(3) طرق وسبل التغلغل التنصيري
إبراز نماذج لطرق وسُبُل وخطط، ينتهجها المنصِّرُون للتسلُّل داخل الأسرة عبر المرأة، وقد صاغها المنصرون في خمسة مقترحات، أسفر عنها أعمال المؤتمر التنصيري المنعقِد في الولايات المتحدة الأمريكية بكلورادوا سنة 1978م، هي:
- التصنيفات: اليهودية والنصرانية - قضايا المرأة المسلمة -
بعد أن أشرنا في المقالينِ السابقينِ إلى أن قضيَّة المرأة أصبحت في الآونة الأخيرة مفتاحًا فعالاً؛ للتغلغُل في قلب المجتمعات الإسلامية، نصل في هذا المقال الثالث إلى إبراز نماذج لطرق وسُبُل وخطط، ينتهجها المنصِّرُون للتسلُّل داخل الأسرة عبر المرأة، وقد صاغها المنصرون في خمسة مقترحات، أسفر عنها أعمال المؤتمر التنصيري المنعقِد في الولايات المتحدة الأمريكية بكلورادوا سنة 1978م، هي:
1- احترام أسلوب الحشمة، والفصْل بين الجنسين.
2- الاهتمام بنشاطات النساء في بُيُوتهنَّ.
3- الاعتراف بسُلطة الرجال الذين هم رؤساء الأسر.
4- البحث عن نساء متدينات أو زعيمات في مجتمعاتهن، من أجل العمل من خلالهن.
5- أن تقدم قوة روح المسيح بديلاً نصرانيًّا لتأثير الشيطان في حياة النساء المسلمات[1].
وخلاصة القول: إن آمال المنصِّرينَ في التنصير تعلَّقت بالنساء، وذلك حين اعتبروها المفتاح لذلك؛ لكن ليس كل النساء المسلمات تعقد عليهنَّ مثل هذه الآمال؛ بل إنهن النساء اللواتي يلجأن "إلى الصالحين والأرواح والطلاسم والشعوذة والسحر"[2].
وهكذا تتنوع أساليب المنصرين، وتتعدد وسائلهم، فلا تعدو جميعها أن تكون سوى فخاخ للصيد[3]، والذي يؤسف له أنَّ التنصير ليس غاية في ذاته؛ لأنه لا يدعو إلى حق تدعمه الأدلة العقلية والعلمية، بقدر ما يدعو إلى دين تعرَّض للتحريف والتبديل في أصوله الأولى، ولا يتمسك أتباعه به إلا بدافع التعصب الأعمى[4].
لقد أشاد البابا يوحنا بولس الثاني بالدور الكبير الذي تقوم به المرأة في مساعدة الكنيسة للقيام بدورها التنصيري، فيقول في إحدى كتاباته: "شكرًا لكِ أيتها المرأة العاملة، المنخرطة في جميع قطاعات الحياة الاجتماعية والاقتصادية، والثقافية والفنية والسياسية؛ من أجل مساهمتك التي لا بديل عنها في تطوُّر الثقافة، من شأنها أن تقرن العقل بالعاطفة، وفي نظرة للحياة منفتحة أبدًا على معنى السر الخلاصي في المسيحية، فأنتِ هكذا تساعدين الكنيسة والبشرية كلها على أن تجيب بنعم العروس؛ أي: الكنيسة"[5].
إنَّ المُحَاوَلاتِ التنصيريةَ ما زالت دؤوبة لإخراج المرأة المسلمة من سَمْتها وحشمتها؛ بحجة التحضُّر والانطلاق، ثم إقحامها في أنشطة اجتماعية وسياسية ليستْ بالضرورة في حاجة إليها، ودائمًا ما يكثرون الحديث عن موقف الإسلام من المرأة، فيما يتعلق بحقوقها وواجباتها من موازين ومنطلقات غربية، وغريبة عن طبيعة الإنسان بعامة، والمرأة فيه بخاصة"[6].
إذًا؛ فقضيةُ المرأة - في الحقيقة - هي قضية انحراف الأمة عنِ الدين، تبعه انحراف وتخلُّف في جميع مجالات الحياة، وما حدث للمرأة من عدم إعطائها حقوقها، وعدم وضعها في الموضع اللائق بها - هو تحصيل حاصل، ونتيجة منطقية لتخلُّف الأمة عن دينها.
وعليه؛ فالقضية الحقيقية التي يجب أن تدرك هي قضية أننا أمة يتآمر عليها الغرب؛ لسحقها منَ الوُجُود[7]، وما شعارات الحوار التي ترفع هنا وهناك، وما مؤتمرات التسامح والتعايش التي تعقد هنا وهناك، إن هي إلا ذرٌّ للرماد في العيون، فما قيمة الحوار الذي يظل حبيس الرفوف، لا يغادر جدار صالات الفنادق الفخمة التي يقام فيها، ولا يتحول إلى واقع مُعاش، وما قيمة التسامح والتعايش في أن تُمْنع المرأة المسلمة من ممارسة حريتها في ارتداء حجابها؟! فتمنع عنها وظائف؛ بل يحال بينها وبين حقها في التعليم، حتى في أعرق الدول المتبجحة بالحرية والمساواة.
الأجدر أن تخجل الدول الغربية من مثل هذه الحماقات وأن تسترها، لا أن تسعى لتبريرها بحماقات أفظع من قبيل: أن المرأة المحجبة تخيف الأطفال؛ كما قيل في إحدى المقالات عن سبب منع محجبات من مواصلة تعليمهن في إحدى المدارس الثانوية بأوربا.
وفي كلمة أخيرة: إنَّ قضية التنصير ليست قضية دعوة إلى الدين النصراني - كما يتوهم البعض - لأن العلمانيين الذين أنكروا الدين وأغلقوا الكنائس لا يمكن أن يكونوا متحمسين لنشر النصرانية، وهم الذين حاربوها وأوقفوا زحفها، واستأصلوها من حياتهم[8].
[1] "التنصير خطة لغزو العالم الإسلامي، المداخل النصرانية للمرأة المسلمة"؛ فالير هوفمان، م س، ص: 880. بتصرف.
[2] المرجع نفسه، ص: 876.
[3] عبدالعزيز بن إبراهيم العسكر، "التنصير في الخليج العربي"، م س، ص: 64.
[4] عبدالرحمن الميداني، "أجنحة المكر الثلاثة وخوافيها"، ص: 71- 72.
[5] "رسالة البابا يوحنا بولس الثاني"، 21 حزيران، يونيو 1995م، ص: 5.
[6] "التنصير: مفهومه، وأهدافه، ووسائله، وسبل مواجهته"؛ علي إبراهيم النملة، ص: 49-50.
[7] "التنصير بمكائد الاستشراق والتبشير"؛ محمد رشدي أبو شبانة، الطبعة: 1997.- ص: 101.
[8] "الصورتان الأخيرتان لمذكرتين تنصيريتين"؛ الأولى لسنة 2007، والثانية لسنة: 2005.
_______________________________________
الكاتب: محمد السروتي