أشبالنا الصغار (1)
إن للسنوات الأولى في حياة الصغير أهمية كبرى ويتعين ألا يستهان بها في تكوين الشخصية المستقبلية للصغار وزمن الصغر وزمن الأشبال يقصد به من الصغر حتى البلوغ فإن زمن الصغر هو زمن غرس كثير من المفاهيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
إن للسنوات الأولى في حياة الصغير أهمية كبرى ويتعين ألا يستهان بها في تكوين الشخصية المستقبلية للصغار وزمن الصغر وزمن الأشبال يقصد به من الصغر حتى البلوغ فإن زمن الصغر هو زمن غرس كثير من المفاهيم والتي يجب على الوالدين الاهتمام بها لا كما ينظر إليها الكثير على أنها مرحلة لا تدرك ولا تفهم، فإن هذه النظرة نظرة قاصرة فإن الكبار مازالوا يتذكرون ما تلقوه من مفاهيم سلبية أو إيجابية، ومع الأسف أن الواقع عند بعض الآباء والامهات عدم الاهتمام بهذه المرحلة وتركها يتربى الصغير كيفما اتفق، ولو سألت أبا أو أما فقلت ما خطتكما في تربية صغاركما لكان الجواب من البعض لا يوجد خطة معينة وإنما يجعلون الخطة وليدة الحدث، فهم يقومون بالرعاية ظنا منهم أنهم يقومون بالتربية ففرق شاسع بين التربية والرعاية، وسنقف مع موضوع الأشبال في حلقتين متتاليتين إن شاء الله، وسأعرض في هذه الحلقة الأولى عشرين وقفة مع واجبنا تجاه الصغار.
الوقفة الأولى:
معاشر الآباء والأمهات املؤوا أذهانكم بأن صغاركم اليوم هم رجال الغد بإذن الله تعالى، فما تريدونه منهم غدًا أسسوه اليوم من المفاهيم والاستراتيجيات والخطط وليكن على مستواهم الذهني وأمامكم سنوات كثيرة وهي إلى البلوغ لتطبقوا تلك الخطط والمفاهيم وترسموها في أذهانهم فهل سيتناقش الوالدان في خطة سنوية لهذا الشبل ويتم تقييمها في نهاية العام؟ فإننا عندما نتعامل معه فلسنا نتعامل مع جهاز يمكن استبداله ونحو ذلك، ولكن لنفهم جيدًا أن هذا الصغير هو من مخرجاتنا التربوية والإصلاحية وهو من صدقاتنا الجارية وهو الذخر لنا وقرة العين بإذن الله تعالى فلنجتهد على تربيته ونشأته.
الوقفة الثانية:
ليكن الوالدان قدوة صالحة لأطفالهم وصغارهم ولا يستهينوا بذلك فهم يسجلون جميع توجيهات الوالدين ويعتبرونها صحيحة وهي الحكم في أذهانهم عند الخلاف مع أحد، وأشد من ذلك أن يؤمر الصغير بالإيجابية ويرى غيرها في الواقع، كمن يأمرهم بالصدق ويكذب عليهم ونحو ذلك، فالقدوة والاقتداء مطلب كبير في تحصيل التربية السليمة، ومما يؤسف له كثيرًا أن الأب قد يعمل أمرًا سلبيًّا ولا يريده لولده كمن يدخن أمام أولاده مثلا وهنا يضطرب ذهن الطفل أو الشبل عندما يرى مثل هذه المشاهد المؤسفة.
الوقفة الثالثة:
إن الصغير بهذه المرحلة يستقبل غرس المفاهيم الإيجابية وتكرارها عليه بأكثر من أسلوب حتى تتأسس وتستقر في عقله وذلك بالأسلوب المناسب لمستواه واطلب منه تطبيقها حسب استطاعته ولو بنسبة ضئيلة فستتعمق جذورها لديه بإذن الله عز وجل.
الوقفة الرابعة:
من المهم جدًّا تعليمه يسير العبادات لتكون سياجًا له عن السلبية، وذلك كالأذكار الصباحية والمسائية وصلاتي الضحى والوتر والأذكار اليسيرة كالتسبيح مئة مرة ونحو ذلك مما يجعله ينشأ عليها ويعتادها وتكون صدقة جارية لوالديه.
الوقفة الخامسة:
لدى بعض الأطفال الشكلية الصورية بحيث يقلد الكبار في عباداتهم وأخلاقهم من دون أن يدرك معناها ومضامينها، فمن الممكن الحديث معه عن ذلك بشكلٍ مبَسَّطٍ.
الوقفة السادسة:
من الجميل جدًّا تلقين الصغار من الأطفال الكلام الحسن ليكون مبدأ كلامهم، يقول إبراهيم التيمي - رحمه الله -: (كان السَّلفُ يستحبون أول ما يفصح الصبيُّ أن يلقِّنوه كلمةَ لا إله إلا الله محمد رسول الله وأمثالها).
وكانت أم أنس بن مالك رضي الله عنهما تلقنه كلمة التوحيد قبل الفطام.
الوقفة السابعة:
مما يقترح في جانب الأولاد عمومًا والأطفال خصوصًا ترتيب خطة معينة لحفظ الأذكار في اليوم والليلة والحث على تطبيقها فلو حفظ في كل أسبوع ذكرًا فسيحفظون خلال عام خمسين ذكرًا. وهذا مخزون تربوي إيماني كبير لعله أن يكون صدقة جارية يمتد إلى الأحفاد.
الوقفة الثامنة:
اصطحب صغيرك معك فيما يمكن صحبته فيه حتى يتعلم ويدرك ويفهم السؤال والجواب والخطاب فإن المدارك كثيرًا ما يفتحها الميدان العملي وهذا مما يزيل عنه الرهاب الاجتماعي ويزيده ثقة بنفسه.
الوقفة التاسعة:
ليحرص الوالدان على اللباس الساتر للصغيرات لينشأن على الستر بخلاف ما يشاهد عند بعض الأسر مما يؤسف له من لباس بحجة أنها صغيرة، فماذا ستلبس إذا كبرت وقد نشأت على ذلك، فمن المهم تعويدها من الصغر على الحشمة والستر المناسب لها في سنها وعمرها.
الوقفة العاشرة:
قد يحصل بين الصغار مشاكل يسيرة قد يصلحونها هم فيما بينهم فلا ينبغي للوالدين أن يضعا أنفسهما لكل شيء من مشاكل الأولاد لأنهما بذلك سيهدران بعض جهدهما في أشياء لا تستحق الجهد.
الوقفة الحادية عشرة:
لا تحرص على ضرب الصغير عند حصول الخطأ، ولكن احرص على تعليمه فضربه قد لا يحقق الهدف بقدر ما يحققه تعليمه وإرشاده؛ لأن ألم الضرب سيزول وينساه الصغير لكن التعليم والإرشاد يبقى في ذهنه.
الوقفة الثانية عشرة:
احرص على استراتيجية التشجيع والتحفيز عند كل ايجابية تراها فهذا التشجيع هو جزء كبير في تربية الصغير على اعتياد الإيجابيات وستلاحظ تكاثرها عنده فهو يفرح ويسعد بتشجيعك.
الوقفة الثالثة عشرة:
لا يستهن الوالدان الكريمان بأسئلة الصغار خصوصًا الإيمانية والعقدية منها، فالحوار معهم فيها يوضح لهم الشريعة حسب مستواهم وإدراكهم مع ما فيه من توسيع المدارك والتآلف والتعاطف معهم، فقد يسأل الصغير أحيانا أسئلة غريبة عند الكبار لكنها عنده طبيعية فلنتحملها ولنناقشها معه بالأسلوب المناسب بيانًا للحق وإدراكًا له، وأحيانًا البعض يتهرب من الإجابة عليها إما انشغالًا أو أنها غير ذات أهمية له لكنها للصغير تعني الكثير وتجاهلها يؤثر سلبًا على هذا الصغير فقد يجد جوابها على غير الوجه الصحيح من غير مصادرها الصحيحة.
الوقفة الرابعة عشرة:
علموا صغاركم مبادئ الأخلاق القولية والفعلية حتى يتخلقوا بها وتسلم صدورهم وقلوبهم وذلك كالاحترام والتقدير والمحافظة على الممتلكات والصدق والأمانة والسلام والحياء ونحو ذلك.
الوقفة الخامسة عشرة:
عليك بتأخير وسائل التواصل عن الصغار ما أمكن إلى ذلك سبيلا لأنه شبل وقد لا يدرك ما فيها من مفاسد، فمما يؤسف له عند بعض الآباء أن يجعل وسيلة من وسائل التواصل هدية نجاح ونحوه وهي إذا لم تكن في مستواها العمري فهي قد تهدم ما تم بناؤه تربويًّا.
الوقفة الخامسة عشرة:
تابعه دراسيًّا وتربويًّا وبين زملائه ومع أساتذته حتى يتكامل الدور التربوي لهذا الشبل.
الوقفة السادسة عشرة:
علمه الصفة الصحيحة للصلاة واصطحبه وراقبه وهو يصلي لتلاحظ عليه أخطاءه فتوضحها له حتى لا يتقدم بالسن وهو على تلك الأخطاء فمن الضرورة بمكان أن تصحح له أفعال الصلاة وأقوالها.
السابعة عشرة:
اعلم أن بدايات غرس الإيجابيات هو في زمن الصغر فلا تستصغر ابنك أو ابنتك عن مفهوم تربوي مناسب أن توضحه لهما في الأسلوب المناسب.
الوقفة الثامنة عشرة:
إذا حضر المناسبات العائلية فحاول تعريفه بأقاربه وصلته بهم وبيان أسمائهم وذلك بجلسة ثنائية بينكما أثناء المناسبة حتى يتعرف على أقاربه تمامًا وهذا جزء من الصلة لهم.
الوقفة التاسعة عشرة:
في المكتبات كتيبات هي أسئلة وأجوبة للصغار تربوية وعلمية، حاول اقتناءها وعرضها عليه وحواره حولها.
الوقفة العشرون:
من الخطأ أن يلبي الوالدان كل طلبات الصغار - فقد يطلبون شيئًا ليس بصالحهم - محاولين توفير البديل المناسب لهم.
أيها الوالدان الكريمان هذه عشرون وقفة مع الأشبال لابد من العناية بها والاهتمام بتفعيلها.
أسأل الله تعالى لنا ولهم الصلاح والإصلاح والهدى والتقى وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
_________________________________________
المصدر:
اللجنة العلمية في مكتب الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في جنوب بريدة
- التصنيف: