خبيب بن عدي : الإعدام صلباً
من عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بكرامات الأولياء وأنها حق، وهي خوارق العادات التي يخرقها الله لبعض أوليائه
- التصنيفات: التاريخ والقصص -
بقلم
محمد عبد الونيس
خبيب بن عدي -رضي الله عنه- آمن بالنبي – صلى الله عليه وسلم- ودخل الإسلام في قلبه ، واشتاقت نفسه للجهاد في سبيل الله ، فجاءت الفرصة في غزوة بدر ، وما إن اصطف الفريقان ، وبدأت المعركة ، حتى كان خبيب كالأسد الهصور، يقاتل يمنة ويسره ، ويصول ويجول بسيفه ، فهو فارساً مغوارا ، باسلاً شجاعاً ، مقاتلاً مقداماً ، لا يهاب العدو ، فكان سيفه يحصد في المشركين حصدا ، فقتل بسيفه الحارث بن عمرو بن نوفل( مشرك)
فلما علم بنو الحارث بمقتل أبيهم على يد خبيب قرروا الانتقام من خبيب وكان خبيب -رضي الله عنه- عابداً ناسكاً ، يقوم الليل ويصوم النهار ويحفظ القرآن ، في شهر صفر من السنة الرابعة من الهجرة أرسلت قبيلتان من القبائل العربية المجاورة للمدينة المنورة ـ عضل والقارة ـ وافدهم إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقالوا: يا رسول الله إن فينا إسلاما فابعث معنا نفراً من أصحابك يفقهوننا في الدين ويقرئوننا القرآن ويعلموننا شرائع الإسلام، ولما كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حريصاً على نشر الإِسلام وإظهاره استجابة لأمر الله ـ عز وجل ـ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة : 67]
فقد استجاب لهم وبعث لهم عشرة من أصحابه ، وهنا تظهر مدى رأفة النبي -صلى الله عليه وسلم- ورحمته ومحبته الخير لكل الناس فلم لا وقد قال عنه ربه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء : 107]
فكان النبي -صلى الله عليه وسلم-يحزن ويتألم حينما يرى نفساً لا تؤمن بالله قال تعالى : { {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} } [الشعراء : 3]
لذلك أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم-عشرة من خيرة أصحابه يمتازون بالعلم ومعرفة شرائع الإسلام ، وكان منهم: خبيب بن عدي، مرثد بن أبي مرثد، خالد بن أبي البكير، معتب بن عبيد، عاصم بن ثابت، زيد بن الدثنة، وعبد الله بن طارق .. فلما وصلوا إلى مكان يُسمى الرجيع بين عسفان ومكة، ونمى خبرهم إلى حيّ من هذيل يقال لهم بنو لحيّان ، غدروا بهم ، فسارعوا إليهم بمائتي رجل من أمهر رماتهم، وراحوا يتعقبونهم، ويقتفون آثارهم، وكادوا يزيغون عنهم، لولا أن أبصر أحدهم بعض نوى التمر ساقطا على الرمال، فتناول بعض هذا النوى وتأمله ثم صاح: (انه نوى يثرب، فلنتبعه حتى يدلنا عليهم ). وساروا مع النوى المبثوث على الأرض، حتى أبصروا على البعد الصحابة، وأحس عاصم أمير العشرة أنهم يطاردون، فدعا أصحابه إلى صعود قمة عالية على رأس جبل، واقترب الرماة ، وأحاطوا بهم عند سفح الجبل إحاطة السوار بالمعصم ، وأحكموا حولهم الحصار، ودعوهم لتسليم أنفسهم بعد أن أعطوهم موثقاً ألا ينالهم منهم سوء، وهنا قال عاصم بن ثابت الأنصاري: (أما أنا، فوالله لا أنزل في ذمّة مشرك.. اللهم أخبر عنا نبيك ) .. وشرع الرماة يرمونهم بالنبال، وهنا طالت سيوف الغدر أميرهم عاصم واستشهد، وأصيب معه سبعة واستشهدوا، ونادوا الباقين، أنّ لهم العهد والميثاق إذا هم نزلوا، فنزل الثلاثة: خبيب بن عديّ وصاحباه، واقترب الرماة من خبيب وصاحبه زيد بن الدّثنّة فربطوهما، ورأى زميلهم الثالث بداية الغدر، فقرر أن يموت، حيث مات عاصم وإخوانه، واستشهد، حيث أراد. وهنا تظهر خسة ونذالة الكفار فالكفر كله ملة واحدة لا عهود ولا أمان ولا مواثيق ، وهذا بخلاف المسلم الذي يحافظ على العهود ولا يخون ولا يغدر قال النبي-صلى الله عليه وسلم- :
أدِّ الأمانةَ إلى منِ ائتمنكَ ، ولا تخنْ من خانكَ
الراوي : يوسف بن ماهك المكي المحدث : الألباني
المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 3534
خلاصة حكم المحدث : صحيح
. وحاول خبيب وزيد أن يخلصا من وثاقهما، ولكنه كان شديد الأحكام، وقادهما الرماة البغاة إلى مكة، وهنا جاءت الفرصة سانحة لبنو الحارث ؛ فسارع بنو الحارث بن عمرو بن نوفل إلى شراء خبيب ؛ لينتقموا من خبيب فهو قاتل أبيهم الحارث في غزوة بدر ، وأخذوا يعدّون لمصير يشفي أحقادهم وغليلهم ، ووضع قوم آخرون أيديهم على صاحب خبيب زيد بن الدّثنّة وراحوا يصلونه هو الآخر عذابا. أسلم خبيب قلبه، وأمره ومصيره لله رب العالمين ، ودخلت عليه يوماً إحدى بنات الحارث الذي كان أسيراً في داره ، فرأته يحمل قطفاً كبيراً من عنب يأكل منه، وكان موثقاً في الحديد ولا يوجد بمكة كلها ثمرة عنب واحدة، ولم يكن هذا إلا رزق رزقه الله خبيباً. يا الله! كيف يأكل فاكهة في غير ميعادها ؟ إنها قدرة الله الذي يقول للشيء كن فيكون !
ولم العجب ! فهذه العذراء البتول مريم ابنة عمران قال تعالى : { { كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} } [آل عمران : 37] نعم هو من عند الله . وهنا تظهر معية الله مع عباده المتقين ، فهذا خبيب يأكل قطفاً من عنب مع أنه موثق بالحديد ، ولا يوجد عنب بمكة ولا بغيرها ، حقاً : { {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)} } [يونس : 62-64]
نعم : {۞ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} [الحج : 38]
طلب خبيب من إحدى بنات الحارس ( موسى) ليستحد به (حلق شعر العانه) فأعطته (الموسى) وغفلت عن ابن لها حتى ذهب الولد إلى خبيب فأجلسه على فخذه وفي يده (الموسى) فانتبهت بنت الحارث إلى هذا المشهد ؛ فإذا بها تكاد أن تصرع من هول الصدمة ؛ ظناً منها أن خبيباً سيقتله انتقاما ، لقد رأى خبيب الخوف في عينيها ولكنه قال لها ، أتخشين أن أقتله ؟
لا تخافي فأنا لا أقتله إن شاء الله .
وهنا تظهر أخلاق المسلم ، فقد كان بإمكان خبيب أن يقتله انتقاما ولكنه لم يفعل ؛لأنه ليس من أخلاق المسلمين الغدر والخيانة، بل الوفاء والأمانة ، فكانت تقول (ما رأيت أسيراً قط خيراً من خبيب) . وحمل المشركون إلى خبيب نبأ مصرع زميله وأخيه زيد – رضي الله عنه – وراحوا يساومونه على إيمانه، ويلوحون له بالنجاة إذا كفر بمحمد، ولك أن تتخيل أن أحدنا كان مكان خبيب أسيراً ، مقيداً بالحديد ، ينتظر السيف يقطع رأسه في كل لحظه ، وفجأة جاء من يقول سأطلق سراحك ؛ ولكن بشرط ؛ أن تكفر بدين محمد ، ماذا كان يصنع أحدنا ؟ ، الله أعلم بالأحوال حينها ، هل كان الشيطان سيتلاعب برؤسنا ؟
أم أن الله سيرزقنا الثبات حينها؟ اللهم ارزقنا الثبات على دينك حتى الممات ، ولكن خبيب كان له رد حاسم ، لن أكفر بمحمد ، وعندما يئسوا منه، قادوه إلى مصيره، فلما خرجوا به من الحرم إلى (التنعيم) ليقتلوه جعلوا يساومونه على إيمانه لكنهم كانوا كمن يحاول اقتناص الشمس برمية نبل, أجل كان إيمان خبيب كالشمس قوة ونورًا. وما إن بلغوا (التنعيم ) حتى استأذنهم خبيب في أن يصلي ركعتين، وأذنوا له، وصلى خبيب ركعتين في خشوع وسلام، وتدفقت في روحه حلاوة الإيمان، فودّ لوأطال في صلاته ، ولكنه ألتفت إلى قاتليه، وقال لهم: (والله لولا أن تظنوا أن بي جزعاً من الموت، لازددت صلاة ). ثم رفع ذراعيه نحو السماء وقال: (اللهم احصهم(اهلكهم) عدداً .. واقتلهم بدداً(متفرقين) ) .. ثم تصفح وجوههم في عزم وراح ينشد:
لقد جَمّعَ الأحزابُ حَولِي وألّبوا ... قبائلَهُمْ واستَجْمَعُوا كُلَّ مَجمَعِ
وكلُّهُمُ مُبدي العداوةِ جاهِدٌ ...
عليَّ لأنّي في وَثاقي بِمَضْيَعِ
وقد جمَّعوا أبناءَهُمْ ونِساءَهُمْ ... وقُرِّبْتُ مِنْ جِذْعٍ طَويلٍ مُمَنَّعِ
إلى اللهِ أشْكُو غُرْبَتي ثُمَّ كُرْبَتي ... وما أرصدَ الأحزابُ لي عندَ مَصرعَي
فَذَا العرشِ صَبِّرْني على ما يُرادُ بِي ... فقد بضّعوا لَحْمي وقدْ يَاسَ مَطْمَعي
وذلكَ في ذاتِ الإلهِ وإنْ يَشَأْ ... يُبارِكْ على أوصالِ شِلْو مُمَزَّعِ
وقد خَيَّرُوني الكُفرَ والموتَ دُونَه ... وقدْ هَمَلَتْ عَيْنايَ من غَيرِ مَجزَعِ
وما بي حَذارُ الموتِ، إني لميّتٌ ... ولكنْ حَذاري جُحْمُ نارٍ مُلَفَّعِ
فلستُ أُبالي حِينَ أُقتَلُ مُسلِماً .. على أيِّ جَنْبٍ كانَ في اللهِ مَصرَعي
ولستُ بمبدٍ للعدو تخشُّعاً ... ولا جزَعَاً، إنّي إلى الله مَرجِعي
وهنا قد اجتمعت محكمة الكفر والضلال ، المحكمة القرشية ، برئاسة صناديد الكفر من قريش وأصدرت حكمها الظالم (بالإعدام صلباً على خبيب) ما هي تهمة خبيب الحقيقية ؟
إنها الإيمان بمحمد؟
وكانت هذه المرة الأولى في تاريخ العرب التي يصلبون فيها رجلاً، ثم يقتلونه فوق الصليب، وذلك أن الحقد قد أعمى قلوبهم ، فقد أعدّوا من جذوع النخل صليباً كبيراً ثبتوا فوقه خبيبا، واحتشد المشركون في شماتة ظاهرة، ووقف الرماة يشحذون رماحهم، وبدأت الرماح تنوشه، والسيوف تنهش لحمه، وهنا اقترب منه أحد زعماء قريش وقال له: أتحب أن محمدا مكانك، وأنت سليم معافى في أهلك؟ .. فقال: والله ما أحبّ أني في أهلي وولدي، معي عافية الدنيا ونعيمها، ويصاب رسول الله بشوكة – ففي الحديث- : «كُنَّا مع النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو آخِذٌ بيَدِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، فَقالَ له عُمَرُ: يا رَسولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أحَبُّ إلَيَّ مِن كُلِّ شَيْءٍ إلَّا مِن نَفْسِي، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَا، والَّذي نَفْسِي بيَدِهِ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْكَ مِن نَفْسِكَ، فَقالَ له عُمَرُ: فإنَّه الآنَ، واللَّهِ، لَأَنْتَ أحَبُّ إلَيَّ مِن نَفْسِي، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الآنَ يا عُمَرُ »
[الراوي : عبدالله بن هشام المحدث : البخاري المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم : 6632 خلاصة حكم المحدث : صحيح]
وقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
- «لا يُؤْمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من ولدِهِ ، ووالدِهِ ، والناسِ أجمعينَ»
[الراوي : أنس بن مالك المحدث : الألباني المصدر : صحيح الجامع الصفحة أو الرقم : 7582 خلاصة حكم المحدث : صحيح]
ياالله أي حب هذا الذي من أجله تبذل الروح رخيصة؟
أي حب هذا الذي تمزق فيه الأجساد وتسال فيه الدماء وصاحبها صابر ثابت ثبات الجبال؟ إنه حب الله ورسوله ، نعم فليس هناك شيء في الوجود يستحق أن تبذل فيه نفسك ومالك وكل ما تملك إلا حب الله وحب رسوله ، وهكذا فعل خبيب ليعطينا درساً كيف يكون البذل والتضحية؟ وكيف تكون المحبة ؟
قال سعيد بن عامر: (شهدت مصرع خبيب وقد بضعت قريش لحمه ثم حملوه على جذعة فقالوا: أتحب أن محمدًا مكانك؟، فقال: والله ما أحب أني في أهلي وأن محمدًا شيك بشوكة )
وكان لهذا الموقف الأثر الكبير في نفوس المشركين، لما رأوا من حب وتعظيم الصحابة للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، حتى قال أبو سفيان ـ رضي الله عنه ـ قبل إسلامه: ( ما رأيت أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمدٍ محمدا ) . كان خبيب عندما رفعوه إلى جذوع النخل التي صنعوا منها صليبا، قد يمّم وجهه شطر السماء وابتهل إلى ربه العظيم قائلاً: (اللهم إنا قد بلّغنا رسالة رسولك فبلّغه الغداة ما يصنع بنا ).. واستجاب الله لدعائه، فبينما الرسول في المدينة اوحى الله إليه بأن أصحابه في محنة، . ودعا المقداد بن عمرو، والزبير بن العوّام، فركبا فرسيهما، ومضيا يقطعان الأرض وثبا، وجمعهما الله بالمكان المنشود، وأنزلا جثمان صاحبهما خبيب . فرحم الله شهيد الحق ، الذي لم يخش إلا الله ، ولم يخف في الله لومة لائم ، وقال كلمة حقٍ عند قومٍ جائرين ، وثبت الله رجال الحق حينما يقفون على أعواد المشانق.
وفي هذه القصة تبرز مسألة عظيمة وهي مسألة الكرامات فقد وقع في هذه القصة عدة كرامات وهي
١-خبيب -رضي الله عنه- يأكل قطفاً من عنب وهو مقيد بالحديد ولم يكن بمكة عنباً يومئذٍ
٢-النبي – صلى الله عليه وسلم- يعلم بما وقع لأصحابه في نفس اليوم
٣-ما حدث مع عاصم بن ثابت –رضي الله عنه-
هذا الفارس الشجاع الذي رفض الاستسلام للكفار؛ عاصم بن ثابت -رضي الله عنه- فقد نثر عاصم كنانته فيها سبعة أسهم فقتل بكل سهم رجلا من عظماء المشركين ثم طاعنهم حتى انكسر رمحه ثم سل سيفه وقال ( اللهمّ انى حميت دينك صدر النهار فاحم لحمى آخره ) ، وقُتِل بالنبل ، وكان عاصم نذر ألا يمس مشركاً وقد وَفَّىٰ – رضي الله عنه- فلم يمس مشركاً ، وَوَفَّىٰ الله له بعد موته فمنع جسده من المشركين ؛ وذلك لأنهم بعد قتله أرادوا أن يحتزوا رأسه ، لسلافة بنت مسافع والتي قد نذرت أن تشرب في رأسه خمراً ووهبت لمن يأتي برأسه مائة ناقه ؛ لأنه قتل ولديها مسافع وجلاس ابني طلحه العبدري ، فأرادوا أن يحتزوا رأسه ليذهبوا به اليها فبعث الله مثل الظلة من الدٓبْر أى الزنابير فحمته فلم يستطيعوا أن يحتزوا رأسه فقالوا أمهلوه حتى يمسى فتذهب عنه فلما أمسى أرسل الله سيلا فحمله الى حيث أراد الله فسمى حمى الدبر وذلك يوم الرجيع ، فهذه كرامة لعاصم ابن ثابت – رضي الله عنه- ولكن يبرز هنا سؤال....
هل الكرامة حقيقة أم خرافة؟
هل يؤمن المسلم بالكرامات؟
قال الشيخ ابن باز: ( من عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بكرامات الأولياء وأنها حق، وهي خوارق العادات التي يخرقها الله لبعض أوليائه إما لحاجة به، أو لإقامة حجة على أعداء الله لنصر الدين وإقامة أمر الله ـ عز وجل ـ، فهي تكون لأولياء الله المؤمنين، تارة لحاجتهم كأن يسهل الله له طعاماً عند جوعه، أو شراباً عند ظمئه لا يدرى من أين أتى، أو في محل بعيد عن الطعام والشراب أو نحو ذلك، أو بركة في طعام واضحة، أو غير ذلك من خوارق العادات، والميزان في ذلك أن يكون مستقيماً على الكتاب والسنة ) .
وقال ابن تيمية: ( ومن أصول أهل السنة والجماعة: التصديق بكرامات الأولياء وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات، وأنواع القدرة والتأثيرات، كالمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها، وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر قرون الأمة وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة ) .
بقلم
محمد عبدالونيس