مختارات من كتاب: المداخل إلى آثار شيخ الإسلام للعلامة بكر أبو زيد

منذ 2021-11-14

فمسكين من يتطلع إليها ويقول أنا لها ومغبون والله من دقع ثمنها مُقدماً بالتنازل عن شيء من دينه والملاينة على حساب علمه ويقينه وكل امرئ حسيب نفسه[28]

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فمن مصنفات العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد, رحمه الله, كتاب: " المداخل إلى آثار شيخ الإسلام ابن تيمية"  وقد يسر الله الكريم لي فقرأت الكتاب, واخترت بعضاً مما ذكره الشيخ, أسأل الله أن ينفع بها.    

أسباب قوة شيخ الإسلام ابن تيمية:

من نظر في ترجمة شيخ الإسلام رحمه الله تعالى, وجد أن الله سبحانه قد منحه أسباب القوة التي تُبنى عليها قُبةُ النصر, وهي:

الثبات واللهج بذكر الله تعالى وطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم, والاتفاق مع أنصار الإسلام والسنة والصبر, وقد قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون * وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين}[الأنفال45,46][20

الزهد في المناصب والولايات:

من أعظم أسباب الفوز والنصر الزهد في المناصب والولايات, والكف عن زخرفها, وكما كان شيخ الإسلام كذلك, فقد كان أئمة الإسلام على هذه الجادة منهم الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ولهذا قيل في ترجمته أتته الدنيا فأباها, والولايات فقلاها

فمسكين من يتطلع إليها ويقول أنا لها ومغبون والله من دقع ثمنها مُقدماً بالتنازل عن شيء من دينه والملاينة على حساب علمه ويقينه وكل امرئ حسيب نفسه[28]

العصامية لا العظامية:

إن الفتى من يقـــــــول ها أنذا         ليس الفتى من يقول كان أبي

فسحقاً لعشاق العصبية _ الطبقية _ الذين يتغنون بأمجاد أسلافهم وقد تسفلوا, ويستعلون على الناس بأهليهم وأذوائهم وقد تقذروا, ليُقال لهم: نعم الآباء, ولكن بئس ما خلفوا, وإن افتخار المرء بوصف أبيه, مثل افتخار الكوسج بلحية أخية, أما من جمع بين الحسنيين, وفاز بالفضلتين, فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.[ص:28]

السجنة الثانية لشيخ الإسلام أسبابها وآثارها:

السجنة الثانية: في القاهرة لمدة عام وستة شهور...ومعه أخواه الشرف عبدالله والزين عبدالرحمن,...وهي بسبب مسألة العرش ومسألة الكلام ومسألة النزول, وفيها من المواقف البطولية, والصدق في ذات الله ما يملأ النفس بالإيمان والجد في العمل.

وكان مما جرى فيها أن أخاه الشرف, ابتهل, ودعا عليهم في حال خروجهم, فمنعه الشيخ وقال له: بل قال: " اللهم هب لهم نوراً يهتدون به إلى الحق."

فلله ما أعظمه من أدب جمّ, وما أعظمه من خُلُق رفيع, وهضمٍ للنفس, وبحث عن الحق, وإن هذه _ وأيم الله _ فائدة تساوي رحلة, وأين هذه من حالنا, إذا نيل من واحد منا عضب وسخِط, وجلب أنواع الدعاء على عدوه, فاللهم اجعل لنا ولمن آذاناً فيك نوراً نهتدي به إلى الحق.[ص:34]  

التجديد: قفو الأثر, واتباع السنن:

من حياة هذا الإمام التجديدية, ودعوته الإصلاحية, تعرف معنى التجديد, وأنه قفو الأثر, وإحياء السنن, والتوجه مع الدليل, وإصلاح ما رثّ من حال اللأمة بالعودة بها إلى الكتاب والسنة, ولهذا صارت دعوته, ومؤلفاته مناراً لأهل الإسلام.

ومن هنا نعرف زيوف الدعوات التجديدية المعاصرة من بعض من شابتهم لوثة في الفكر والاعتقاد. الدعوة إلى التجديد في الفقه, والتجديد في الأصول, والتجديد في موازين قبول السنة, وهكذا من دعوات تهدم الدين, وتضر بالمسلمين.[ص:38]

طريق الإصلاح شاق وطويل:

طريق الإصلاح شاق وطويل, ومحفوف بالمخاطر والأذايا, والمكاره, فلا بد للداعي من الصبر والتحمل, ولكن ليس معنى هذا أن يشحن امرؤ نفسه بالمشاقة, وليس له رصيد من علم, ولا حصانة من إخلاص, ولا لسان صدق في الأمة, ثم يقول: لي قدوة بشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى !! فإن هذا من التعرض للبلاء بما لا يطاق, وله من المردودات السالبة على مسيرة الدعوة والعلم ما لا يخفى, والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.[ص:37]

مقتطفات من سيرته:

**من مظاهر قوته...قوته في تفجير دلالات النصوص, وشق الأنهار منها, واستخراج كنوزها, وهذه وحدها تعطى طالب العلم دفعة إلى إدامة النظر في كتبه وقراءتها مرة بعد أخرى[23]

** البذاذة من الإيمان, والاقتصاد في أُمور المعاش من وظائف أهل الإسلام, وهكذا كان شيخ الإسلام رحمه الله تعالى مجتنباً التَّرفُّه في المعاش, وتطلب الملاذ, فما أحلاه من أدب.[ص:28]

** لا تكاد نفسه تشبع من العلم, ولا تروى من المطالعة, ولا تمل من الاشتغال به, ولا تكل من البحث فيه.[ص:29]

** كتب "العقيدة الواسطية" وهو قاعد بعد العصر وكتب كتاب: السياسية الشرعية" في ليلة واحدة, وأملى الحموية بين الظهرين.[ص:70]

كان يكتب جُلّ مؤلفاته من حفظه....وكانت مؤلفاته في غاية الإبداع, وقوة الحجة, وحسن التصنيف والترتيب, غير مشوبة بكدرٍ بل خالصة من الشَّبه والشُّبه[24]

فوائد مختصرة:

** قال الباجي رحمه الله تعالى, في وصيته لولديه: " العلم ولاية لا يعزل صاحبها, ولا يعرى من جمالها لابسها.[ص:19]  

** حب العلم وإشغال القلب والبدن بالمال وجمعه وتنميته, والمكاثرة فيه لا يجتمعان, فكلما منحت هذا من جهدك ووقتك ضاع من ذاك, فلنبكِ على حالنا.[ص:30]

** المُحتسب إذا نصح بأمر, فلم يقبل منه, وناله في سبيله بعض الأذى فليتحمل ذلك بنفس رضية, ولن يخلو قيامه بالحق من أثر بإحسان.[ص:33]

                 كتبه/ فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

  • 3
  • 0
  • 966

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً