مصير الإنسان بعد موته
وَلَو أَنَّا إِذا مُتنا تُرِكنا *** لَكانَ المَوتُ راحَةَ كُلِّ حَيِّ وَلَكِنَّا إِذا مُتنا بُعثِنـا *** وَنُسأَلُ بَعدَ ذا عَن كُلِ شَـيِّ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} [آل عمران: 158].
تأمل مصير الإنسان بعد موته!
إنه ليس مصيرًا مجهول ما يتوهم بعض الناس، بل هو معلومٌ تمامَ العلمِ، مصيرُ كلِ إنسانٍ إلى اللَّهِ تَعَالَى؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأنعام: 60].
إنما المجهول هو ما يفضي إليه أمر أغلب الناسِ، إلى الجنة أو إلى النار عياذًا بالله؟
وهنا مكمن الخوف، وهو ما يؤول إليه أمر العبدِ؟
إلى الجنة فيسعد سعادةً لا شقاءَ بعدها أبدًا، أو إلى النارِ فيشقى شقاءً لا سعادةَ بعده أبدًا؟
وما الموت إلا انتقالٌ من حياةٍ إلى حياةٍ، من حياة الدنيا إلى حياة البرزخ، ثم حياة أبدية في الجنة أو في النار.
وليس الخوف من الموتِ أو القتلِ، إنما الخوف مما يعقب ذلك.
وَلَو أَنَّا إِذا مُتنا تُرِكنا *** لَكانَ المَوتُ راحَةَ كُلِّ حَيِّ
وَلَكِنَّا إِذا مُتنا بُعثِنـا *** وَنُسأَلُ بَعدَ ذا عَن كُلِ شَـيِّ
فالْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وعلم أنه موقوف بين يدي الله تعالى ومسؤول، فأعدَّ للسؤال جوابًا، فهذا الذي يرجو لقاء الله تعالى، ولا يبالي على أي جنب كان في الله مصرعه.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ، كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ» »، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ؟ فَكُلُّنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ، فَقَالَ: «لَيْسَ كَذَلِكِ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ اللهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ، أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، فَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا بُشِّرَ بِعَذَابِ اللهِ وَسَخَطِهِ، كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ، وَكَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ»[1].
[1] رواه البخاري- كِتَابُ الرِّقَاقِ، بَابٌ: مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، حديث رقم: 6507، ومسلم- كتاب الْعِلْمِ، بَابُ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ، حديث رقم: 2684
___________________________________
المؤلف: سعيد مصطفى دياب
- التصنيف: