كيف يكون العلماء: العزّ بن عبد السلام نموذجا
هاني مراد
ومثلما حارب الصليبيين بيده في المنصورة، حيث أسر لويس التاسع، وحبس في دار ابن لقمان، فقد حارب التتار في موقعة عين جالوت، بعد أن أفتى بحرمة أخذ الضرائب
- التصنيفات: تراجم العلماء -
اشتهر باسم "سلطان العلماء"، و"بائع الأمراء"، وكانت له مواقف مشهودة، لم يجرؤ عليها غيره، فضرب أروع الأمثال في جرأة العلماء في كلمة الحق.
فعندما تحالف الملك الصالح إسماعيل مع الصليبيين، وتنازل لهم عن بيت المقدس وعسقلان وطبرية، ووعدهم بالتنازل عن جزء من مصر، مقابل مساعدتهم له في محاربة أخيه نجم الدين أيوب، هاجم الشيخ الملك الصالح، وأفتى بحرمة ذلك التحالف، وحرمة التنازل للصليبيين عن أراضي المسلمين، وحرمة بيع السلاح لهم. فاعتُقل الشيخ، ثم أفرج عنه، وطُلب إليه أن يقبّل يد الملك الصالح، حتى يعفو عنه، فقال: "والله ما أرضى أن يقبل يدي، فضلا عن أقبل يده. يا قوم أنتم في واد، وأنا في واد!" وعندما هُدد باعتقاله مرة أخرى، قال: "افعلوا ما بدا لكم."
وعندما طلب بيع أمراء المماليك الذين كانوا يعملون كجنود للسلطان نجم الدين أيوب، سخطوا عليه، وهمّوا بقتله، وتوجهوا إلى بيته، فخاف ابنه عليه، فقال لابنه: "يا ولدي، أبوك أقل من أن يُقتل في سبيل الله."
وعندما غضب السلطان نجم الدين أيوب من هذه الفتوى، استقال الشيخ من القضاء، وقرر العودة إلى الشام، لكن السلطان خشي من سخط الناس عليه، فأعاده إلى منصبه، واضطر إلى النزول على فتواه.
وعندما حضر احتفال العيد مع السلطان نجم الدين أيوب في القلعة، توجه للسلطان بقوله: "يا أيوب، ما حجتك عند الله إذا أبحت الخمور؟ فقال السلطان: كيف ذلك؟ فقال الشيخ: المكان الفلاني تباع فيه الخمور. فأمر السلطان بغلق المكان على الفور. فسأله أحد تلاميذه: "ألم تخف السلطان، وأنت تخاطبه بهذه اللهجة؟" فقال: "استحضرت هيبة الله، فأصبح السلطان أمامي مثل القط."
ومثلما حارب الصليبيين بيده في المنصورة، حيث أسر لويس التاسع، وحبس في دار ابن لقمان، فقد حارب التتار في موقعة عين جالوت، بعد أن أفتى بحرمة أخذ الضرائب، حتى تؤخذ كل أموال السلطان والأمراء، وحتى لا يملك الجنود والأمراء شيئا سوى سلاحهم، مثل عامة الشعب، فانتصر المسلمون، بشعار "وإسلاماه"، واستحق العز بن عبد السلام لقب "سلطان العلماء".