شوقا إلى رمضان
وفي طريقنا إلى الله نحيي قلوبنا بتذكر شهر الصيام والقيام، شهر الله، شهر القرآن العظيم
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمد النبي الرسول الأمين، أما بعد:
فالحياة دار عمل، وقاعة انتظار للأجل، ينتظر كلُّ إنسان فيها دوره القادم لا محالة، قال الله سبحانه وتعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 26، 27].
وفي طريقنا إلى الله نحيي قلوبنا بتذكر شهر الصيام والقيام، شهر الله، شهر القرآن العظيم، قال عز وجل: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185]، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم: «قد جاءكم شهر رمضان، شهر عظيم مبارك» شوقًا إليه وفرحًا به، بإحدى المحطات المهمة، إحدى الشعائر العظيمة، قال الله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، وقال أيضًا: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184]، تمر إتباعًا، وتنقضي سراعًا، يتعلم الإنسان فيها الصبر، وتجتمع في شهر رمضان أنواع الصبر الثلاثة: صبر على طاعته، وعلى ترك معصيته، وصبر على أقدار الله المؤلمة.
في مدرسة الصيام، يستيقظ الإنسان من الغفلة، يتجدد الإيمان، تسمو روحه بالفضائل بصالح الأعمال، يتحرر من الرذائل والأخلاق السيئة، يحاول لعله يوفَّق للإخلاص، يقترب من الله بسنة نبيِّه صلى الله عليه وسلم؛ ليعيش الإسلام الحق، وليتزود لبقية الشهور.
وبين رمضان ورمضان سيرٌ إلى الله وعهد، وجهاد واجتهاد، وعمل ليدرك الإنسانُ نفسَه، ويغتنم مواسم الخير في شهر كلُّه مغفرة ورحمة وعتق من النار، وهذا الاستعداد لا بد أن يحمله كلُّ مسلم ومسلمة ليزكِّيَ به نفسه، قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 9، 10]؛ ليتخلص من الذنوب والآثام، ليصفي قلبه من الشوائب والأدران، ليكون كالزجاجة المصمتة، فهنيئًا لمن خرج من دار الانتظار إلى دار القرار وقد حقَّق التقوى وأحسن العمل، وكان له بذلك حسن الختام.
اللهم ارحم موتانا موتى المسلمين، وبلِّغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين.
- التصنيف: