مختارات من كتاب: تصنيف الناس بين الظن واليقين للعلامة بكر أبو زيد
من ألأم المسالك ما تسرب إلى بعض ديار الإسلام من بلاد الكفر, من نصب مشانق التجريح للشخص الذي يراد تحطيمه, والإحباط بما يُلوث وجه كرامته.
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فمن مصنفات العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد, رحمه الله, كتاب: " تصنيف الناس بين الظن واليقين " وقد يسر الله الكريم لي فقرأت الكتاب, واخترت بعضاً مما ذكره الشيخ, أسأل الله أن ينفع بها.
فضل العلماء لتعليمهم الناس الخير, ووجوب الذب عن حرماتهم:
العلماء...لما لهم على العامة والخاصة من فضل في تعليم الناس الخير, ونشر السنن, وإماتة الأهواء والبدع, فهم قد أُوتوا الحكمة يقضون بها, ويُعلمونها الناس, ولم يتخلفوا في كهوف " القعدة " الذين صرفوا وجوههم عن آلام أمتهم, وقالوا: هذا مغتسل بارد وشراب. بل نزلوا ميدان الكفاح, وساحة التبصير بالدين. لهذا كله صار من الواجب على إخوانهم الذبُّ عن حرماتهم وأعراضهم بكلمات تجلو صدأ ما ألصقه "المنشقون" بهم من الثرثرة, وتكتم صدى صياحهم في وجه الحق.[ص:6_7]
" ظاهرة التجريح ", " ومنح الامتياز ":
من ألأم المسالك ما تسرب إلى بعض ديار الإسلام من بلاد الكفر, من نصب مشانق التجريح للشخص الذي يراد تحطيمه, والإحباط بما يُلوث وجه كرامته.
ويجرس ذلك بواسطة سفيه يسافه عن غيره, متلاعب بدينه, قاعد مزجر الكلب النابح, سافل في خلقه, ممسوخ الخاطر, صفيق الوجه, مغبون في أدبه, وخلقه, ودينه.
وإذا كانت هذه شناعات في مقام التجريح, فيقابلها على ألسنة شقيةٍ: مقام الإطراء الكاذب, برفع أناس فوق منزلتهم, وتعديل المجرومين, والصد عن فعلاتهم, وإن فعل الواحد منهم وفعل.
وإذا كانت "ظاهرة التجريح " وقيعة بغير حق, فإن " منح الامتياز " بغير حق, يفسد الأخلاق, ويجلب الغرور والاستعلاء, ويغُرُّ الجاهلين بمن يضرهم في دينهم ودنياهم.
ولهذا ترى العقلاء يأنفون من هذه الامتيازات السخيفة, وتأبى نفوسهم من هذه اللوثة الأعجمية الوافدة. [ص:14_16]
نصر الظالم والمظلوم:
من قواعد الملة: " نصر المسلم أخاه المسلم ظالماً أو مظلوماً."
نُصرتُهُ ظالماً, بالأخذ على يده, وإبداء النصح له, وإرشاده وتخليصه من بناء الأحكام على الظنون والأوهام, وإعمال اليقين مكان الظن, والبينة محل الوسوسة, والصمت عن القذف بالباطل والإثم, ومبدأ حسن النية, بدل سوء الظن والطوية, وتحذيره من نقمة الله وسخطه.
ونُصرتُهُ مظلوماً, بردع الظالم عنه, والإنصاف له منه, والدفع عن عرضه وكرامته, وتسليته, وتذكيره, بماله من الأجر الجزيل, والثواب العريض, وأن الله ناصره _ بمشيئته _ ولو بعد حين.
وهذه النصرة لهما من محاسن الإسلام, وأبواب الجهاد.[ص:18]
فتنة مضلة:
في عصرنا الحاضر يأخذ الدور في هذه الفتنة دورته في مسلاخ من المنتسبين إلى السنة مُتلفعين بمرط ينسُبُونه إلى السلفية _ ظلماً لها _ فنصبوا أنفسهم لرمي الدعاة بالتهم الفاجرة, المبنية على الحجج الواهية, واشتغلوا بضلالة التصنيف.
وهذا بلاء عريض, وفتنة مضلة في تقليص ظلً الدين, وتشتيت جماعته, وزرع البغضاء بينهم, وإسقاط حملته من أعين الرعية, وما هنالك من العناد, وجحد الحق تارة, ورده أخرى. ويا لله كم صدت هذه الفتنة العمياء عن الوقوف في وجه المدّ الإلحادي, والمدّ الطرقي, والعبث الأخلاقي, وإعطاء الفرصة لهم في استباحة أخلاقيات العباد, وتأجيج سبل الفساد والإفساد.
وبالجملة فهي فتنة مضلة والقائم بها "مفتون" و "منشقون" عن جماعة المسلمين[28
إلى من رُمي بالتصنيف ظُلماً:
1-استمسك بما أنت عليه من الحق المبين من أنور الوحيين الشريفين, وسلوك جادة السلف الصالحين, ولا يحركك تهيج المرجفين, وتباين أقوالهم فيك عن موقعك فتضل.
2- لا تبتئس بما يقولون, ولا تحزن بما يفعلون, وخذ بوصية الله سبحانه لعبده ونبيه نوح عليه السلام {وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون} [هود:36] ومن بعد أوصى بها يوسف عليه السلام أخاه {قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون} [يوسف:69]
3- ولا يثنيك هذا " الإرجاف " عن موقفك الحق, وأنت داع إلى الله على بصيرة, فالثبات الثبات متوكلاً على مولاك, والله يتولى الصالحين, قال الله تعالى: {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل} [هود:12]
4- ليكن في سيرتك وسريرتك من النقاء, والصفاء, والشفقة على الخلق, ما يحملك على استيعاب الآخرين, وكظم الغيظ, والإعراض عن عِرض من وقع فيك, ولا تشغل نفسك بذكره, واستعمل: " العزلة الشعورية "
فهذا غاية في نبل النفس, وصفاء المعدن, وخلق المسلم.
وأنت بهذل كأنما تُسفُّ الظالم الملّ.
والأمور مرهونة بحقائقها, أما الزبد فيذهبُ جُفاء.[ص:70_71_72]
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: