السير في المحل!

منذ 2021-11-29

وهكذا تسير في محلها تلك الأمم التي لا يجاوز رد فعلها على اعتداء غيرها، مجرد شعارات رنانة لا طائل من ورائها سوى إرهاق الحناجر

تلك حال من لا يتحول قوله إلى فعل حسن! لا يخطو إلى الأمام خطوة، ولا يتقدم! لا يحقق نجاحا جديرا! يظن أنه يسير! لكنه يسير في المحل!

وهكذا من لا يتحول مظهره الجميل وكلامه الحسن إلى نية صادقة، وعمل خالص؛ فهو وإن جمل مظهره وحسن كلامه، لم يراوح مكانه، فيستمر سيره في المحل، وهو يظن أنه يسير!

فمكرور الكلام الجذّاب، والتظاهر بالمظهر الجميل، وإن كثر، لا يعني سوى السير في المحل! ومهما كرّرنا وردّدنا كلاما على مواقع التواصل الاجتماعي، وأبدينا صفحة الوجه الحسن، ونحن نعترك في ميادين الحياة، مع إضمار القبح في القلوب، لم يكن لذلك سوى معنى واحد: أقبح أنواع الكذب!

فكم لقينا ونلاقي وشاهدنا ونشاهد من أناس يبدون كل جميل في وجه زملاء العمل، لكنهم يكيدون لهم بحيل يعجز عنها فكر الشياطين! وكم ألفنا ونألف وصادفنا ونصادف من يكتب على مواقع التواصل كل قول نبيل، وكل حديث شريف، لكنه في واقع الحياة وحقيقتها أبعد الناس عن ذلك.

وهكذا تسير في محلها تلك الأمم التي لا يجاوز رد فعلها على اعتداء غيرها، مجرد شعارات رنانة لا طائل من ورائها سوى إرهاق الحناجر بما لا جدوى منه! فالأمم لا تتقدم إلا بتغيير ثقافتها، وإخلاص أفرادها في واقع حياتهم.

فالأمم التي ترقى، تفك قيودها، تتحلل من عوائقها، تنتقل من تقدم إلى تقدم، ومن كشف إلى كشف، ومن نجاح إلى نجاح! تتقدم في سباق الأخلاق! يؤثر القوي فيها الضعيف، والغني فيها الفقير! ويكون البذل والتطوع ومساعدة الغير في هذه الدول، ثقافة شعب وفكره!

فليس من بُدّ سوى التحرر من القول إلى الفعل، ومن المظهر إلى الجوهر، ومن الادعاء إلى الإثبات، ومن الكذب إلى الصدق، ومن الرياء إلى الإخلاص، ومن الغرور إلى التواضع، لكل من أراد ألا يسير في المحل!

هاني مراد

كاتب إسلامي، ومراجع لغة عربية، ومترجم لغة إنجليزية.

  • 1
  • 0
  • 867

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً