, فالمال الحرام لا بركة فيه ولا نفع, ومن موانع استجابة الدعاء لذا ينبغي للمسلم أن يتجنب العمل في أي مكان ترتكب فيه أمور محرمة, ومن كان يعمل في مكان يرتكب فيه ما حرم الله, فلينصح مالكه, والمشرف عليه بتركه, فإن استجاب فالحمد لله, وإن لم يستجب فليترك هذا العمل, وسيرزقه الله من حيث لا يحتسب متى ما ترك ذلك العمل لله عز وجل, قال سبحانه: ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ) [الطلاق:2_3]
تجنيب الأبناء سماع وتعلم الموسيقى:
كل إنسان عاقل يحرص على تربية وتعليم أولاده ما ينفعهم في دنياهم وآخرتهم, فيحبب إليهم أمور الخير, ويجنبهم أمور الشر, ومن ذلك أن يبغض لهم الملاهي من موسيقى وغيرها كتب عمر بن عبدالعزيز إلى مؤدب ولده:" ليكن أول ما يعتقدون في أدبك بغض الملاهي, التي بدؤها من الشيطان, وعاقبتها سخط الرحمن جل جلاله."
كما أن العاقل يحرص على اختيار المدارس التي تعين أولاده على كل خير, وتبعدهم عن كل شر, فلا يجوز أن يدخلهم لرياض الأطفال تعلمهم الموسيقى فقد سئل العلامة العثيمين رحمه الله: عن حكم إدخال الأبناء رياض الأطفال التي تعلم الموسيقى والرقص؟ فأجاب: يأثم الإنسان إذا أدخل أولاده هذه الروضة لأن الرقص والموسيقى حرام فأنا أنصحهم, وأُحذرهم من إدخال أولادهم في هذه الرياض فإنهم إن فعلوا ذلك, فهم آثمون مُعينون على الإثم والعدوان, ويوشك ألا يبرهم أولادهم إذا كبروا وألا يدعوا لهم إذا ماتوا لأنهم عصوا الله عز وجل فيهم فيوشك أن يجعل الله هؤلاء يعصون الله في آبائهم كما عصى آباؤهم فيهم ويسلطون عليهم.
حفلات الأعراس التي فيها موسيقى:
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: الاحتفالات....إذا كان يقام فيها المنكر, كرقص النساء, والموسيقى, وما أشبهها, فلا يجوز الحضور.
وقال رحمه الله في موضع آخر: إذا كان فيه موسيقى أو طبول فلا بد من الإنكار أولاً, فإن أبوا فالواجب الخروج من المكان, ثم من الأحسن الخروج حتى من القصر....وإذا كانت المرأة تعلم أن هذا سيكون فلا تذهب أصلاً.
الموسيقى والغناء:
الاستماع إلى الغناء محرم كما ذكر ذلك أهل العلم, فإذا كان الاستماع إليه مع وجود الموسيقى معه, فهو أشد تحريماً, قال العلامة عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز, رحمه الله: الاستماع إلى الأغاني لا شك في حرمته, وما ذاك إلا لأنه يجر إلى معاص كثيرة, وإلى فتن متعددة, ويجرُّ إلى العشق, والوقوع في الزنا, والفواحش, واللواط, ويجرُّ إلى معاصٍ أخرى, كشرب المسكرات, ولعب القمار, وصحبة الأشرار, وربما أوقع في الشرك والكفر بالله, على حسب أحوال الغناء, واختلاف أنواعه.
وقال في موضع آخر: الغناء محرم عند جمهور أهل العلم, وإذا كان معه آلة لهو, كالموسيقى, والعود, والرباب, ونحو ذلك, حرم بإجماع المسلمين.
أجهزة الجوال والموسيقى:
مما ابتلي به البعض أن جعلوا النغمات الموسيقية في هواتف الجوال, بدلاً من الجرس العادي, وهذا أمر لا يجوز, جاء في فتوى اللجنة الدائمة رقم (20842): لا يجوز استعمال النغمات الموسيقية في الهواتف أو غيرها من الأجهزة, لأن استماع الآلات الموسيقية محرم كما دلت عليه الأدلة الشرعية ويستغنى عنها باستعمال الجرس العادي
الابتهالات الدينية المصحوبة بالموسيقى:
سُئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: ما حكم الابتهالات الدينية المصحوبة بالموسيقى؟ فأجابت بالفتوى رقم (6914): لا يجوز ذلك, لأن الموسيقى وحدها محرمة, وعمل الابتهالات مصحوبة بالموسيقى مهزلة, ومزج للعبادة باللهو, ولو قدر أن الابتهالات بدعية, كان ذلك أشد شراً, لجمعه بين اللهو والابتداع, كما أن في ذلك تشبهاً بعبادة الكفار.
المهرجانات والحفلات التي فيها موسيقى:
جاء في فتوى اللجنة الدائمة رقم (20856): يحرم على المسلم إقامة حفلات أو مهرجانات مشتملة على أمور منكرة, كالغناء والموسيقى, واختلاط النساء بالرجال, وإحضار السحرة والمشعوذين, للأدلة الشرعية الكثيرة الدالة على تحريم هذه الأمور, وأنها من أسباب الوقوع فيما حرم الله من الفواحش والفجور, وقد توعد الله عز وجل من أحب شيوع الفاحشة بين المؤمنين ودعا إلى ذلك, وأعان عليه بالعذاب الأليم, فقال سبحانه: ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ) [النور:19] وإذا تقرر أن إقامة هذه الحفلات والمهرجانات محرم, فحضورها وبذل الأموا فيها, وتشجيعها, والدعاية لها كل ذلك محرم أيضاً, لأنه من إضاعة المال والأوقات فيما لا يرضى الله سبحانه, ومن التعاون على الإثم والعدوان, والله يقول: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب} [المائدة:2] وفي الحديث المتفق على صحته, أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهي عن إضاعة المال.
أسباب تعين على ترك الاستماع إلى الموسيقى:
سماع الموسيقى تخدير للنفس, وتفتير لها عن العمل للنهوض إلى معالي الأمور وإضاعة للوقت دون فائدة وذريعة إلى الفساد بالتدرج, وفتنة للقلب, يستهويه إلى الشر, ويصرفه عن الخير, والقلب إذا تعود سماع الموسيقى, والتذ بها, حصل له نفور وثقل عن سماع القرآن, ولم يجد له حلاوة عند تلاوته أو سماعه, فعلى المسلم أن يجاهد نفسه في ترك الاستماع إلى الموسيقى, ومما يعنيه على ذلك أسباب, منها:
** الالتجاء إلى الله والتضرع بين يديه سبحانه وسؤاله التوفيق لتركها والبعد عنها.
** كثرة قراءة القرآن الكريم, وذكر الله عز وجل.
** كثرة الدعاء بقول: " اللهم حبب إلي الإيمان وزينه في قلبي, وكره إلي الكفر والفسوق والعصيان, واجعلني من الراشدين."
** المحافظة على الصلوات في أوقاتها, وأدائها بخشوع وخضوع لله تعالى, فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر, كما قال الله تعالى: { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} [العنكبوت:243] ( بتصرف يسير من فتوى اللجنة رقم [17737] )
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ