أقوال السلف في اللهو والملاهي
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
يا بائع الدين بالدنيا وباطلــــــــــها ترضى لدينك شيئاً ليس يسواه
حتى متى أنت في لهو وفي لعب والموت نحوك يهوى فاغـــــراً فاه
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فالسعيد من وفقه الله عز وجل فمنع نفسه ما تهوى من اللهو والملاهي, قال الإمام الآجري رحمه الله: في الناس قوم نزهوا أنفسهم عن استماع ما لها فيه اللذة من كثير من الملاهي, فالعاقل من الناس لا يبلغُ نفسه ما تهوى, بل يمنعها من ذلك, سمع الله عز وجل قال: {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى} [النازعات:40] ففقه عن الله عز وجل هذا الخطاب فزجر نفسه عن هواها بتوفيق من الله الكريم له.
نعم الله عز وجل على عباده كثيرة, لا تعد ولا تحصى, ومن تلك النعم: الفراغ, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ» [أخرجه البخاري] قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: " من استعمل فراغه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط وأشار بقوله ( كثير من الناس) إلى أن الذي يوفق لذلك قليل."
فالكثير من الناس يقضون غالب أوقات فراغهم في الملاهي, التي تلهي القلب عن طاعة الله من ملاهي مسموعة ومرئية ومقروءة, داخل منازلهم وخارجها, فهل من مستيقظ قبل الحسرة والندامة يقول الإمام ابن الجوزي رحمه الله: يا راقداً في نوم الغفلة مشغولاً بأحلام الأمل أنت تجود بالعمر في اللهو جود حاتم...وتعد بالتوبة وعد عرقوب والزمان يأكل أكل السوس وكأنك بالموت أسرع من طرف, يحملك إلى القبر...فتندم على التفريط,....ويحك أنت في القبر محصور إلى أن ينفخ في الصور, ثم حزين أو مسرور, فما هذا اللهو والغرور الحازم من تزود لما به قبل أن يصير لمآبه.
سلف الأمة لهم أقوال في اللهو والملاهي, وهذه بعضها, أسأل الله أن ينفع الجميع بها
- تأديب الأبناء على بغض الملاهي:
كتب عمر بن عبدالعزيز إلى مؤدب ولده: ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان, وعاقبتها سخط الرحمن.
- همة الأحمق في اللهو والطرب:
قال محمد بن السماك: همة العاقل في النجاة والهرب, وهمة الأحمق في اللهو والطرب
- اللهو من أسباب حجب القلوب عن الله:
قيل لإبراهيم بن أدهم: يا أبا إسحاق لِمَ حجبت القلوب عن الله ؟ قال: لأنها أحبت ما أبغض الله, أحبت الدنيا ومالت إلى دار الغرور واللهو واللعب, وتركت العمل لدار فيها حياة الأبد في نعيم لا يزول ولا ينفذ, خالداً مخلداً في ملك سرمد, لا نفاد له ولا انقطاع.
- تلذذ أهل الطاعة في ليلهم ألذّ من أهل اللهو بلهوهم:
قال أبو سليمان الداراني: لأهل الطاعة في ليلهم ألذ من أهل اللهو بلهوهم, ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا.
- اللهو يقوي العشق:
قال الحافظ ابن الجوزي: العشق.... سماع الغناء واللهو يقويه.
- تربية الأبناء على البعد عن مجالس اللهو:
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: كذلك يجب أن يجنب الصبيُّ إذا عقل مجالس اللهو والباطل، والغناء وسماع الفحش والبدع ومنطق السُّوء؛ فإنه إذا علق بسمعه عسر عليه مفارقته في الكبر.
النفوس المشغولة باللهو تعذب في البرزخ:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ينعم المؤمن في البرزخ على حسب أعماله ويُعذب الفاجر فيه على حسب أعماله ويختص كل عضو بعذاب يليق بجناية ذلك العضو ...وتُسلط الهموم والغموم والأحزان والآلام النفسانية على النفوس البطالة التي كانت مشغولة باللهو واللعب والبطالة، فتصنع الآلام في نفوسهم كما يصنع الهوام والديدان في لحومهم، حتى يأذن الله سبحانه بانقضاء أجل العالم وطيِّ الدنيا.
- اللهو من أسباب تسلط العدو والابتلاء بالقحط والجدب:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: والذي شاهدناه نحن وغيرنا وعرفناه بالتجارب أنه ما ظهرت المعازف وآلات اللهو في قوم وفشت فيهم واشتغلوا بها إلا سُلط عليهم العدو, وبُلُوا بالقحط والجدب وولاة السوء, والعاقل يتأمل أحوال العالم وينظر.
- الآت اللهو من مكايد الشيطان:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الغناء والسماع الشيطاني وآلات اللهو إنما نصبها الشيطان مضادةً لأمر الله ومعارضةً لما شرعه لعباده, وجعله سببَ صلاح قلوبهم وأديناهم, واستخف الشيطان وحزبه وحسن لهم ذلك, فأطاعوه, وزينه لهم فاتبعوه.
- أكثر الناس مشتغلون باللهو:
قال العلامة عبدالرحمن السعدي رحمه الله: أكثر الخلق منحرفون عن شكر المنعم, مشتغلون باللهو واللعب, قد رضوا لأنفسهم بأسافل الأمر, وسفساف الأخلاق.
- تذكير النفس إذا رغبت في اللهو بما عند الله من الخيرات:
قال السعدي: ينبغي للعبد المقبل على عبادة الله, وقت دواعي النفس لحضور اللهو, والتجارات والشهوات أن يذكرها بما عند الله من الخيرات, وما لمؤثر رضاه على هواه
اللهو والهموم والغموم:
قال العلامة العثيمين أشدُّ الناس همًّا وغمًّا وإثمًا مَنْ يُنفقون أموالهم في اللهو والمحرَّمات
- اللهو يصد القلب عن ذكر الله عز وجل:
قال العلامة العثيمين رحمه الله: القلب إذا انشغل باللهو فسد وصُدَّ عن الله عز وجل، وعن الإقبال عليه، وصُدَّ عن ذكر الله عز وجل.
- اللهو الجائز:
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: اللهو ينقسم إلى. لهو باطل – أي: لا نفع فيه ولا خير – لكنه يروح عن النفس, فهذا جائز, لكن بشرط ألا يتضمن مُحرماً أو ترك واجب, مثل: المسابقة على الأقدام والمصارعة, واللعب بالكرة بالقدم, وما أشبه ذلك من الأشياء التي فيها مصلحة, وفيها إجمام للنفس, ولا تُلهي كثيراً, فإن ألهت عن واجبات صارت حراماً, كما لو عكف أصحابها عليها في وقت الصلاة, وتركوا بذلك واجب الصلاة مع الجماعة أو في الوقت أو أضاعوا صلة الرحم أو بر الوالدين وكذلك لو أوقعت في مُحرم, بأن كانت سبباً للسبِّ والشتم والعداوة.
- سماع الملاهي يقوى الأحوال الشيطانية:
قال ابن تيمية رحمه الله: من أعظم ما يقوي الأحوال الشيطانية: سماع الغناء والملاهي
- سماع الملاهي ينفر من سماع القرآن وقلة الانتفاع بسماعه:
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: يوجب...سماع الملاهي: النفرة عن سماع القرآن, كما أشار إليه الشافعي رحمه الله, وعدم حضور القلب عند سماعه, وقلة الانتفاع بسماعه, ويوجب قلة التعظيم لحرمات الله, فلا يكاد المدمن لسماع الملاهي يشتد غضبه لمحارم الله تعالى إذا انتهكت....ومفاسد الغناء كثيرة جداً.
قرب الشياطين من البيوت التي توجد بها الملاهي:
قال العلامة عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز رحمه الله: كلما كان أهل البيت أكثر قراءةً للقرآن وأكثر مذاكرةً للأحاديث وأكثر ذكراً لله وتسبيحاً وتهليلاً, كان أسلم من الشياطين وأبعد منها, وكلما كان البيت مملوءاً بالغفلة, وأسبابها من الأغاني والملاهي والقيل والقال, كان أقرب إلى وجود الشياطين المشجعة على الباطل.
- فشو الملاهي من أعظم أسباب زوال النعم:
قال العلامة عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز رحمه الله: قد علم كل ذي بصيرة وعلم بأحوال الناس أن فشو الغناء والملاهي في المجتمع من أعظم الأسباب لزوال النعم وحلول النقم وخراب الدولة وزوال الملك وكثرة الفوضى والتباس الأمور, فالجد الجد والبدار البدار قبل أن يحل بنا من أمر الله ما لا طاقة لنا به, وقبل أن تنزل بنا فتنة لا تصيب الذين ظلموا منا خاصة, بل تعم الصالح والطالح ويهلك بها الحرث والنسل, ولا حول ولا قوة إلا بالله.
- الملاهي مرض يعقبها الحزن والبلاء والشر:
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: المادِّيُّون يُدخِلون السرور على المريض بالموسيقا, والملاهي، ولكنها واللهِ هي المرض؛ لأنه يَعقُبُها الحُزْنُ, والبلاءُ, والشرُّ.
- وجود الملاهي بالبيت من أسباب عدم تأثير الرقية على المريض:
قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: الرقية....قد يكون السبب في عدم التأثير كون المريض من أهل المعاصي والفساد, إما بامتلاء منزله من الملاهي وآلات الغناء وإما بما يقترفه من الذنوب ويتركه من الواجبات.
حفظ الراقي لنفسه وأهله من الملاهي من أسباب النفع برقيته:
قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: متى كان الراقي حافظاً لكتاب الله وما تيسر من السنة النبوية, ومشتغلاً بتلاوة القرآن وتدبره, وكان محافظاً على العبادات, مبتعداً عن المعاصي والمكروهات, يتقرب إلى الله تعالى بعد الفرائض بالنوافل, ويتزود من الحسنات, ويحفظ نفسه وأهله ومنزله من الملاهي والأغاني وأسباب الفساد, وكان سليم الاعتقاد, بعيداً عن البدع والمحدثات, فإنه بإذن الله يكون لرقيته الأثر الظاهر في شفاء المريض.
- إلى متى اللهو؟!
يقول أبو العتاهية رحمه الله:
يا بائع الدين بالدنيا وباطلــــــــــها ترضى لدينك شيئاً ليس يسواه
حتى متى أنت في لهو وفي لعب والموت نحوك يهوى فاغـــــراً فاه
نلهو وللموت ممسانا ومصبحنا من لم يصبحه وجه المـوت مساه
نسأل الله الكريم أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان, وأن يوفقهم للعمل الجاد المثمر, وأن يجنبهم ما يلهيهم عن عبادته وطاعته.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ