الدعاء عند إغماض الميت
رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي سَلَمَةَ، وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَـرُ»، فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَقَالَ: «لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ»، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ»[1].
معاني الكلمات:
شَقَّ: أي فتح بصره.
فَضَجَّ نَاسٌ: أي ارتفعت أصواتهم.
يُؤَمِّنُونَ: أي يقولون: اللهم استجِب لهم.
المَهْدِيِّينَ: أي الذين هداهم الله للأعمال والأقوال الصالحة.
عَقِبِه: أي ذريته.
الْغَابِرِينَ: أي الباقين.
اخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ: أي عوَّضه في ذريته.
المعنى العام:
دخل النَّبِي صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة بعدما تُوفِّي أبو سلمة فوجده، النبي صلى الله عليه وسلم فاتحًا بصره، فأغمضه النَّبِي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: «إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَـرُ»؛ أي: نظر إليه البصر، وصار منظره مُشِينًا، فلما قال النَّبِي صلى الله عليه وسلم هذا، ارتفعت أصوات بعض الحضور، فقال النَّبِي صلى الله عليه وسلم: «لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ»، وعلل ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّ المَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ»؛ أي: تدعو الله عز وجل أن يستجيب لكم بما دعوتموه، ثم دعا النَّبِي صلى الله عليه وسلم لأبي سلمة رضي الله عنه: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ»: أي استر ذنوبه وتجاوز عنه، «وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي المَهْدِيِّينَ»؛ أي: الذين هداهم الله عز وجل للأعمال والأقوال الصالحة، «وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ»؛ أي: اخلُفه في ذريته الباقية بحفظهم ورعايتهم، «وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ»؛ أي: ووسِّع قبره ونوِّره له.
الفوائد المستنبطة من الحديث:
1- استحباب الدُّعَاء بالخير عند الميِّت؛ لأن الملائكة تُؤَمِّن على الدعاء.
2- من الآداب التي ينبغي فعلها عند المحتضر بعد موته: تغميض عينيه.
3- كراهة الدُّعَاء بالشر عند الميت.
4- تقرير مبدأ الإيمان باليوم الآخر.
5- تقرير مبدأ الإيمان بعذاب القبر ونعيمه.
6- الأَوْلى عند الدُّعَاء أن يبدأ الداعي بنفسه ثم يدعو لمن شاء.
7- تقرير مبدأ الإيمان بالملائكة.
8- من وظائف الملائكة: أن منهم ملائكة موكلة بقبض الأرواح.
9- حرص النَّبِي صلى الله عليه وسلم على دخول أصحابه رضي الله عنهم الجنة.
10- حرص النَّبِي صلى الله عليه وسلم على تعليم أمته وعنايته بهم.
[1] صحيح: رواه مسلم (920).
____________________________________________
الكاتب: د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
- التصنيف: