الأمة بين أمس واليوم
وقد يقول بعضنا: إن هذا التردي الحاضر، ليس الأول، حيث رأينا مثله؛ في عصور التتار والصليبيين، وعصور الانحسار الحضاري والاحتلال العسكري.
قد يتساءل بعضنا: لماذا كانت أمتنا عزيزة منتصرة في الماضي، وهي على هذه الحال من الانهزام في الحاضر؟
وقد يقول بعضنا: إن هذا التردي الحاضر، ليس الأول، حيث رأينا مثله؛ في عصور التتار والصليبيين، وعصور الانحسار الحضاري والاحتلال العسكري.
لكن مع أنّ التردي الحاضر مسبوق، إلا أنه أخطر وأبعد من كل تردٍ سبقه. فتردي هذه الأمة، قد جاوز مئات السنين، حيث كانت هذه الأمة في الماضي، تعاني من الانكسار بضع سنوات أو عقود، لكنها ما تلبث أن تسترد عافيتها.
كما بلغ هذا التردي في شموله ما لم يبلغه من قبل، حيث كان في الماضي يصيب جزءا من هذه الأمة، لكن تصحو أجزاء في يقظة وعنفوان كاملين.
وخطر هذا التردي ليس في هزيمة أو تخلف علمي أو أخلاقي فقط. لكنّ خطره الأكبر في أسباب غير مسبوقة.
وأول هذه الأسباب: أن هذا التردي قد طال التصورات والمفاهيم والقناعات البدهية، فضلا عن الأخلاق والسلوك. فمع ضعف المسلمين في الماضي، إلا أنهم كانوا دائما على قناعة بدهية بأن سبب ضعفهم هو بعدهم عن دينهم. وكانوا ينتصرون في كل مرة يعودون فيها إلى دينهم، ويتمسكون به. أما الآن، فقد خفتت هذه القناعات، بل ساد عكسها!
وسبب آخر غير مسبوق: أن الفساد لم يعد قاصرا على فئة، بل أصبح قوتا وغذاء لفئات كاملة، وأصبح طبيعة حياة، وأكبر مؤسسة؛ فانتشر بين المسؤولين والعاملين والزملاء، وبين الجيران والأقرباء، وتغلغل في النفوس والأرواح، حتى أصبح سوء السلوك هو القاعدة، وحسنه هو الشاذ.
فتصحيح التصور والسلوك، خطوة أولى على الطريق.
- التصنيف: