السعار المتوحش على الإسلام وأهله
تعددت الجهات واختلفت الوسائل والأنماط والأشكال التي تحارب دين الله – عز وجل- على مختلف العصور، وبقى الإسلام شامخاً لا يعبأ بهذا الزحف المارد الذي يحاول اقتلاع الإسلام من قلوب المسلمين.
تعددت الجهات واختلفت الوسائل والأنماط والأشكال التي تحارب دين الله – عز وجل- على مختلف العصور، وبقى الإسلام شامخاً لا يعبأ بهذا الزحف المارد الذي يحاول اقتلاع الإسلام من قلوب المسلمين.
وأحيانا تكون محاربة الإسلام تحمل لونا من الاستفزاز، أو لونا من المصارحة في الحرب، والوسائل تتنوع حسب قدرة العدو وضعف المعتدى عليه، ولم نر اليوم معتدى عليه اعتداءً صريحاً إلا المسلمين، لأن المسلمين أنفسهم في حالة وهن شديد، مما جرأ الأكلة عليهم، كل ينهش في القصعة، كما أخبر بذلك المعصوم صلى الله عليه وسلم: «يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة إلى قصعتها قيل : يا رسول الله ! فمن قلة يومئذ ؟ قال : لا و لكنكم غثاء كغثاء السيل يجعل الوهن في قلوبكم و ينزع الرعب من قلوب عدوكم لحبكم الدنيا و كراهيتكم الموت» (صحيح الجامع حديث رقم : 8183 ، قال الشيخ الألباني : (صحيح).
إن حالة السعار المتوحش من قبل العدو لأمرين:
الأمر الأول: الخوف من الإسلام، لا لأنه إرهابي كما تردد بعض الأفواه فهم مثل الذي ينعق بما لا يسمع، وهم بكم عمىٌ لا يعقلون، كما أخبر بذلك رب العالمين: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [البقرة: 171].
إن كلمة الإسلام وحدها تحدث لهم قلقاً وخوفاً بل ورعباً، لذا كان الرعب يسيطر على قلوبهم مسيرة شهر من قائد هذه الأمة محمد صلى الله عليه وسلم لأنه يمثل الإسلام، يمثل العقيدة، يمثل الحق الذي يدمغ الباطل ويزلزله.
إن الباطل لا يحب أن يرى الحق أمامه أو أن يسمع صوته، لأن الحق- وهو الإسلام- يكشف زيف اعتقادهم وخلل بنائهم وعور أخلاقهم، من أجل ذلك كانت الحرب الضروس تكشر عن أنيابها ضد الإسلام، وضد القرآن، وضد صاحب الرسالة حتى أمدت الآيادى إلى شعائر الإسلام، فراحت سويسرا -وغيرها من بعض الغربيين- يقلقها حتى إظهار الشعائر الإسلامية، وهذا الأمر لابد أن يأخذ المسلمون منه العبرة والعظة، ليعلموا عظمة هذا الدين وقوته التي تدك حصون القياصرة والكياسرة.
ماذا فعلت لهم المآذن التي من خلالها عرف العالم كله الحضارة والنور؟! من خلالها نادى المنادون لإقامة العدل، أهي خير أم الموائد التي ينادى من خلالها إلى إراقة الدماء وتقتيل الأبرياء وسفك دم الأطهار، وانتهاك أعراضهم وإذلالهم؟! أهي خير أم تلك المآذن التي تنادى بحقوق الحيوان وتنسى حقوق الإنسان؟! يحافظون على روح الكلب، ويقيمون له أعياد الميلاد، في وقت تقبر الأطفال في بطون أمهاتهم، ماتوا قبل أن يروا الحياة، بكت عليهم أمهاتهم وهم في عالم الغيب أهي خير أم بوذا الذي قامت الدنيا بسببه ولم تقعد؟! والكل في كل مكان ومن كل منبر نادى على حقوق الحريات، حقوق الحريات في وثن يعبد من دون الله، ولا حقوق ولا حرية للمسلمين الذين يعبدون رب السموات والأرض ورب بوذا وسويسرا، رب العالمين!!
لماذا لم تمنعوا من يعظم البقرة ؟!
لم يعترض أحد من المنبطحين عليهم، في وقت عارضوا شعائر ديننا وكل ذلك لأن الإسلام يقلقهم.
الأمر الثانى: الذى شجع هؤلاء على التعدى على شعائر ديننا هو ضعف المسلمين، فقد رأوا انهزام المسلمين داخليا، يعتدى على القرآن، ويقال عنه: "إنه نص أدبى"!! وأنه مملوء بالتناقضات، وأنه فيه تحريف {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًاْ} [الكهف : 5].
واعتدوا على الرسول صلى الله عليه وسلم عن طريق الرسومات المسيئة التي تعبر عمن رسمها، فهي أيادي نجسة لا تكتب ولا ترسم إلا النجاسات، واعتدوا على السنة وعلى أحاديث رسول الله ؛ وعلى أئمة الحديث هذا الذي جرأ غيرنا علينا، لأننا أنفسنا- إلا من رحم الله- تعدينا على شرع الله وحكمه وأوامره، فأصبح العدو لا يعبأ بنا ولا يقيم لنا وزنا.
إن مجرد الاعتداء على ركن واحد من أركان الإسلام قامت الدنيا من أجله ولم تقعد وجيش الصديق رضي الله عنه الجيوش وكانت الدنيا كلها في حالة طوارئ، مما جعل الأعداء يركعون.
هل ينتظر المسلمون من يعيد لهم كرامتهم وعزهم؟ هل ينتظرون نصراً وعزاً وتمكينا للإسلام والمسلمين دون أن ننصر الإسلام في نفوسنا وواقعن.
إن زمن المعجزات قد انتهى، وإن السماء لم تمطر حجارة من سجيل كما أمطرت على جيش أبرهة بدون فتح هذه السماء واستلهام النصر بالجهد والاجتهاد والرجوع إلى الله عز وجل، إن الله عندما هزم جيش أبرهة، وقال عبد المطلب: إن للبيت رباً يحميه، لأن هذه هي الوسيلة الوحيدة التي كان يمتلكها عبد المطلب، أما نحن فنملك وسائل كثيرة تتمثل في قوله تعالي: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال : 60] إن هذه الآية ترد على كل من يحاول أن يتنصل من المسئولية، ويقول الله سينصر دينه دون أن ينصر هو دين الله {وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} [محمد: 4].
وإعداد القوة لا يعنى إنه السلاح فقط، بل هناك معنى أوسع لهذه القوى تتمثل في الآتى:
1- إن المقاطعة العقدية والفكرية والثقافية للأفكار المخالفة للإسلام بحيث تتطهر بلادنا من الأفكار السلبية والمتخاذلة والمشككة في ديننا وقيمنا الحضارية مقاطعة الخذي والعار والرضا بالحالة التي نحن فيها، حيث يردد كثير منا ليس في الإمكان أحسن مما كان، ويا أخي من أنت حتى تصلح الكون، ونسي هؤلاء المنهزمون أنا الهدهد أصلح في كون الله تبارك وتعالى وكذلك النملة أصلحت في كون الله، وكذلك الكلب أصلح في كون الله وأصبح له شأن، وسجل اسمه في التاريخ وذكر في كتاب الله، وذلك بحراسته للفتية المؤمنة الموحدة لله عز وجل، يا أخي لا تستهن بنفسك فأنت تحمل أعظم رسالة، كتب الله لها الخلود إلى يوم القيامة.
2- أن نقاطع منتجات الأعداء الذين يعتدون على ديننا أو على إخواننا المسلمين أو على شعائرنا الإسلامية، فإن سلاح المقاطعة لابد أن يفعل في كل وقت ولا سيما في وقت الأزمات، وهذا أقل من نقدمه لدين ربنا.
3- أن ندعو إلى ديننا بسلوكنا، وبصياغتنا للحياة على النمط الإسلامي الذي تنتظره البشرية.
4- الدعوة إلى الإسلام بالكلمة، وبالحكمة وبكل أساليب التأثير العصري من خلال الأشكال المختلفة للتعبير والوسائل المتباينة للإعلام.
_____________________________________________
الكاتب: د. خالد راتب
- التصنيف: