طلب العلم من أسباب دخول الجنة

منذ 2021-11-21

طلب العلم عملٌ جليل صالح، يزيل الجهل، ويصحح العبادات، ويزيد العابد استشعارًا بعباداته، ويتعرف على مكنونات الشريعة وأحكامها، وينشر ذلك بين عباد الله تبارك وتعالى، وهو سبيل عظيم لدخول الجنان، بل هو من أعظم وأيسر السبل لبلوغها برحمة الله تبارك وتعالى.

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه ومصطفاه، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

 

إن طلب العلم عملٌ جليل صالح، يزيل الجهل، ويصحح العبادات، ويزيد العابد استشعارًا بعباداته، ويتعرف على مكنونات الشريعة وأحكامها، وينشر ذلك بين عباد الله تبارك وتعالى، وهو سبيل عظيم لدخول الجنان، بل هو من أعظم وأيسر السبل لبلوغها برحمة الله تبارك وتعالى.

 

ويظهر هذا جليًّا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة»، إن هذا الحديث العظيم أوضَحَ أن هذا السبيل هو من أيسر السبل وأقربها إلى الجنة، كيف ذلك؟

 

نعرف هذا من خلال ثلاثة ألفاظ في الحديث السابق، وهي لفظة "طريقا"، ولفظة "يلتمس"، ولفظة "علما"، فلفظة "طريقا" هي نكرة توحي بأنه إذا سلك أيَّ طريق للعلم النافع فإنه بإذن الله موصِّل إلى الجنة ولو كان يسيرًا، أيضًا كلمة "يلتمس" هي توحي بالعلم ولو بالقليل جدًّا؛ ولذلك قال لمن أراد أن يتزوج قال: «التمس ولو خاتمًا من حديد»، فكلمة يلتمس تشعر ولو كان قليلًا، أيضًا الكلمة الثالثة "علما" وهي نكرة يعني: أي علمٍ نافع، فمن الممكن لعامة الناس - ناهيك عن طلاب العلم - أن يسلك ذلك المسلك.

 

فلو أن واحدًا من آحاد الناس انتظم عند مقرئ للقرآن ليقرأ عليه ولو قصار السور ليصحِّح له أخطاءه، فهو قد سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، ولو أن أحدًا قرأ من كتاب ولو صفحة واحدة يوميًّا يبتغي بذلك العلمَ، فهو قد سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، ولو أنه جمع أسئلة بين الفينة والأخرى ثم سأل عنها أهل العلم، فهو قد سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، وهكذا كما ترى أخي الكريم أن الأمر سهل ويسير، ولله الحمد والمنة.

 

أما طلاب العلم الذين انتظموا عند علمائهم عكفوا على ذلك، فهؤلاء طبقات عليا، لهم منا البشرى والدعاء أن يزيدهم الله تعالى من فضله ويثبِّتهم عليه، لكن إن لم تكن من هؤلاء فكن في طلب العلم، ولو من الطبقة الدنيا المذكورة آنفًا؛ ففيها خير عظيم مع مضيِّ الوقت، وعليك بتعليم الآخرين ما تعلَّمتَه وأتقنته؛ حتى تحوز بالحديث العظيم الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض، وحتى النملة في جحورها، والحوت في بحره - لَيُصَلُّونَ على معلِّم الناس الخيرَ))، فقد اشتمل هذا الحديث على عمل ونتيجة؛ أما العمل فهو تعليم الناس الخيرَ، وأما النتيجة فهي أن هؤلاء المذكورين في الحديث كلهم يصلُّون عليك، فما أيسَرَه من عمل وأعظَمَه من ثواب!

 

فكن متعلمًا ومعلمًا، ففي كل مجلس تجلسه حاول أن تذكر لمُجالسيك شيئًا مما تعلَّمتَه، ولو كنا كذلك في مجالسنا لزالَ كثير من الجهل، ولتصحح كثيرٌ من المفاهيم، ولكانت مجالسنا عامرة بالخير، تحفُّها الملائكة وتغشاها الرحمة وتنزل عليها السكينة، إن طلبك للعلم ولو بالقليل سيزرع عندك المحبة لأهل العلم ومجالستهم والبحث معهم، وسيردُّك عن كثير من الشر من آفات اللسان، وسيحيي فيك العزيمة على العمل الصالح، وهذا كلُّه من مسبِّبات أن يكون طلب العلم طريقًا إلى الجنة؛ لأنك بذلك سلكتَ سبيلها، وهذا هو من أعظم سبلها، لكن كن حذرًا - وفَّقك الله وأسعدك وأثابك - أن تقول على الله بلا علم، أو أن تبلِّغ عباد الله ما لم يأمرهم به الله، فبادِر عندما تُسأل ولا تَعلم أن تقول: "لا أعلم"؛ فإن صاحب السؤال وقع في مشكلة يريد مَن يخرجه منها، وأنت في سؤاله لك وقعت في مشكلة تريد الخروج منها بجوابك عليه الجوابَ الصحيح عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام، فإن لم تجد فقل: "لا أعلم"؛ فإنَّ حلَّ مشكلتك أنت هي أولى بك من حلِّ مشكلة ذلك السائل.

 

أسأل الله تبارك وتعالى لنا جميعًا العلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

  • 7
  • 2
  • 2,066

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً